| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

ثامر توسا

 

 

 

                                                                                  الخميس 22/9/ 2011




لشهداء صوريا كلمتهم

ثامــــر توسا

الحياة برأفة نواميسها و صرامة قوانينها لا يمكن أن تعطي لكل من فتح فاه ومد ذراعيه نحو السماء طالباً ما تشتهيه نفسه,بل بقدرما يقدمه و يبديه من احترام لها و إلتزام بقوانينها ينال , فالذي يتقاعس في أداء ما يتوجب عليه وبما يثبت إحترامه لذاته ولنواميس الحياة سيقع لا محال في شرك التهميش و عدم أحترام الأخرين له .
قبل ايام مرت الذكرى الثانيه بعد الأربعين لمذبحة صوريا , وصادف ان تم تشييع جثامين شهدائها الكلدواشوريين السريان في مدينة اربيل ملفوفة بالعلم الكردي وبغياب ممثلين عن التنظيمات والكنائس الكلدواشوريه السريانيه الامر الذي أزعج وأثار حفيظة البعض,وذلك من حقهم, لكن عندما نعطي لكل طرف حقه , حينها سندرك بأن ما يحصل لنا هو نتاج طبيعي و متوقع ما دمنا في ممارساتنا نمنح الآخر فرص تهميشنا وعدم إحترامنا .

يبدو أننا من الآن فصاعدا, لو إستوجب إستذكارمذبحة صوريا , فعلينا ذكر أسمها القومي الذي إختاره شهداؤها المحبطون جراء عمائلنا وإستخفافنا بدمائهم, بحيث إرتضى المساكين أن تلف نعوشهم بالعلم الكردي اوالكردستاني , إنهم في رضاهم يعلنون من قبورهم تخليهم عن إنتسابهم الى الذين يثرثرون للمتاجره بإسمهم , كما يبدو لنا أيضا بأننا من الآن فصاعدا سنحكي بخجل عن صوريا بثوبها الجديد الذي نسجناه لها بأيدينا , أما الذي يصرخ معربا عن إشمئزازه وتذمره من لون ثوبها الجديد, عليه أن يعرف ويعترف بأن ذلك نتاج جهود مثقفينا ودعاتنا قبل إلقاء اللوم على الآخر, الملامة تقع على الذي أغضب ويغضب شهداءنا ليصنع عهدا لصوريا لم تعهده من قبل , كما يتوجب علينا ان نشرح للأجيال بأننا من عصارة جهالتنا وسموم شعاراتنا المزيفه إستطعنا توليف لحنا ً شجيا آخر لأنين وآلام صوريا و شهداؤها الذين أعلنوا رفضهم إيانا .

بلله عليكم , إن كنا بصلافتنا وإصرارنا قد صيرنا لصوريا هذه الصورة الصفراء , علام البكاء على العلم الذي لم تلف به الجثامين ؟ من السهل ان نلعن ذلك النظام القمعي (العروبي) الذي قتل صوريا وشهداءها , و من الأنسب ان نهتف قائلين لتسلم ايادي الأكراد وهم يشيعون جثامين شهداءنا بعلمهم القومي الكردي الواحد , ولكن الى متى سنغمض أعيننا عن حقيقة اننا نحن الذين رسمنا لأنفسنا أكثر من علم ٍ قومي , ونحن الذين نصرنا أخينا ميخا على أخيه سرجون, متى سنستفيق من تزامطاتنا يوم أشعلنا حرب الواوات في بيتنا , طيب يا إخوان بأي علم تريدون من الكردي أن يلف فيه جثامين شهدائنا ؟ نعم كل منا سيطلب علمه المفضل , ثم بأي مسمى قومي تريدون من الكردي أن يصفهم , والجواب معلوم , في الوقت الذي لا هم لنا ولا غم سوى اللهث نحو الكعكة وإفتعال المشاجرات حول الواوات والمسميات و الاحتراب على هوية شهيد مذبحة صوريا و مذبحة سميل وسيدة النجاة, ألسنا نحن من يصنع الخيبات لأنفسنا؟.

