| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

تقي الوزان

Wz_1950@yahoo.com

 

 

 

 

الأحد 8 /10/ 2006

 

 

سلاح امريكي ليس بالجديد

 

تقي الوزان

التهديد في اللغة الدبلوماسية يأتي بأشارة غير مباشرة في الكلام , او عن طريق طرح رغبة ان تكون الأمور كذا , او اعتقاد بأن الأمور لو سارت بهذه الوجهة افضل , وغيرها من الأساليب المبطنة والمؤدبة المعبرة عن فكرة التهديد والتي تنزع عنه خشونة المنطق . ويبدو ان اغلب الطبقة السياسية العراقية وزعماء التنظيمات لايفهمون هذه اللغة الدبلوماسية . اما نتيجة قلة خبرتهم في السلطة وادارة الدولة ولم يعرفوا ضرورة الأحتشام في اللغة الرسمية , او لم يتمكنوا من التعود على الجديد , والمسألة تسري في دمائهم كالأدمان على التدخين , او احد المكونات الرئيسية في اجسامهم ككرات الدم البيضاء والحمراء , واخرى صفراء اوحت للدكتور محمود المشداني رئيس البرلمان العراقي بأطلاق تهديده لأعضاء البرلمان بأستخدام "الحذاء " . فلو سمعت ان المشهداني مصاب بجلطة , تعرف مباشرة انها ليست تخثر في الدم , بل انحشار قيطان في احد شرايين القلب او في المجاري الدماغية اذا كانت الجلطة في دماغه .

الأمريكان ضليعين في معرفة الطريقتين " الدبلوماسية والأسكافية " , ويعرفون جيداً ايهما الأكثر جدوى عند الضرورة مع المشهداني او مع غيره من الحثالات الطائفية التي صفقت عند سماعها اسم "الحذاء" حال خروجه من فم المشهداني . وقد ظنوا انهم يسمعون اسم بوش او صدام او احد زعمائهم في دول الجوار . والتاريخ القريب يعطينا صور اكثر وضوحا للأستجابة الواعية للطريقة الثانية . وكلنا نذكر اصرار الدكتور ابراهيم الجعفري رئيس الوزراء السابق على استمراره في الترشح لنفس المنصب من قبل قائمة "الائتلاف " , ولأكثر من ثلاثة اشهر, بعد ان رفض الترشيح من قبل اغلب الأطراف العراقية و الأمريكان وبأسلوب دبلوماسي , ولم يستجب . فأضطر الامريكان لأستخدام الطريقة الثانية . والشهادة للتاريخ كانت استجابة الدكتور الجعفري اسرع من لمح البصر , وصرح بعد فترة بأنه ركل المنصب بعد ان تأكد ان المنصب لايستجيب لشروطه الأنسانية .

الأمثلة كثيرة , وما يهمنا هو مجئ كونداليزا رايس وزيرة الخارجية الامريكية في زيارتها الخاطفة يوم الخميس المصادف 5 /10/ 2006 , وما وضعته كحد فاصل لضرورة استخدام الطريقة الثانية , وهي الأجدى للحفاظ على سلامة نجاح التجربة الامريكية في العراق . والمسألة التي اجتاحوا العراق لأجلها وهي " النفط " قد حسمت , وذلك بمنع كل الأطراف العراقية من التوقيع على اية اتفاقية تمنح بموجبها امتيازات الى شركات غير امريكية الا بموافقة الامريكان , وسيتم التغاضي او الألغاء للأمتياز الذي منحته حكومة الأقليم لأستغلال البئرين الحديثين في كردستان . وحصة العراق من واردات النفط ستوزع على كل العراقيين , ويعتقد ان هذا الخلاف لن يكرر . والمسألة الثانية التي حددتها الوزيرة هو الأسراع بعملية " المصالحة الوطنية " لأن الامريكان وعدوا البعثيين بالعودة النشطة والسريعة , ولايريدون الثقة ان تتخلخل معهم , بعد ان فقدت هذه الثقة بالوكلاء الايرانيين . والأخرى مسألة الحزم في انهاء المليشيات .

منذ اسبوعين والأدارة الامريكية تظهر تذمرها من نتيجة وجودها في العراق , وبدأت بتحميل الأطراف العراقية فقط اسباب هذا الفشل , متهمة اياهم بعدم الأمكانية في تحمل مسؤولية الحكم , وانشغالهم بالأمور والمكتسبات الشخصية .
والامريكان مصيبون في ذلك , ولكن لماذا لم يتم الأنتباه لهذه المسألة الا الآن ؟! والامريكان هم الذين ساعدوا في الوصول اليها ؟! لقد امهلوا العراقيين شهرين لتعديل سير الأحداث لصالح الوجود الامريكي , والا ستفعّل الطرق الأخرى بما فيها تشكيل حكومة " انقاذ وطني " . وتكون ادواتها تصنيع المشهداني والبعثيين الى احجام مختلفة من السلاح الذي هدد به اعضاء البرلمان , والمهم بالنسبة للامريكان ان لايكون المشهداني محرم دوليا , او من اسلحة الدمار الشامل .
وهذا يعني ان تلغى كل التضحيات العراقية منذ سقوط النظام ولحد الآن .

يقول بعض المراقبين ان الامريكان وبالأرتباط مع انتخاباتهم التكميلية اخذوا يتحركون بأندفاعات نشطة, لحل كل التوترات غير المحسومة لصالح مشروع الأدارة الأنتخابي . والأشهر المتبقية من هذا العام ستشهد حسما لأوضاع العراق , وفرض عقوبات على ايران كخطوة اولية قبل الشروع بالحسم العسكري , وبعد ان تجرد "ايران " من اوراقها القوية في العراق وسورية وحزب الله وحماس . وأملنا نحن العراقيين ان تفهم القيادات السياسية نوعية التهديد الامريكي , ويفهموا المعادلة السياسية جيداً وينهضوا بالعراق , ويبعدوا شرّ قدوم البعثيين مرة اخرى .