| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

تحسين المنذري

Tahsin515@hotmail.com

 

 


 

                                                                                      الجمعة 1/3/ 2013

 

الى أين يتجه التيار الصدري ؟

تحسين المنذري

كانت آخر فعاليات التيار الصدري في الاعتصام أمام البرلمان العراقي مؤشرا هاما على ما وصل اليه التيار من تدني في الحضور الجماهيري ومحاولات التشبث بأي شيئ من أجل البقاء !!!فلم يستطع أربعون نائبا يمثلون التيار في البرلمان من فعل شيئ لتصديق الموازنة ، بل وربما لم يفهم جلهم ماذا تعني الموازنة وماهي تفصيلات بنودها ، فإضطر منظروا التيار الى اللجوء لتحشيد الشارع كعادتهم حيث يضعون عنوانا ـ شعارا ويحشدون له دون توعية الناس بمضامينه ، وتلك من سمات التيار مذ نشوئه العلني قبل ما يقارب العشرة أعوام والى اليوم . فقد تكون التيار على خلفية التحشيد الذي قاده السيد محمد صادق الصدر تحت غطاء حكومة البعث المقبور ، ليمتد الى مابعد السقوط بنفس التوجه في تجييش العامة والاستفادة من الاسم والتاريخ دون روابط الامتداد الفكري والنضالي لآهم رمز في التيار بل وفي الحركة الاسلامية الشيعية العراقية هو السيد محمد باقر الصدر ، وهكذا تكوّن التيار من خليط غير متجانس من حيث التوجهات والانحدارات الطبقية ، والرغبات والنوايا وصولا الى طرائق العمل بين الجماهير ، فقد بدأ التيار أولى خطواته بجريمة إغتيال شهيرة ذهب ضحيتها السيد عبد المجيد الخؤي ، ولم يعلن التيار عن أية ملامح فكرية متميزة عن التنظيمات الشيعية الاخرى ، فقد كان السيد مقتدى الصدر اللاعب الابرز إعلاميا متنقلا في الهوى والتصريحات مابين الوحدة الوطنية والاخوة الاسلامية ومابين تشكيل جيش المهدي المتهم بكل رموزه بجرائم قتل وحشية بحجة الدفاع عن الشيعة ضد محاولات السنة في العودة الى التفرد بالحكم ، ذلك الجيش الذي لم يسلم من عدوانيته وجرائمه حتى الشيعة أنفسهم ، فإصطدم مع حكومة الشيعة بقيادة المالكي لان وجوده صار مهددا حقيقيا لبقاء الشيعة في قيادة الحكومة بل والعملية السياسية نفسها ، فكانت العمليات العسكرية التي سميت بـ "صولة الفرسان " في البصرة أهم معاقل الحركة الاسلامية الشيعية ، كانت تلك الضربة التي أسقطت ميليشيا مقتدى الصدر وأدت الى إنهيارها في بقية المدن والقرى العراقية ، والى قطيعة سياسية تامة هرب إثرها السيد مقتدى الصدر الى الجارة الام إيران والتي لعبت بدورها الدور الابرز لاحقا لعودة المياه الى سواقيها رغم ما يحمله طرفا النزاع من ضغينة كل تجاه الاخر برزت بشكل أكبر عام 2011 بعيد مغادرة قوات الاحتلال الاميركي العراق ودعوة المالكي لعصائب أهل الحق للدخول في العملية السياسية واطلاق سراح زعيمها قيس الخزعلي الذي كان معتقلا في سجون الاحتلال ، فقد فهم التيار الصدري تلك الفعلة محاولة من المالكي لتحجيم دوره والاتيان بمنافس قوي قد يقضي على قواعده او في الاقل يضعفها . لقد سبق ذلك زيارة مقتدى الصدر الى قطر الدولة الاكثر عداءا لحكم الشيعة في العراق والتي أعتبرت مؤشرا سلبيا ليس على الصعيد السياسي الشيعي بل وحتى في الأوساط الشعبية من المؤيدين الشيعة للتيار لما يحملوه من نظرة عداء لقطر وحكامها ، في المقابل فإن إيران لم تعد كما عهدها سابقا تثق بالسيد مقتدى الصدر وربما أعطت بذلك الضوء الاخضر لاخرين في الانقضاض على مواقع التيار الصدري حيث يجري التركيز على المجلس الاعلى وبعض أجنحة حزب الدعوة ، حتى جاءت أخيرا المظاهرات الاحتجاجية في بعض المحافظات العراقية لتكشف الغطاء عن التيار الصدري من جانبين : الاول هو رفض المحتجين في الانبار إستقبال وفد التيار في ساحات إحتجاجهم متذكرين جرائم ميليشيا التيار بحق ابناء طائفتهم في بغداد والمحافظات الاخرى المختلطة مذهبيا ، مما أسقط بيد السيد مقتدى الصدر دعوته الى الوحدة الوطنية والاخوة الاسلامية وغيرها من الشعارات التسويقية التي كان يعتمدها التيار ،كما أعادت رغبة زيارة وفد التيار الى الانبار تذكر زيارة مقتدى الصدر الى قطر حيث أعتبر الكثير من العامة موقفه هذا إمتدادا لتلك الزيارة ، أما الجانب الثاني فقد كان الاعلان عن تشكيل ميليشيا جديدة تحت إسم جيش المختار وإعلان مؤسسيها عن انخراط الالاف من ميليشيا المهدي في صفوفها رغم تكذيب التيار الصدري لهذا الخبر لكن كما يبدو فإن ضيق الساحة الراغبة في العودة الى الاحتراب الطائفي تجعل أمر تصديق قول قادة ميليشيا المختار أكثر قبولا . لذلك كانت عملية الاعتصام أمام البرلمان محاولة إستعراض قوة وإثبات وجود بعد كل التدهور الذي حصل في شعبية التيار الصدري والذي يهدد بدوره قوة تمثيله في إنتخابات مجالس المحافظات القريبة .

