| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

تقي الوزان

Wz_1950@yahoo.com

 

 

 

 

الأربعاء 6 /6/ 2007

 


 

هل نتعض من الدروس ؟
 

 تقي الوزان

يدرك العراقيون , والعالم , ان السلطة الحقيقية في العراق هي بيد الأمريكان , والضرورة التي تقتضيها المصلحة الامريكية هي التي تحدد الأولوية في تحريك أغلب الملفات العراقية. ويعرف العراقيون ايضاً , ان المساحة المحددة التي تركتها سلطات الاحتلال للسلطة العراقية لاتتناسب مع حجم الأعلان عن اعادة السيادة للعراقيين . ورغم صغر هذه المساحة , فقد فشلت هذه الاحزاب في صياغة مشروعها الوطني وسهل في عودة رد الأعتبار الى البعثيين .
لقد وضعت سلطات الاحتلال مختلف العراقيل في طريق اعادة البناء الوطني , سواء بجهلها بطبيعة المجتمع العراقي , او لضرورة استمرار وجودها , وخلق الذرائع الكفيلة بحاجة العراقيين لهذا الوجود . ولعل اهم هذه العراقيل عدم تمكين العراقيين من اقامة مؤتمرهم الوطني بعد سقوط النظام الصدامي مباشرة , لتحديد أولوياتهم في بناء العملية السياسية , وأعادة بناء أجهزة الدولة على الاسس الوطنية الصحيحة . ولو تم لهم ذلك, لجنبهم المتاهات التي أخذت بزمام مسيرتهم , والتي وضعت اعادة بناء أجهزت الدولة بعد أجراء الأنتخابات , مما وضع اعادة البناء هذه في سلال الاحزاب الفائزة في الانتخابات – في عملية معكوسة بالكامل - . ونتيجة قسمة المحاصصة , أعيد بناء هذه الاجهزة وبالذات الأمنية منها وفق الأستئثار الحزبي , وفي عقلية لم تخرج بعد عن مخاوف المعارضة , ورغبات الأستحواذ المجنون التي رافقت الانتخابات , واعتبرتها تنازع أقطاعي لتثبيت المساحات الأكبر , في مجتمع خرج للتو من ظلمات النظام المقبور , ولايعرف اي تقليد للديمقراطية وحقوق الأنسان .
أن أولوية مصلحة السلطات الأمريكية في الوقت الحاضر كما يقول ريان كروكر السفير الامريكي في العراق : "في اطار عملية المصالحة السياسية يمكن للعفو أن يكون مهماً جداً " وأضاف " يمكن ان يكون مهما ايضاً في هذا الأطار الخاص الذي نسعى فيه الى ابعاد القدر الأكبر من الأشخاص عن النزاع ضدنا من اجل ان نكافح معاً عدواً مشتركاً هو القاعدة ."
وفي نفس الخبر ايضاً المنشور في صحيفة " الصباح" يوم 20070605 يقول السيد حسن السنيد النائب عن كتلة "الائتلاف العراقي الموحد " : " ان العفو العام الذي من المؤمل ان تصدره الحكومة هو جزء من برنامجها , ويأتي في اطار خطة المصالحة الوطنية , بالطريقة التي تضمن عدم عودة المجرمين لأرتكابهم الجرم مرة أخرى , ولا يشمل من في نيتهم العودة لأرتكاب جرائم ضد المدنيين " .
السفير الأمريكي حدد الطريق الذي يسيرون عليه , وذلك بأعادة البعثيين , وتوزيع السلطة مجدداً بينهم وبين الأحزاب الآخرى الفائزة في الانتخابات . والأمريكان لاتهمهم جرائم البعثيين السابقة , واعدام صدام وبعض مسؤولي الخط الأول هو لأستعراض الجبروت الأمريكي , وعقوبة من يقف ضده . والكل يعرف ان السيد رئيس الوزراء المالكي يخضع لضغوط امريكية في مسألة العفو , والمصالحة الوطنية – التي أصبح لابد منها – قرار أمريكي قبل ان تكون رغبة متفق عليها من قبل الاحزاب العراقية , وكنا نرغب ان لايفلت القتلة من العقاب .
والسؤال هو : لماذا تم التشهير بالشيوعيين والديمقراطيين في فترة الأنتخابات , واتهمتهم العناصر المتطرفة في قائمة "الائتلاف" بأنهم يريدون ارجاع البعثيين ؟ وفقط كانوا متفقين مع الدكتوراياد علاوي البعثي المنشق والمناضل ضد صدام حسين لثلاثين عاما على مشروع انتخابي وطني يرفض المحاصصة الطائفية والقومية , وأفترقوا عنه في الخطوات التي لاتصب في وحدة المشروع الوطني وسلامة العملية السياسية كما هو معروف.
وفي تخبطه المؤلم يقول السيد حسن السنيد " العفو بالطريقة التي تضمن عدم عودة المجرمين لأرتكابهم الجرم مرة أخرى " العفو عن قتلة العراقيين من البعثيين مفهوم, ولكن نرجو ان يساعدنا السنيد في توضيح هذه الطريقة السحرية التي تضمن عدم عودة المجرمين من البعثيين لأرتكاب الجرم مرة أخرى , وهم الذين يمارسونه لأكثر من اربعين عام . ويضيف " ولا يشمل من في نيتهم العودة لأرتكاب جرائم ضد المدنيين " . ونتوسل اليه مرة أخرى ان يساعدنا في معرفة " من في نيتهم العودة " عن طريق أخذ الفال بالمسبحة , او بقراءة الفنجان , او قراءة الكف , او بفال حافظ " الايراني " الذي يتركون فيه العصفور يأخذ بمنقاره ورقة الأتهام او البراءة للشخص المعني .
الى متى سنستمر بالأدعاء في امكانية معرفة وتوجيه كل شئ , حتى في علم الغيب ؟ ألم نتعض لحد الآن ؟
العراق بحاجة الى خطوات ملموسة وجريئة , تنقذ ما تبقى وتعيد الأمن , وما فقد من مستلزمات معيشة البشر.