| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

تحسين المنذري

Tahsin515@hotmail.com

 

 


 

الأحد 11/11/ 2007



هل سيدوم الهدوء الامني في العراق؟

تحسين المنذري

انخفضت العمليات الارهابية في الاونة الاخيرة في عموم مناطق العراق وبغداد خصوصا مما اعطى دفعة امل للكثير منا باستمرار الانخفاض وتصاعد وتائر الاستقرار وبدت عند الكثيرين منا علامات الارتياح معبرين عنها بطرائق مختلفة ، وكانت ابرز ظواهر وعلامات الهدوء النسبي الذي يعم مناطق العراق الان متمثلة في عودة الكثير من النازحين والمهجرين الى ديارهم ، فعلى بوابة الحدود السورية ارتفع رقم العائدين الى ما يقرب من الخمسين الف مواطن ، وعاد الكثيرون ممن لحقهم التهجير الاجباري داخل الوطن في مناطق كانت تعد الى الامس القريب من المناطق الساخنة جدا والتي ذهب ضحية التصعيد الطائفي فيها الكثير من المواطنين الابرياء ضحايا لذنب لم يقترفوه وكان لهذه العودة صدى كبيرا وصل عند السيد طارق الهاشمي نائب رئيس الجمهورية  لحد الاعلان رسميا عن دعوته لعودة المهجرين الى مناطقهم مطلقا وعودا بالامن والاستقرار وكأن لا عودة الى ما مضى .
وتتعدد الاسباب في البحث عن اسباب الهدوء النسبي  فقد تكون للعمليات العسكرية المشددة هذه المرة تأثير كبير في الحد من نشاط الارهابيين ، وربما كانت اللقاءات الثنائية والمتعددة للعراق مع دول الجوار المغذي الرئيسي  للجماعات الارهابية  ذات  نتائج ايجابية  وقد تكون اللقاءات السرية -الى الان- مع بعض الجماعات المسلحة  قد توصلت الى اتفاقات تفيد بانحسار العمليات الارهابية وايضا كما يرى الكثيرون فأن تجميد جيش المهدي اثر ايجابا في انخفاض الارهاب المسلح ، ويذهب الكثيرون الى اعتبار الصحوات العشائرية في اغلب المناطق الملتهبة ، قد اعطت ثمارها  وربما يطول تعداد الاسباب المحتملة  ، لكن ما ذكرنا هو ما يتفق عليه الاغلبية الساحقة من متابعي الوضع في العراق .
وفي العودة الى الوراء قليلا للتمعن في اسباب اندلاع الارهاب منذ ما بعد سقوط النظام الدكتاتوري سنجد ان اغلب تلك العوامل ان لم يكن جميعها مازالت تفعل فعلها في الواقع السياسي  الراهن  ، فالدولة العراقية التي اعيد بناؤها على اسسٍ خاطئة متمثلة في تكريس المحاصصة الطائفية لم يجر اي تغيير لا على شكلها ولا على مضمونها  ومازالت الحقائب الرئاسية والسيادية تتمتع بنفس ميزات المحاصصة التي قامت عليها ، ومازالت قوات الاحتلال تلعب نفس دورها الاول في اثارة مكامن الانتفاض على وجودها عسكريا  دون اي تغيير حتى بعد ان تم استبدال اسمها من قوات احتلال الى قوات تحالف  ، ومازال الاستعصاء السياسي في تصاعد مستمر وصل اخيرا حد اعتباره ازمة سياسية – وزارية يتمثل في استقالة ستة عشر وزيرا دون ان يتمكن السيد رئيس الوزراء من تعويض النقص الحاصل رغم كل الوعود والمواعيد التي اطلقها لذلك ، كذلك فان الخدمات الاساسية التي اعتاد المواطن العراقي  الحصول عليها من الدولة متمثلة في خدمات الكهرباء والماء الصالح للشرب والوقود مازالت هي الاخرى لم تتحسسن قيد انملة ان لم تكن قد ازدادت سوءا في الكثير من المناطق ، وكذا الحال مع الاقتصاد العراقي المنهار في كثير من اجزاءه والمتردي في بعض مفاصله المشتغلة جزئيا ، لم يطرأ عليه اي تغيير نحو الاحسن بل ان مؤشرات تراجعه تزداد يوما بعد اخر ، مما يعني استمرار البطالة الارض الخصبة للارهاب في التزايد رغم الاعلان الرسمي الذي قاله وزير المالية عن انخفاض كبير في البطالة من ستين بالمئة الى ثمانية عشر قي المئة والذي لم يصدقه احد ولم يدعم هو اعلانه بأي ملموسية تضفي عليه الصدقية ، وبقي الفساد الاداري والمالي يعشعش في مختلف مفاصل الدولة العراقية بامتياز مع ازدياد واضح في الوزارات التي خلت من وزرائها  والاهم من كل هذا وذاك فان المليشيات المسلحة والمدعمة منها خصوصا من بعض الاطراف السياسية المشاركة في الحكم مازالت تتمتع بنفس وتائر الدعم وتقف على نفس الارضية التي نشأت وترعرعت عليها دون المساس الحقيقي بمرتكزاتها ، وبقيت القوات المسلحة العراقية بمختلف اشكالها موزعة على الولاءات الطائفية بامتياز بل وان بعضها وصلت به الامور الى التوزع على ولاءات حزبية ضيقة كما هو الحال في البصرة ، فما الذي يدفع الى التفاؤل ؟