لم يستطع التيار الصدري على مدى عشرة أعوام من تحديد الرافعة الاجتماعية ـ الطبقية التي يعتمدها لمشروعه ، بل بقي تيار شعبويا بلا ملامح ، ولم يتمكن قادته ورموزه من رسم ملامحا فكرية للتيار تختلف أو تتبنى توجها راديكاليا او منفتحا أو أي شيئ آخر فقد إستمرت الاراء والتصريحات التي يطلقها رموزه متباينة بل وفي كثير من الاحيان متناقضة ولم نسمع عن وثيقة فكرية أو تعبوية أصدرها التيار يحدد فيها ملامح التوجهات الفكرية التي يعتمدها ، وسياسيا لم يتمكن التيار من وضع إطار محدد لتحالفاته ففي وقت يشكل فيه التيار جزءا هاما من التحالف الوطني ، يتحالف التيار بشخص قائده السيد مقتدى مع كتلة العراقية والتحالف الكردستاني لغرض سحب الثقة عن رئيس الحكومة المعين من قبل التحالف الوطني نفسه !! مما أفقده ثقة السياسيين جميعا لهذا الموقف المتناقض ، كما لم يسلم ممثلو التيار من تهم الثراء غير المشروع والفساد الاداري والمالي والتجاوزات القانونية وغيرها من ملامح الساسة الطارئين الجدد.

مما تقدم يبدو إن مستقبل التيار مهدد بخطر الاضمحلال أو ربما الزوال ، إذا ما أستمر بنفس نهجه الحالي دون تغيير ، لكن فرصة ظهور تيار صدري آخر معتدلا متوازنا قد تكون أكثر حضورا الان إذا ما تبناها السيد حسين إسماعيل الصدر الذي أثبت على مدى العشر سنوات الاخيرة إتزانا وإعتدالا وأكثر قبولا في الاوساط الشعبية وعند الكثيرين من المسلمين على إختلاف عقائدهم وعند معتنقي الاديان الاخرى .   
 

 

 

free web counter