| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

ثامر توسا

 

 

 

                                                                                  السبت 9/4/ 2011



لماذا التناقض في تصريحات السيد كنه حول المحافظه ؟

ثامــــر توسا

الحياة علمتنا بان السياسة ليس جدول ماء صغير يمد فيه هاوي التحف يده كي يلتقط اللؤلؤ والمرجان بحريته, إنما السياسة بحر يهابه حتى السباحون الماهرون ويتحسبون من لطمات أمواجه وخفايا أعماقه فلا يخوضونه الا ومعهم عدة النجاة.

كل إنسان حر فيما يفكر ويعبر , و لو اراد لإنتقاداته السماع والأخذ بها, لا بد ان يحتاط بإلمام كاف في موضوع نقده. لنأخذ مثلا سؤال عنوان مقالنا ,وهو سؤال شبه إفتراضي معروض للقراء ومن ضمنهم الناقد الذي يصف تصريحات السيد كنه بالمتناقضه , لأول وهلة يُستشف من صيغة التساؤول تأكد صاحبه (انا) من وجود هذا التناقض وفي موضوع محافظة سهل نينوى بالتحديد ,طيب, هذا من حقه كما أسلفنا , لكن ليس بالضرورة ان يكون مصيبا ً خاصة لو لم يتقن إختيار دليله بالشكل الذي يقنع به القارئ , وهذا ان دل على شئ فهو يدل على قلة دراية وعجز في إنتقاء المعلومه وتسويقها.

سنعرج باختصار على امور عساها تساعدنا في التأكد إن كان فعلا هناك تناقض يتطلب النقد واللوم ,أو أن في الامر لبس غالبا ما يحصل في ميدان العمل السياسي.
كأي متابع , كان لي رأيي المتواضع ضمن آراءعديده قيلت بخصوص المحافظة وردات الفعل ما بين مؤيد ورافض ومتحفظ, إن تأكيدنا على صعوبة إضفاء صبغة المسيحية عنوانا لها كما يحلو لرافضي المشروع ترويجه, ليس بسبب وجود من سيمنعنا من ذلك, ولا هو من اجل الالتفاف كي يصنع منها رقعه قوميه على مقاساتنا , لكننا حين ندرك جيدا بأن تنوع ديمغرافية المنطقه هو الذي يفرض صفتها وتسميتها وهويتها, وبعد أخذنا خلفية السياسي الرافض للمشروع بنظر الإعتبار وهكذا خلفية الذي لا يمانعه , سنكون حينئذ في وضع فكري لايسمح لنا بإختزال كل العواقب في لوم السيد كنه وأتهام تصريحاته بالمتناقضه ,اما لو صَعُبَ على (الناقد) فهم تشابكات المشهد السياسي و تعقيداته الجليه التي لا تتطلب جهدا كبيرا لتفسيرها, يصبح إلقاء اللوم على الضحية وسيلة عاديه للنقد الترفيهي المترف .

السيد يونادم كنا / هو ممثل الكلدواشوريين السريان في البرلمان كما اتمناه او على الاقل كما يفترض , مع أحترامنا وتقديرنا لمقامه , شخصيا من ضمن الأمور التي أخالفه الراي فيهاهي قبوله بوصف مهمته البرلمانيه كممثل مسيحي عن المسيحيين , هذا رأيي وأنا حر به وأمتلك من الحجج للدفاع عن رأيي , دون أن يؤثر سلبا على مصداقية في النقد كنقد تصريحاته مثلا ووصفها بالمتناقضه او بالمتناسقه ؟ إن صدق الناقد لا يتحقق ما لم يحسن ترتيب تسلسل اولويات الموضوع و وربطها بالإشكالات التي تناوبت في ترك بصماتها المتعدده , وإن لم يستطع من ذلك قبل توجيه نقده , فجهده يصبح هدرا ومبتذلا لا يأخذ به إلا الذي في عبه معزة تمعمع.

لأكثر من مره وفي أكثر من مناسبه , أكد السيد يونادم على أن فكرة إستحداث المحافظة ليست من إقتراح السيد رئيس الجمهوريه , لكنه ( رئيس الجمهوريه) أبدى عدم ممانعته لإستحداث محافظة للمسيحيين في معرض إجابته على سؤال وجه اليه حول رايه بالفكره بعد مذبحة كنيسة سيدة النجاة هذا اولا , وتأكيده (السيد كنا)الثاني هو على رفض وصف المحافظة بالمسيحيه ليس فقط لانها ستكون دينيه , بل إستند مرة ثانية على ديمغرافية المنطقه التي لا تسمح بنعت المحافظة باي صفة فئويه , وتأكيده هذا جاء بمثابة رد صريح ومباشر على كل من يريد التحجج بصفتها الدينية كتبرير لرفضها(كما في تصريح رئيس البرلمان ومحافظ نينوى اللذان يرفضان إستحداث المحافظة) او لإختزال وجودنا الوطني والقومي بوصفة المسيحيه ( كما ورد في عدم ممانعة رئيس الجمهوريه لفكرة المحافظة المسيحيه) .

