| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

تقي الوزان

Wz_1950@yahoo.com

 

 

 

الأربعاء 8/4/ 2009

 

واخيراً سينتهي الفساد

تقي الوزان

نشر موقع " صوت العراق " يوم 20090319 بيان رسمي صادر من مكتب رئيس الوزراء السيد المالكي يقول فيه : " وجود نية اعلان اسبوع مكافحة الفساد ولكن بعد تهيئة مقدمات لاعلانه والقضاء على المفسدين المتبقين في دوائر الدولة " . والذي يسمع الجملة الاخيرة من غير العراقيين وهي " القضاء على المفسدين المتبقين في دوائر الدولة " يعتقد ان جسم الدولة يمتلك على الاقل ثلاثة ارباعه سالماً , والربع الاخير " المفسدين المتبقين " الذين يجب القضاء عليهم لتكتمل سلامة الدولة من آفة العصر وهوالفساد . وحتى الطفل العراقي يعرف العكس تماماً من ان ثلاثة ارباع الدولة ان لم يكن اكثر هي مستنقع للفساد , و" المتبقين " القلة هم الذين يجري استبعادهم , وقلة هذه القلة لايمارسون الفساد تعففاً وخوفا من الله والضمير , واما الباقون من هذه القلة لايمتلكون المسؤولية الادارية التي تمكنهم من ممارسة الفساد , لذلك ينظرون بعين الحسد لمن يمتلك هذه المسؤولية . والخوف من هذا الاعلان ان يقصد ب "القضاء على المفسدين" جماعة قلة القلة لانهم الشواذ , وهذه تستوجب المعالجة الجادة التي بدونها لن تتوحد سياقات عمل دولتنا العتيدة .

" قلة القلة " ستحمد الله وتشكره لان الموضوع لايزال ب" وجود نية " كما يوضح بداية الاعلان , وهذا تعتبره انذار مبكر لاعادة النظر بوسائل عملها المخالفة لطرق عمل المؤسسات العراقية , والذي يزيد الاطمئنان اكثر هو تحديد اسبوع واحد فقط للقضاء على الفساد , وهو اشبه بالاعلانات التي كانت تروج لشراء كتب تعلم اللغة الانكَليزية بدون معلم . الا ان مايزيد الاعتقاد من ان البيان ليس اكثر من مبخرة تدعي طرد الارواح الشريرة هي هذه اللاكن " لكن بعد تهيئة مقدمات لاعلانه " .

الاخوة الذين اصدروا البيان يعرفون جيداً ان من بين هذه المقدمات يتطلب تثبيت الامن وتعميقه , وهذا بدوره يتطلب تنازلات مؤلمة لايجاد صيغة على ما اكدت عليه اغلب الاطراف العراقية : من عدم محاسبة البعثيين الذين لم تتلوث اياديهم بدماء العراقيين . وكيف يفرق بين كاتب تقرير وبين قاتل آخر ارتكب جريمته على دلالة ذلك التقرير ؟! والقضاء على الفساد يستوجب اعادة الحياة للدورة الاقتصادية , وان لايبقى العراق مثل كمب للاجئين يرتزق فيه العراقيون من عائدات النفط فقط . فلا حرص على النقودالتي يحصل عليها العراقي بهذه الطريقة , ومن السهولة عليه ان يعطيها رشوة مقابل شغلةاخرى يرتزق منها اكثر , فقد اصبح الفساد احد مكونات الثقافة الشعبية . القضاء على الفساد يستدعي القضاء على المحاصصة الطائفية والقومية , وهذا يستدعي الغاء التحاصص الذي اقر لمدة دورتين انتخابيتين , وهذا يعني استمرار الفساد بقرار رسمي لاربع سنوات اخرى بعد انتهاء هذه الدورة بنهاية العام الحالي .

اشاعة الفساد ليس متعلق بالجانب الوطني فقط , ففي جزء منه ينتشر كالسرطان في مختلف دول العالم , وحتى الدول الاكثر شفافية ونزاهة مثل الدول الاسكندنافية باتت تتشكى من ظواهر للفساد , والذي يلازم سيطرة العولمة الرأسمالية , وما تحويه بين تعاملاتها من تسويق لمضاربات لاعلاقة لها بقيمة السلعة ولابضرورات حاجاتها الانسانية بقدر ما هو تحقيق اعلى الربحية الممكنة .

القضاء على الفساد يتطلب خطة وطنية شاملة تتظافر فيها جهود كل المؤسسات الحكومية , واولها تحريرالقضاء والنزاهة والمستقلة للانتخابات من المحاصصة , ويتبعها المؤسسات التربوية والعلمية والاعلامية , وتوضع الخطط المركزية على مديات مختلفة , يتم الانتقال من المعالجات السريعة الى اعادة بناء الانسان العراقي وفق دراسات متخصصة, وتجعل من التعليم الابتدائي اساسا يعول عليه لتحجيم هذه الظاهرة .

ولنفترض ان كل مهمة من هذه المهام الوطنية سيتمكن الاخوة في مكتب السيد المالكي من انجازها في يوم واحد , الاان قلقنا المشروع عليهم هو : قد , لايتمكنوا من اجبار الرأسمالية من الكف عن انتاج وسائل تفريخ الفساد في العالم , وعندها سيحرجون بعد اتمام الاسبوع المحدد لانهاء الفساد .

 

free web counter