| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

تحسين المنذري

Tahsin515@hotmail.com

 

 


 

الجمعة 15/8/ 2008



لماذا كركوك الان ؟

تحسين المنذري

احتلت قضية كركوك في قانون انتخابات مجالس المحافظات اهمية كبيرة جدا وسُلطت الاضواء على المشكلة وكأنها تبرز للمرة الاولى ، وتداعت الاحداث وتصاعدت التصريحات والتصريحات المضادة وبرزت مواقف متعصبة عند مختلف اطراف المشكلة وجرى التصعيد ليس فقط في الجانب السياسي وانما امتد ليمس اولا الجانب الامني حيث التفجير الذي شهدته مدينة كركوك يوم 24/تموز وكذلك التفجيرات التي تلاحقت في مدن اخرى لم يغب نصيب بغداد العاصمة عنها رغم الهدوء الذي ظهر في الاشهر الثلاثة الاخيرة ، والموضوع لم ينته بهذا الحد فمازالت التفاعلات الظاهرة منها والخفية تغلي ولا احد يعرف ما سيؤول اليه الامر مستقبلا رغم كل محاولات التهدئة والتدخلات الاممية والاميركية والعربية ، فلِمَ حدث كل هذا ؟ أليست كركوك محافظة عراقية حالها حال بقية المحافظات التي لم ترتبط بأقليم ، وبالتالي فأن فقرات القانون ممكن ان تسري عليها كسريانها على البصرة وبابل والموصل وكذا بقية محافظات العراق ؟ الا ان التصعيد سرى كالنار في الهشيم ولم يستطع احد الى الان ايقافه فلماذا ؟
لقد بدأت المشكلة عندما كان مجلس النواب يبحث اصدار قانون انتخابات مجالس المحافظات غير المرتبطة باقليم حيث تقدمت جهة ما بطلب جعل كركوك اربعة دوائر انتخابية استثناءا عن بقية المحافظات التي تشكل دائرة انتخابية واحده ، وتفاعل الموقف وازداد التعقيد حدة واستغل البعض القضية محاولا تجاوز المادة 140 من الدستور التي تخص كركوك واستعصى الامر لحد اليوم على مجلس النواب الذي يتمتع اعضاءه الان بعطلتهم الصيفية رغم التهاب المشكلة . وتتبع بسيط يظهر ان القضية اكبر من مشكلة اسمها كركوك فرغم النواقص التي تراها اطراف اخرى في القانون مثل قضية المرأة والقائمة المفتوحة وتجيير المقاعد الخالية الى القوائم الكبيرة وايضا كما يثبت البعض قضية استغلال الرموز الدينية ومراكز العبادة للدعاية الانتخابية كنقص في القانون ورغم اهمية تلك القضايا الا انها بدت ثانوية ازاء كركوك المحافظة العراقية ذات الخصوصية المميزة اقتصاديا وديموغرافيا ورغم وجود خارطة طريق لحلها متمثلة بالمادة 140 من الدستور ، الا ان ماحدث يكشف ان العملية السياسية العراقية تعاني من هشاشة حقيقية وجمرات تستتر خلف رماد سرعان ما يزول مع اول نسمة وليس عاصفة .وما حدث في جلسة البرلمان ليوم 22/7 يعد تراجعا بحق في سيرالعملية السياسية يؤكد ان الاساسيات التي استندت اليها العملية السياسية المتمثلة في المحاصصة الطائفية ـ الاثنية غير مجدية كأقل وصف لها ولابد من الانتقال الى شكل اخر من التحالفات السياسية وتوزيع الادوار والمناصب يستند اولا واخيرا الى برامج المكونات السياسية ونزاهة وكفاءة المروجين لها والداعين الى تنفيذها ، ان ماحدث في قضية قانون الانتخابات انما يؤشر الى وجود من لا يريد للديمقراطية ان تترسخ كوجود ملموس في كل مفاصل الحياة السياسية والاجتماعية ويحاول نقل الصراعات الى مستوى اكثر حدة لا فيصل فيه سوى العنف المسلح واراقة الدماء والذي لا يجدي حلا يخدم بناء الانسان ومستقبله وتأمين حياة مزدهرة للاجيال القادمة ، وانعكس التراجع في ترسيخ خطى الديمقراطية حيث يشكل انتخاب مجالس المحافظات استحقاقا هاما في تلك المسيرة ، انعكس على المواطن العراقي الذي ظهر عزوفه جليا عن التسجيل او اعادة التسجيل في سجل الناخبين فلحد الان كما تشير احصائيات المفوضية المستقلة للانتخابات ان عدد الذين راجعوا دوائر التسجيل لا يزيد عن مليون مواطن ومواطنة رغم كل الجهود المبذولة لحث الناخبين على مراجعة تلك الدوائر واعادة تجديد البيانات بالاضافة او الحذف فالنسبة لم ترتق الى الان عن الـ (8% ) مما يشكل تراجعا لابد من التوقف عنده . فالمستهدف اذاً ليس كركوك المحافظة او الاكراد كقومية او غيرهم كمكوّن وانما كل تلك الضجة تستهدف العراق كوطن يرنو الى الاستقرار والديمقراطية كنهج لادارة الدولة وفي التعامل بين المكونات والقوى السياسية وحتى ابسط ممارسات المواطن العراقي في كل مكان . فهل يغيب كل ذلك عن ذهن السياسيين ؟
 

free web counter