بل اني اجد ان مؤشرات تأزم الوضع الامني من جديد قد امتلكت  عاملا اضافيا جديدا متمثلا بتسليح العشائر تحت يافطات الصحوات العشائرية ، تلك العملية التي بدأتها القوات الامريكية  المحتلة  بدون علم الحكومة العراقية ودون حتى استشارتها كما عبر عن ذلك السيد نوري المالكي رئيس الوزراء حين رفض عمليات التسليح تلك التي قامت بها القوات المحتلة في بادئ الامر ، الا انه سرعان ما انساق وراءها واشرف بنفسه على تسليح عشائر جديدة في ديالى مثلا كما اعلن مكتبه عن ذلك في حينها ، وبذلك فقد ارتكبت الحكومة العراقية بالاشتراك مع قوات الاحتلال خطأً جسيما يتمثل في خلق بؤر مسلحة جديدة لم يعلن الى اليوم عن ضوابط انهائها او الوعود التي اعطيت الى قادتها من رؤساء وشيوخ العشائر  التي تم تسليحها ، ويبدو ان  بعض قادة الصحوات قد حلى له الامر لدرجة يعلن السيد احمد ابو ريشة ( اننا سنستلم الملف الامني للانبار في منتصف شهر كانون اول القادم ) !!!!!!! بأي صفة سيستلم السيد ابو ريشة الملف الامني ؟ هل بات مجلس الصحوة في الانبار هو الممثل الشرعي للدولة العراقية في الانبار ؟ ام هو جزء منها ؟ لا ادري ما هو الجواب لكني اعرف ان تصريحه هذا قانونيا يعتبر تجاوز على الدولة العراقية ومؤسساتها ، فهو لم يمتلك الى الان اي صفة رسمية في الحكومة العراقية ، هو فقط رئيس عشيرة ترأس اخوه الشهيد ومن بعده هو رئاسة مجلس الصحوة ، فهل باتت مجالس الصحوة بديلا عن المؤسسات الشرعية للحكومة العراقية ام انها الشكل الذي تريده القوات المحتلة لاجهزة الحكم في العراق ؟
ان ما يجري على الساحة العراقية الان لابد ان يصاحبه عملية نقد واصلاح جذري لمجمل العملية السياسية الجارية في البلد وان تكون التهدئة الامنية حافزا لتصعيد النضال السياسي من اجل تطويق وانهاء نظام  المحاصصة والطائفية منها خصوصا ، تلك الافة التي زرعتها اميركا الدولة المحتلة في العراق وغذتها بالتعاون مع قوى سياسية تمتلك للاسف الشديد صفة العراقية ، ويقضي في عين الوقت بأن تتصدى القوى السياسية  الديمقراطية للعمل بشكل موحد على اسس من برنامج وطني ديمقراطي شامل يكفل حلولا منهجية صائبة لمجمل مشكلات العراق القديمة والمستجدة منها مترافقة مع جملة اجراءات ضرورية واساسية تبدأ باعادة تدوير عجلة الاقتصاد العراقي واصلاح البنى التحتية وتمر بتنشيط تقديم الخدمات الضرورية للمواطن العراقي متمثلة بالكهرباء والماء النقي والوقود واعادة الحياة الى المؤسسات الثقافية  وابعادها عن لعبة المحصصات المقيتة  بدءا من الجامعات ومعاهد العلم والمدارس ومرورا بكل المؤسات الحكومية والشعبية الراعية للانشطة الثقافية المختلفة ، وتنقية الاجهزة الامنية من اردان العناصر التي لا تدين بالولاء للوطن اولا ، وبث روح التسامح وقبول الاخر مهما كان الاختلاف معه في الرأي او الوجهة على الا يكون ذلك ملاذا لمن تلطخت ايديهم بجرائم بحق المواطن العراقي والوطن  وان يتم تفعيل القضاء واعطائه الاستقلالية الكاملة ليقول كلمته الفاصلة بحق المجرمين القدامى منهم والجدد وتفعيل دور الاجهزة الرقابية المتعددة وصيانة ارواح واراء العاملين فيها ، وغير ذلك من كل ما هو ضروري لاعادة وطن اسمه العراق قبل ان نفقده بشكل نهائي .
 


 

Counters