كلنا يتذكر مذبحة كنيسة سيدة النجاة , وكلنا بكينا وتألمنا وأستنكرنا وشجبنا وتحســرنا, كان الملاك الصغير والشهيد الكبير (آدم) , يردد كلمة ( كافي) لقاتليه ,في حينها كتبت كلمات رثاء متواضعه ولكن عن لسانه العذب الذي لم ينفك مرددا كلمة كافي وجسده المقدس مدمى, أستعيد للقارئ إحدى الفقرات التي إفترضتها عن لسانه بعد إستشهاده :
(( سأبكي, لكن أبكي مــَن ولماذا , سأبكي وسأذرف دما على سعفات النخلة المتنافره في زعلها , سابكي على أغصان الزيتونة المتلاطمه حين تتلف ثمراتها , سأغضب مادام الغضب والكرب في صدر مجالسكم يا عائلتي الكبيره , سأحتج هنا في العلليين , سأعلن إضرابي عن الطعام والصلاة حتى وإن غضب رب فردوسنا الضائع , لن أنام قرير العين يا أهلي ما دام للشيطان مأوى في الصدور,و لن تستكين روحي , ولن يستقر لها بال ٌ, إلا برنين صدى الحناجر يهتز في آذاني وأنا أسمعكم تنشدون كلماتي سوية يا أحبابي , أريد أن اسمع ما يخيب العدا ويرد الرصاصات أهازيجا تزيح عنكم جور ظلم الايام , أنشدوا الكلمة التي تنهر الساعين الى قلعنا من أرضنا , حينها يا أهلي وأحبابي ستحلق روحي عاليا وتغدو اسعد الأرواح وأشدها وفاء ً وأطولها بقاء ً كي تستمر الحياة بعز)).

هذا كان مقتطف من رسالة الشهيد آدم كما تخيلتها يوم إستشهاده , وقد سبقه شهداء صوريا وسميل برسائل ربما أقوى وابلغ , وهكذا الشهيد المطران فرج رحو والقس بولص اسكندر والقس رغيد وشهداء كثيرون أرسلوا رسائلهم قبل وبعد إستشهادهم لكنها لم تصل بعد, نعم أمواتنا قبل أحياؤنا يصرخون ساخرين منا ومن الكعكة التي يسيل من اجلها اللعاب , لقد أقسمنا اليمين نعم لكن على السير في غيــّنا رغم كل هذه الرسائل , لماذا ............؟

لأن فينا من يذرف دموع التماسيح للشهيد المسكين شريطة أن يكون هذا الشهيد أشوريا فقط , وفينا من يقدم الذبائح ويقيم المآتم عن روح الشهيد المسكين شريطة ان يكون كلدانيا فقط, وفينا من يترحم عليه ويصلي من أجله إن كان قد أعلن أنه سريانيا فقط , يا ترى كم نحن الأحياء صادقون ورحماء مع شهدائنا الأكرمون ؟ وكم نحن كذابون مع أنفسنا ؟ أيعقل أن فينا من لا يرحم ولايحترم شهداء سميل وصوريا وسيدة النجاة الا بعد تأكده من تسميتهم التي ترضيه؟ في حين الكلام عن حماية ذوي الشهداء والمتبقين من شعبنا مستحرم وقد أوكلناه لغيرنا , أما السؤال عن هوية القاتل فيبقى ذلك شأنا مؤجلا ً, يا ترى كم من شهيد سئل يوما عن إسمه القومي قبل ذبحه؟

إذن ليقبل المتباكون على هوية شهداء صوريا القوميه بتعاسة حصادهم ! و ما دمنا أردناها هكذا , فلنقبلها لأنها حصاد ما زرعناه وما جنته أيادينا , ألسنا نحن الذين بإرادتنا إخترنا دروب التهميش والضياع لأنفسنا ؟ من الذي أجبرنا على ظلام هذا النفق؟ و هل يتسنى للفلاح جني العنب من مزرعة البصل ؟ أم أننا لا نفقه بأن قانون الحياة لا يحمي المغفلين؟

الوطن والشعب من وراء القصد







 



 

 
 


 

 

free web counter