إذن عملية رفض مسيحانية المحافظة ليس القصد منها التنصل عن ديننا الذي نعتز به , كما ان عدم المطالبة العلنيه بمحافظة قوميه ليس معناه ان السيد كنه وحركته السياسيه لا يرغبون ذلك ,لكن اعتبارات أخرى وفي مقدمتها السياسية ,غالبا ما يكون لها الباع في التحكم رغما عن إرادة السياسي مهما كان بارعا والامثلة كثيره في الحاله العراقيه التي نعيشها اليوم.

لنختلف سواء طالب السيد يونادم كنه اولم يطالب بمحافظة دينيه ولا قوميه , ولكن لو تفحصنا قليلا ظاهرة تعمد رئاسة الجمهوريه و شبكة إعلامها التي لم تمانع من إستحداث ما وصفته بالمحافظة المسيحية وليس بلقوميه, ما مرد ذلك؟ أليس الأمر واضح وهدفه سياسي بحت كالعاده ؟ .

ولو ذهبنا الى جانب تصريحات السيدان محافظ نينوى و رئيس البرلمان العراقي اللذان يشددان على وصفها بالمسيحيه العازله , يفعلان ذلك لكن لتبرير رفض المحافظة بحجة انها ستعزل هذا المكون عن بقية مكونات الشعب, أذن رئاسة الجمهوريه لاتمانع إستحداث محافظة مسيحيه , والاخريرفضها بحجة انها ستكون مسيحيه انعزاليه, أي الموقفين هو الافضل في رأي الناقد؟؟

عملية تمحيص بسيطه لهدف رئيس الجمهوريه من وصفها بالمسيحيه ومقارنته مع ما يضمره المحافظ ورئيس البرلمان وراء هذا الوصف , ستكشف لنا وضوح الفرق في الأهداف لكن النتيجه واحده بالنسبة لنا وهي ( إما حرماننا من هذا الحق على لسان رئيس البرلمان ومحافظ نينوى,او عدم ممانعة رئيس الجمهوريه لها لكن بالصيغه التي تحقق تمييع هويتنا القوميه ومشاغلتنا جانبيا مع رافضي الفكره ), بين نوايا هذه الاطراف ذات الثقل السياسي المعروف , علينا التأني والتأمل قليلا وعدم التسرع في حصر جهدنا وصب جام غضبنا في لوم تصريح السيد كنه او غيره عند ردهم على هذه النوايا المختلفه والمتعددة المصادر, الرجل حين يدلي بتصريح فهو يرد على أكثر من تصريح ,ولكل تصريح كما اسلفنا هدفه الذي يخفيه وراء اصراره على وصفها بالمسيحية , في هذا السياق من حقنا ان نطالب السيد كنه بإمكانية تحديد الجهة التي يقصدها حين يدلي بتصريح كي لا يحصل الالتباس لدى المتابع الذي ينشد الحقيقه و لتفويت الفرصه على المتصيد من اجل القاء اللوم فقط .

حقيقة ً, لا ارى صواب رؤيه ولا اي انصاف في وصف تصريحات السيد كنا بالمتناقضه , فهو عندما يرفض مسيحانية المحافظة لا يقصدعرقلة مشروع هو اصلا اول المطالبين به , بل الهدف من رفضه للصبغه الدينيه هو تفنيد المزاعم القائله بان مشروع المحافظة هو عملية عزل المسيحيين عن المكونات الاخرى, وعلى هذا الأساس الواهي لاقى المشروع الرفض من جانب السيد رئيس البرلمان ومحافظ نينوى , واتمنى ان يكون (السيد كنا) في رفضه للتسمية الدينيه تأكيد رفضه أيضا لمحاولة إختزالنا قوميا ووطنيا في الصفه الدينيه.

ليس دفاعا عن الرجل من دون حق, لأني لا أجد اي تبرير لنفسي كي أدافع عن خطأ لو إرتكبه , لكننا حين نقر بأن كل انسان يعمل يعرض نفسه للخطأ,ونعلم جيدا محدودية ما يمتلكه السيد كنه من قوة سياسية في خضم الصراعات الشائكه , لابد لنا ان نعترف بان وضعه ليس بالسهل , وما علينا وعلى الإخوة المتابعين واصحاب الاقلام الا توخي الدقه بعد جمع المعلومات ومراعاة حيثيات الموضوع بشكل متسلسل كي لا يظطرنا خلطنا للأوراق الى التسرع في إلقاء كل اللوم على الضحيه وترك من يحيك وراءها المقالب يسرح ويمرح على أنغام مساجلاتنا .

الوطن والشعب من وراء القصد




 

 

free web counter