| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

تقي الوزان

Wz_1950@yahoo.com

 

 

 

 

الثلاثاء 6 /2/ 2007

 

 

لايزال الخيار الوطني بين اليدين

 

تقي الوزان

التوجهات الستراتيجية للسياسات الأمريكية لاترسمها أرادة اي الحزبين عند استلام احدهم لسلطة الأدارة فكما هو معروف ان القرارات الكبيرة والمهمة تصنعها عدة مراكز قوى , من بين اهمها , مجموعة مؤسسات الصناعة العسكرية , ورأس المال المالي الذي يدير مجموعة البنوك الرئيسية , ومجموعة المعاهد والكليات الدراسية السياسية المتخصصة , أضافة لمجموعة قوى الاتصالات عبر الاقمار الصناعية التي تراقب تطور الاحداث في كل العالم دقيقة بدقيقة , مع وسائل الاعلام الحديثة بما فيها الانترنيت . وتحّول مجموعة الدراسات التي تتبلور في هذه المؤسسات الى هيئة من العلماء والمفكرين من جهابذة الفكر الستراتيجي – وهي أكثر من ستمائة عضو كما يقول الخبير محمد حسنين هيكل في احدى كتبه – لصياغة التوجهات المرحلية والستراتيجية التي قد يصل مدى بعضها الى قرن كامل , مثلما يؤكدون على ان القرن الحالي سيكون قرناً أمريكياً بأمتياز .
والأدارة الأمريكية هي أداة تنفيذية أكثر من كونها وسيلة تخطيط سياسي , والصراع على الفوز بها بين الجمهوريين والديمقراطيين يدخل فيه كل المزايدات السياسية التي تريد ان تكسب الأصوات الأنتخابية , والمشكلة العراقية اصبحت اليوم من اهتمام هذا الجمهور الانتخابي .
كلنا نذكر كيف أصرّت الادارة الأمريكية على غزو العراق رغم معارضة أغلب الدول لهذا الغزو , ونذكر ايضاً الرفض الشعبي الذي تجسد بعشرات التظاهرات في أغلب مدن العالم وبالذات المدن الغربية والامريكية الكبرى , وكلها لم تثني مخططي الستراتيجية الامريكية ويعدلوا عن تنفيذ مخططهم , وبمختلف الذرائع , يوم لأزالة اسلحة الدمار الشامل , وبعد فشل هذه الذريعة , لأزالة النظام الديكتاتوري الدموي , وبعدها لمنع انتشار العنف ....الخ .
يوم 20070202 نقل موقع " الناس" عن وكيل وزارة الخارجية الامريكية بيرنز قوله : ان الوجود الأمريكي في منطقة الخليج غير قابل للمساومة . لأن واشنطن ظلت مهتمة بحماية أمن الخليج منذ ستة عقود . وأضاف :
ان بلاده تسعى لحماية مصالحها في العراق , وحماية أمن دول الخليج ومنطقة الشرق الاوسط .
من ناحية اخرى تطور الملف النووي الايراني بالاتجاه الحثيث للصدام , وقد نجحت الادارة الامريكية من توحيد ارادة المجتمع الدولي بعزل ايران وفرض العقوبات عليها , والأهم وضعها في خانة الأدانة . والحملة الأعلامية مستمرة , ولايكاد يخلو يوم في الفترة الأخيرة دون ان يهاجم بوش النظام الايراني. مما يذكرنا بالأيام التي سبقت الهجوم على العراق . وأنعكس نجاح هذه الحملة على الارباك الذي حدث في مؤسسات النظام الايراني , وتشكيل "خلية أزمة" للوقوف بوجه أندفاعة الرئيس الايراني أحمدي نجاد وبطانته , لأدارة الملف النووي , ومعالجة الأزمة الأقتصادية , ودرء مخاطر العقوبات الأقتصادية وتضم الرئيسين السابقين هاشمي رفسنجاني ومحمد خاتمي ورئيس البرلمان السابق مهدي كروبي , وتردد ان هذه اللجنة تعمل بالتنسيق مع لاريجاني .
الأدارة الأمريكية لاتسعى لتدمير المنشأت النووية الايرانية فقط , والتي اصبحت قريبة من خلال ضربة عسكرية كما يؤكد الكثير من الخبراء والمحللين , بل تسعى لتحقيق الستراتيجية الأمريكية بضعضعة وأنهاء النظام الديني الايراني برمته . وقد دفع هذا النظام عبر مختلف الضغوطات والتهديد والحملات الاعلامية في الثلاث سنوات الاخيرة , وبعد اسقاط نظام صدام بالذات , ليكون بهذا الشكل الواضح كرأس حربة وممول رئيسي لقوى الارهاب الاسلامي , وبات الكل يعتقد ان ايران هي حجر العثرة امام نجاح المشروع الامريكي في تطبيق " الديمقراطية " في منطقة الشرق الاوسط , من خلال اعاقتها لنجاح التجربة العراقية التي هي حجر الزاوية في هذا المشروع . وايران هي التي تقوي رفض حماس للأعتراف بأسرائيل, وتدعمها بعدم الانسياق للحلول السياسية التي تقترحها اللجنة الرباعية . وايران هي اللاعب الاساس مع سورية في شق وحدة الصف الوطني اللبناني , واعاقة تشكيل المحكمة الدولية في قضية اغتيال الحريري .
بهذا الشكل وضعت ايران في مجهر السياسة الدولية , والرهان على ايران من قبل بعض الاطراف المتنفذة في قائمة " لإئتلاف " الشيعية ستكون الخسارة الأكثر بشاعة ودموية , ليس لهذه القوى فقط , بل لكل الشعب العراقي . ولن تجدي نفعاً التصريحات الطيبة للسيد رئيس الوزراء نوري المالكي من اننا لانقبل ان يكون العراق مسرحاً لتصفية الحسابات بين الولايات المتحدة الامريكية وايران , لأن الأرادة العراقية ارجوحة بين المشروعين الرئيسيين , الايراني الطامح لزعامة المنطقة الأغنى في العالم , والامريكي الغربي الساعي لربط المنطقة بعجلة العولمة وتحقيق شروطها بأسرع وقت .
ان تسارع الخطى بأتجاه تصادم المشروعين يضع هذه الاطراف بشكل مكشوف امام مسؤوليتهم تجاه الشعب العراقي . ولايزال الخيار الوطني بين اليدين , قبل ان تفلت الفرصة الأخيرة وتسحق تجربة وبقايا الارادة العراقية بين "بساطيل" المتصارعين . وعندها سيستمر نزيف هذا الشعب المنكوب لسنوات أخر , والمصير الأسود لمن يتسبب في استمرار النزيف .