| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

تحسين المنذري

Tahsin515@hotmail.com

 

 


 

                                                                                      الأحد 13/1/ 2013

 

مظاهرات 25 شباط 2011
ما لها ... وما عليها

تحسين المنذري

قبل عامين وفي أوج تطور ثورات الربيع العربي حاول العراقيون أيضا تجديد ربيعهم ، فكل العوامل المسببة لطلب التغيير قائمة ، والمزاج الجماهيري العام كان على أتم الاستعداد لنفض غبار الصبر والانتظار ، والان وبمناسبة ذكرى إنطلاق تلك المظاهرات ، ولأن العوامل الموضوعية مازالت قائمة ، بل إن الشرخ قد تعمق بين نظام الحكم والشعب ، فأزمة النظام وحدها كافية أن تكون سببا ، ناهيك عن إستمرار نقص الخدمات وإزدياد البطالة ونمو حجم الفساد المالي والاداري وفشل السلطات بكل تخصصاتها عن إيجاد حلول عملية للواقع المر الذي يعيشه العراقي ، وسيادة سياسة أزمة تعقبها أخرى  ، فإن دعوات عدة ظهرت لتجديد تلك الفعاليات بل وإن البعض منها يرى بتقديم موعدها الى 25 / كانون ثاني (يناير) الحالي ، مما يستوجب التوقف عند التجربة السابقة والبحث في أسباب عدم ديمومتها وعدم تمكنها من تحقيق مطاليبها وأهدافها وأيضا ماهي أبرز إيجابياتها ، وفي العودة الى تلك التجربة بودي التوقف عن أبرز الملامح لعل فيها من العِبـَر ما يفيد ليومنا هذا أو مستقبلا .

التوقيت: إختار المنظمون يوم 25 شباط  موعدا لإنطلاق المظاهرات ، وبدا جليا إن إختيارهذا التاريخ كان محاولة إستنساخ لموعد 25 يناير يوم بدء إنتفاضة مصر ، مما أوحى بالتقليد ، أو إن القضية هي مجرد محاولة لمواكبة أحداث الغير ، وكأن الوضع العراقي لا يحتاج الى مثل هذه التظاهرات ، كما إن هذا الموعد ربما شكل عامل ضغط لم يستطع معه المنظمون من ترتيب كل أوراقهم وإحتمالات الحدث ، حتى عندما هاجمت السلطة فكرة المظاهرة والمنظمين قبل إنطلاقها لم يستطع منظمو المظاهرة من المناورة وبقوا حبيسي الزمان والمكان الذي إختاروه ، كان الاجدر تفويت الفرصة على السلطات وتغيير الموعد تقريبا أو تأخيرا مع تهيئة كل وسائل التحشيد الممكنة .

المنظمون: أطلق منظمو المظاهرة تسمية شباب شباط على أنفسهم ، وهذه التسمية غير معروفة من قبل ولم يعلنوا عن هوياتهم السياسية ، مما أتاح الفرصة للسلطات بإتهامهم على إنهم بقايا النظام المقبور وأشاعوا فوبيا البعث في محاولة لتشويه صورتهم أمام الرأي العام العراقي والاجنبي ، كما إن جهات أخرى إستغلت هذه التسمية لتتبنى الدعوة للمظاهرات ، مما خلط الحابل بالنابل وجعل المواطن المتضرر المستقل يتهيب المشاركة خشية الوقوع في فخ الشبهات ، كان الاجدر أن يعلن المنظمون عن هوياتهم السياسية وبإسم منظمات مجتمع مدني أو أحزاب أو نقابات معروفة التوجه لكي يقطعوا الطريق على تشويه السلطة وعلى الدخيلين على المظاهرات

المكان: تشكل ساحة التحرير في بغداد رمزا مهما سيما إنها إقترنت بنصب الحرية الخالد وبالكثير من الفعاليات التي انطلقت منها في فترات زمنية متباينة وكان من حق المنظمين أن يختاروها ، لكن حينما تصدت السلطة لتلك الفعالية ومنعت التجوال في ذلك اليوم وأقامت الحواجز الامنية والكونكريتية لمنع وصول المتظاهرين للساحة ، لم يبادر منظمو المظاهرة الى المناورة وتغيير مكان التجمع أو الافضل إختيار أكثر من مكان في مناطق عدة من مدينة بغداد كأن يكون أكثرمن مكان في الكرخ  مثل ساحة اللقاء وعلاوي الحلة وآخر في البياع وأمكنة أخرى في الرصافةمثل مكان قريب من ساحة الميدان او شارع المتنبي وآخر في بغداد الجديدة أوالكرادة وغيرها لكي يسهل وصول المحتجين الى أقرب نقطة لهم ولتوسيع رقعة الاحتجاجات وأيضا لتشتيت جهد الاجهزة الامنية .

