| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

تحسين المنذري

Tahsin515@hotmail.com

 

 


 

                                                                                      الأثنين 12/12/ 2011

 

حذار كردستان ... حذار

تحسين المنذري

شهد إقليم كردستان – العراق مع بداية شهر ديسمبر الحالي حوادث أمنية خطيرة تمثلت بنزوع علني لقوى إسلامية نحو العنف في إعمال مشينة تطال الحريات الشخصية والاجتماعية ، وواجهتها بالمقابل أعمال لا تقل خطورة عنها في رد العنف بالعنف ، وشكلت حكومة الاقليم لجنة تقصي للحقائق أشك في صراحة إعلان نتائجها قبل حدوثه ، وذلك إستنادا على حقيقة مجمل الوضع في كردستان فالشفافية ليست على مستوى عال من التطور ، ولا توجد إستقلالية حقيقية لقضاء أو محاكم أو أية أجهزة تشريعية أخرى مع تبعية كل الاجهزة التنفيذية لمشيئة حكومة الاقليم وقواها المتنفذة وليس الى فيدرالية الاقليم ولا يوجد نظام مؤسساتي بالمعنى الصحيح ، وإتساقا مع اللجان الكثيرة جدا التي شكلتها حكومة المركز لتقصي مئات الجرائم والحوادث دون الاعلان عن نتائجها ، وسواءا كانت هذه الحوادث محلية بحتة ، أو ورائها قوى خارجية لاتريد الاستقرار لكردستان والعراق عموما ، أو هي رسائل إنذار بقادم أسوأ ، أو هي جس نبض لقدرة السلطات على مواجهة مثل هكذا أعمال وأفكار أو أي إحتمال آخر ، فإن هذه الحوادث تؤشر لحقائق مهمة لابد لقوى السلطة الكردستانية أن تعيها يمكن إجمالها بما يلي :
1- إن الديمقراطية ليست صندوق إنتخاب وحسب ، بل هي ثقافة لابد أن تسود كل مفاصل المجتمع الكردستاني بدءا من العائلة والمدرسة ووصولا الى أعلى قمة في هرم السلطة ، وهي تتناقض كليا مع القيم العشائرية السائدة في الاقليم ، وهي ممارسة يومية تكفل الشفافية في التعامل بكل مفاصل الحياة سياسية كانت أو إقتصادية أو أي قطاع أخر، وإن العنف والحلول الامنية لاتكفل الاستقرار والامان لأية بقعة في الكون وليس كردستان فحسب  .

2- إن إقليم كردستان ليس واحة في صحراء ، وهو ليس بمعزل عن كل ما يجري حوله سواءا في الداخل العراقي أو على صعيد المنطقة عموما ، لذلك فإن فكرة التعالي على مجمل ما يحدث في مناطق العراق الاخرى بحجة العزلة وعدم شموليتها الاقليم ، وضبط المنافذ الحدودية ، وإنسجام المجتمع الكردستاني وحفاظه على التنوع وغير ذلك من أمور تبدو هنا جميعا واهية ، فإقليم كردستان ليس بمعزل عن ما يجري في العراق والمنطقة ، وحل مشاكل الاقليم لابد أن ينسجم مع حلول جذرية لكل مشاكل العراق على الاقل وليس بإنفصال في الباطن وتوحد في المظهر.

3- لابد للقوى القومية الكردستانية أن تراجع تحالفاتها السياسية على صعيد الوطن ، وأن تعود الى تحالفها القديم مع القوى الديمقراطية المناهضة للعنف والتي ناضلت معها عقودا من الزمن لاجل السلام والديمقراطية للعراق جميعا وفي سبيل الحقوق القومية للشعب الكردي ، فتحالفاتها الحالية والتبجح بتلك التحافات مع قوى تنسجم كليا مع مثل هكذا ممارسات ـ إن لم تباركها في الخفاءـ والعلن أحيانا يؤدي الى نمو قوى تزعزع أمن وإستقرار الاقليم ، وتتفق منابعها الفكرية مع القوى التي تحالفت معها قوى الاقليم القومية بشقيها ، وحتى وإن كسبت حكومة الاقليم وحزبيها المتنفذان في الشأن الكردي مكاسب ما خلال فترة التحالف هذه فإن تلك المكاسب سوف تتهاوى بسرعة أمام شراسة العنف وغياب المعالجات الجذرية المبتعدة أساسا عن التعصب بأي شكل أثنيا كان أو دينيا بل وحتى فقط أيديولوجيا.

4- على القوى القومية الكردية أن تراجع وبشكل مستمر مصادرها الفكرية ومرجعياتها حتى وإن ضمن النهج القومي ، بما ينسجم مع مجمل التطورات الحاصلة كونيا وبما ينسجم مع مصالح الشعب الكردي عموما وتقاليده النبيلة وسماته التقدمية بشكل عام ، وليس بما يكفل إستمرار فئات محدودة منه في التحكم بمصائر الشعب الكردي والتأثير في مجمل أوضاع الوطن العراقي على حساب قوى الاقليم الحية الاخرى.

لذلك فإن الحذر هو ليس فقط كلمة تقال بل هو يقتضي تغيير ملموس في كل شئ ومصالح العراق وطنا وشعبا بكل مكوناته من وراء القصد.


 

 

 

 

 

 

free web counter