| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

تحسين المنذري

Tahsin515@hotmail.com

 

 


 

                                                                                      الأربعاء 13/2/ 2013

 

الوداع الاخير

تحسين المنذري

يعتصرك الألم ، قافلة أقمارٍ تمر أمامك ، وانت جليس الفضاءات الحزينة ، وذكريات منتشية بالحنين لماض ٍ لن يعود ، يوم إستسلمت وسلمت أمرك لوطن الوجع ، يوم قررت أن تكون خيطا من نسيج الحياة الخضراء ، يوم أنشدت مع الجموع " هبّوا ضحايا الاضطهاد" ، يوم إتشحت بالاحمر، مباهيا الاقران، ومتحديا أنّات أمك ودموعها ، يوم رسمت طريق الامال الوردية صحبة فتية تمردوا على كل القيم البالية ، حيث شد إعجابك هدوء وأناقة خالد حسين إطيمش ، وإبتسامة أحمد علي الجاسم وحكمته ، وأثارك شعر جبار حميد الشطري ، وهرولت خلف منعم ثاني علـّك تتعلم منه جديدا، لم يكن في حسبانك يومها إنك تودعهم كل يوم ، كل لقاء كان إيذاناً بقراق أبدي ، لم تكن تعي إنك في وطن لم يعطك فسحة معرفة أي شئ ، إلا الموت ، وحتى في هذا لم يعطك حق إختيار الطريقة ، فلم يكن بحسبان المنذري بديع إنه سيموت تقطيعا ، ولم يعرف حميد عبد الله إن الحبل سيخنقه ،ولم يعلم إبن عمك جعفر إنه قد شرب الثاليوم سما، ولم تدر ليلى المنذرية بأية طريقة تم......وت .

وأنت في صقيع منفاك ، وقد شاب الرأس حزنا ،وخوت عظامك بردا، لا تدفأ الا بذكرى بيت " أحمد علي الهاشمي " يوم دلفته للمرة الاولى ، حيث لم يجل بخاطرك وقتها إن هذا البيت سيـُفجع ، لكن أية فجيعة ، أية فجيعة تلاحقك حتى في نومك ، وعذاب عشقه الذي لم يتم ، كأنك كنت أنت العاشق الذي لم يهنأ ، كأنك كنت تعلم يوم ودعته بدموع تركت اخاديدا على وجنتيك .

وأنت تمشى اليوم وحيدا، تعود الى شوارع الوزيرية ، و سحر عبد المجيد تسير منصتة إليك فتحكي لها عن مهام المرحلة وتعزيز الجبهة ... أية جبهة تلك ؟ أية جبهة أكلتنا جميعا ،أية جبهة تلك التي أغمضت عيني سحر بكل سحرها ، يا لقسوة الجلاد، كيف تجرأ أن ينال من عنفوان وشموخ سحر ، ألا شـُلت الايادي التي إعتقلت وتلك التي عذبت وتلك التي أعدمت .

وأنت تنصت الى الاغاني ، لايقفز أمامك الا رحيم أبو أماني بصوته الجهوري ، بعذوبة غنائه ، وكأنه يعطي اللحن بـُعدا آخر ، يتسلل الى روحك ولا يغادرها ، تنتشي وأنت تتذكر يوم تحدى رحيم الجلادين وغنى في الزنزانة ، يوم أنشد " ما أكَدر والنبي أودّعك " وكأنه كان يدري إنه غادر أماني بلا وداع .

وانت تودع الروح عند من غادروك قسرا في زمن الدمار البعثي ليس لك إلا أن تنشد لهم  :

نودعكم ....
كوكبا.... كوكبا
بين صرير أبواب الزنازين ... وقعقعة سلاح السجانين المرتعدين خوفا
نهضتم
فارسا .... فارسا
جبالا طرزها بردي الهور
شقت عنان السماء
وأسرجت الليل نحو الرحيل الاخير
نفارقكم
واحدا ... واحدا
نحن الفانين بدنيا المسافات المطوية
بتقارير المخبر السري وسياط الجلاد
وأنين أمهاتنا ... عاشقات الحزن والسواد

* * *
يا وطن الحب والمواجع
يا وطن القتل البعثي المتجدد
كم حسين فيك قد قـُتل
وكم زينب ٍ سـُبيت
وكم أم ٍ للعباس قد ثـُكلت
وكم عروس ٍ للقاسم قد ترمـّلت
يا وطن العشق السرمدي
متى نقول وداعا للموت العبثي ؟

 

 

 

free web counter