| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

تحسين المنذري

Tahsin515@hotmail.com

 

 


 

الجمعة 1/1/ 2010



توحيد الحقول المشتركة مع دول الجوار :
بيع بخس للثروات الوطنية

تحسين المنذري

أثارت ازمة حقل الفكة التفطي مع الجارة ايران الكثير من ردود الفعل المتباينة داخل الاوساط الحكومية والسياسية العراقية ، وجاء التباين تبعا لأهواء القوى التي حاول كل منها أن يصور الامر بطريقته بحثا عن شئ ما ليس مجهولا للمراقبين، لكن مما يثير الحفيظة بشكل مزري هي الرسالة التي بعث بها السيد وزير النفط الى السيد وكيل الاستخراج للعمل مع ايران لتوحيد الحقول المشتركة ، وأكدالسيد الناطق الرسمي بلسان الوزارة والذي لم ينفِ مضمون الرسالة ، إلى إن الوزارة توصلت الى اتفاقية مع الكويت بهذا الصدد ايضا . ويبدو للوهلة الاولى إن مثل هذا الحل من شأنه أن يبعد عن العراق وجيرانه خلافات مستديمة تتعلق بالحدود اصلا ومنها المناطق النفطية المتنازع عليها. ورغم إن ما تسرب من الرسالة لم يشر الى حيثيات الانتاج والاستخراج بالتفصيل ، فمن سيقوم بذلك هل شركات الدولتين أم يمنح استثمارا لشركات اجنبية ، أوبأشراف من سيكون وكيفية التعامل مع هكذا حالات ؟ كلها اسئلة وغيرها الكثير تحتاج الى اجابات قبل التقدم بمثل هكذا ، إلا إن مثل هذا الحل يفترض شروطا موضوعية وذاتية تتحقق في كلا البلدين اللذين يتفقان على توحيد الحقول المشتركة . لعل في مقدمة ذلك هو توفر النزاهة والشفافية ووجود خبرات وطنية قادرة على التفاوض ووجود ارادة صادقة في حل مثل هذه المشاكل بطرق سلمية صحيحة وقبل هذا وذاك لابد من التكافوء بين البلدين الموقعين على مثل هكذا إتفاقيات ، وهنا مكمن المشكلة الرئيسية عند العراق تحديدا ، فالبلد يمر بظروف صعبة قل نظيرها ومازال يشكو قلة الموارد الاقتصادية وضعف إداء الاجهزة الامنية والجيش تحديدا ،وتغييب متعمد لأهم كفاءاته العلمية ومنها النفطية تحديدا ، ووجود تضارب فاضح بين أركان حكمه إستنادا الى المحاصصة الطائفية التي أتت بهم الى سدة الحكم ، بحيث هناك من يدعو الى السكوت عن إحتلال ايران لابار حقل الفكة ، بالمقابل فإن إيران أو الكويت تتمتعان بأستقرار اقتصادي نسبي إلا إنه أعلى من أستقرار العراق حتما بعدة مرات ، وفي العراق جيش لم يقو َ على طرد عشرة جنود ايرانيين من موقع بئر واحد ،وإيران تحتفظ بجيش وأجهزة مخابرات تملك خبرة حروب داخلية وخارجية وتدخلات إقليمية كبيرة والفساد المالي والاداري يطال تقريبا جميع مؤسسات الدولة ولم يسلم منها وزير النفط نفسه بدليل إستدعائه من قبل البرلمان في قضية لم تنته بعد الى الان ، والعراق ضعيفا دبلوماسيا وقانونيا بدليل إستطاعة الكويت من منع إستيراد طائرات للنقل المدني منذ عدة سنوات دون أن يستطيع العراق الحصول على حقه في الطائرات رغم دفعه أثمانها الباهضة !! وغير هذا وذاك الكثير مما يجعل العراق في موقع الاضعف في أي تفاوض تجاري أو دبلوماسي أو لترسيم الحدود حتى ، فكيف به يخوض مفاوضات لاستثمار حقول مشتركة ، والسيد وزير النفط لا تخفى عليه كل هذه المعلومات إن لم يكن يعرفها هو بشكل شخصي فإن مستشاريه الشخصيين ومستشاري الحكومة على إطلاع بالموضوع فكيف له أن يجروء على طرح هذه الفكرة والتفاوض عليها مع إيران أثناء زيارته الميمونة لطهران ؟ أم هو يعلم بكل هذا ويريد ـ عن قصد ـ أن يحصل ما يحصل ولتذهب ثروات العراق فداءا لعيني اصدقائه الايرانيين ؟

إن على العراق الان أن يضغط بإتجاه واحد فقط هو إيقاف إستثمار الحقول المشتركة بينه وبين جيرانه ، من قبله ومن قبل جيرانه في نفس الوقت ، حتى وإن إقتضى الامر إستحصال قرارا من الامم المتحدة بذلك ، وفي كل دول المنطقة، بما فيها العراق ، هناك حقول وموارد أخرى تمكنها من تسديد كل نفقاتها ويفيض . أم إن السيد وزير النفط يسير متفاعلا مع المشروع الاميركي الذي يقضي بأن يكون تصدير العراق وخلال الخمس سنوات القادمة إثنا عشر مليون برميل يوميا في سرقة واضحة لثروات العراق وهدر لامواله لحساب المحاصصين الطائفيين الرعاة الحقيقيين للفساد الاداري والمالي وللمفسدين ، ودون أن يكون هناك تخطيط لإقامة مشاريع إقتصادية تشكل ركائزا حقيقية للتطور الاقتصادي العراقي في المستقبل .
 


 

free web counter