شعارات المظاهرة : تبنى منظمو المظاهرة منذ البداية الاعتدال في طرح الشعارات والاهداف التي قامت من أجلها المظاهرة ، فكان الشعار الاكثر ترديدا " الشعب يريد إصلاح النظام " ومن ثم جاء شعار " الشعب يريد إسقاط الفساد " بالاضافة الى شعارات أخرى بعضها وقتي وبعضها طارئ ، إن الشعارين الرئيسيين لم يكونا من النوع الجاذب للجماهير ففكرة الاصلاح تبدو أقرب الى الرومانسية السياسية منها الى العمل الجاد الواقعي أو هي لغة صالونات وحديث متخصصين في الشأن السياسي وليست لغة شارع يريد الخلاص مما هو فيه من وضع خدمي متردي وانحطاط في الاداء الحكومي يتوجه فساد لم يكن خافيا على أحد، كما إن إٍسقاط الفساد يبدو شعارا شبحيا فمن هو الفساد الذي يبغي المتظاهرون إسقاطه ؟ سؤال طرحه الكثيرون ممن شاركوا أو أرادوا المشاركة ، لذلك كان وجود آخرين إشتركوا في المظاهرات ورفعوا شعارات مثل إسقاط النظام أو مهاجمة سياسيين بالاسماء ، أكثر جاذبية من شعارات شباب شباط ، فالجماهير تبحث دائما عن الشعارات الاكثر راديكالية ، ذلك إنها ترى جهدها ووقتها الذي تبذله في المشاركة بهكذا فعاليات لابد أن تكون ثماره كبيرة وهذه لا تأتي من شعارات الا إذا كانت في منتهى الثورية والرفض

المساهمون في المظاهرات : تنوعت أهواء وتوجهات المشاركين في المظاهرات أيام الجمع ، وتحولت المظاهرات الى مجاميع لاتنسيق بينها ، ولا شعارات موحدة أو حتى متقاربة ، وتحولت ساحة التحرير وقتها الى ما يشبه ( الهايد بارك اللندني ) فتجد مجموعة من طلبة كلية بعينها هنا يهتفون ضد عميد كليتهم ويطالبون بتغييره ، ومجموعة هناك ممن يطرحون مشاكلهم فقط مع المجلس البلدي لمنطقتهم ،ومجاميع أخرى تطرح شعارات طائفية ،  ومجاميع أخرى تقف فقط متفرجة على ما يجري وهكذا ، كان الاجدر بكل المساهمين أن يبادروا الى اللقاء والبحث في كيفية توحيد جهودهم وإبعاد كل ما يثير الشبهات عن هوية المظاهرة مثل الطائفية وبقايا النظام المقبور ، والاتفاق على عمل أكثر تنظيما وتطورا في كل جوانبه سواءا في التحشيد أو التغطية الاعلامية وتوفير كل مستلزمات النجاح لهكذا فعالية ، والفرصة أتصورها الان أكثر نضجا لمثل هكذا تنسيق وعمل فالقوى غيرالطائفية وغير الملوثة بشبهة البعث وجرائمه كثيرة في المجتمع العراقي ومن مصلحتها التغيير وما يجري في البلد من تردي مريع في كل شيئ يشكل أرضا خصبة لتحريك الجماهير وتوعيتها بمسؤولياتها ودورها لاحداث النقلة النوعية المطلوبة .وهنا لابد من التأكيد على ضرورة الاتفاق على سلمية المظاهرات وإنها ضد المحاصصة الطائفية ـ الاثنية وضد كل ما انتجته من تشوهات في العمل السياسي ومحاولات البناء الديمقراطي .

لابد من القول : إن مظاهرات 25/ شباط / 2011 كشفت بحق رعب السلطات من التحركات الجماهيرية المطلبية والسياسية البعيدة عن الطائفية ، وما قامت به السلطة من إجراءات قمعية ومطاردات للناشطين فيها كشف زيف الادعاء بالديمقراطية وقبول الاخر ، وتجسد التراجع السلطوي أمام المتظاهرين بوعود المائة يوم التي لم ينفذ منها شيئا ومحاولات اجهزة السلطة في الالتفاف على المطاليب المشروعة وتحريك الاخر المساند للتوجهات الطائفية وذلك ما ظهر جليا عندما إستقدمت السلطات بعض أبناء العشائر من الفرات الاوسط ودست بينهم بعض المأجورين الذين قاموا بالاعتداء على المتظاهرين السلميين وتشتيت تجمعهم ، من هذا فإن الحراك الجماهيري كان مهما كتجربة يمكن إستلهام دروسها وتجاوز نواقصها إذا ماكانت هناك نوايا حقيقية للقيام بإحتجاجات جديدة بعيدة عن المسلك الطائفي ولا تبغي سوى التغيير نحو الافضل .

 

 

 

 

free web counter