| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

تقي الوزان

Wz_1950@yahoo.com

 

 

 

 

الثلاثاء 4 /7/ 2006

 

 

وستبقى الأسئلة تدور

 

تقي الوزان

الهجوم الدموي الأسرائيلي على قطاع غزة غيّب الأهتمام عن تغيير موقف حركة حماس من وثيقة الأسرى . الأعتراف ب"وثيقة الأسرى" يعني الأعتراف الضمني بأسرائيل .
حماس التي تقود السلطة الآن أدركت – ولو بشكل متأخر – أن متطلبات المرحلة الحالية , ومستجدات الوضع السياسي العالمي , ومطالبات القوى الدولية , وأغلب الدول العربية , وقبل كل هذا متطلبات الشعب الفلسطيني المحاصر والمهدد بالمجاعة . فرض على حماس الأستجابة لتبديل موقفها والأعتراف بالوجود الأسرائيلي .
لقد دعمت حماس بموقفها الجديد مشروع بناء الدولة مع باقي أطراف الحركة الوطنية الفلسطينية . وسحبت البساط من تحت اقدام الزعماء الصهاينة الذين طالما تحججوا بعدم وجود الشريك الفلسطيني . وموقف حماس هذا أفقد الجانب الأسرائيلي أعصابه , ودفعه للتشبث بموضوع أختطاف الجندي الأسرائيلي ليشن الحملة الدموية الحالية , في مسعى واضح لأفشال أتفاق الفصائل الفلسطينية على "وثيقة الأسرى" . التي كشفت , وستكشف أكثر النوايا الحقيقية للسلطات الأسرائيلية العنصرية التي لم تبغي السلام الحقيقي طيلة فترة وجودها .
ومثلما تضرر قادة اسرائيل من الموقف الجديد لحماس , تضررت الكثير من القيادات السياسية الفاسدة في فتح وزوايا السلطة الفلسطينية . كانت تراهن هذه القيادات على الجمود الفكري الذي يلازم الحركات الأصولية الأسلامية . الا ان حماس احبطت هذه المراهنات بتبديل وجهتها التي أتسمت بالواقعية , وجعلتها بديلاً عن التهويمات المثالية .
موقف حماس هذا سيصطدم بالكثير من العوائق , ولن يمر بيسر وسهولة . وأول المعترضين قسم من ابناء حماس نفسها , وبمختلف الأسباب , وأهمها , عدم أدراكهم تغيّر المرحلة لحد الآن . سيرفض هذا الموقف وبدرجات متفاوتة بعض الأحزاب الشقيقة والصديقة . وفي اسباب بعضهم العجز امام قدرة حماس من تغيير موقفها بالكامل .
موقف حماس الجذري هذا , والغريب على واقع السياسة التقليدي , يذكرنا بموقف الحزب الشيوعي العراقي عندما شارك بمجلس الحكم والعملية السياسية الواقعة تحت سيطرة سلطات الأحتلال الأمريكي . ووجد الحزب ان من الخطأ الجسيم عدم المشاركة في ساحة الصراع الرئيسية بعد زوال سلطة صدام . وهي اعادة بناء الدولة , واعادة بناء العملية السياسية السلمية . حتى ولو بالمساحة الضيقة التي انتزعها مع باقي الديمقراطيين والعلمانيين .
كل موقف جديد على خلاف مع السياقات المتعارف عليها يقف ضده الكثيرون, وقسم منهم اناس شرفاء .نحن نعرف ان الحزب الشيوعي العراقي كاد ان يكون المعارض الوحيد لتغييرالنظام الصدامي المقبور عن طريق التدخل الخارجي فقط .الا ان موقفه هذا لم يشفع له . ولا يزال يواجه بالسؤال من الأحزاب الشيوعية واليسارية , العربية والدولية , عن كيفية العمل مع قوات الأحتلال , والعدو الأمريكي بالذات .
ان الكثير من اليساريين لم يدركوا لحد الآن ان مجرى النهر قد تحول الى أراض أكثر ليونة . وعليهم استغلال كل الوسائل الحديثة التي منحتها المرحلة الجديدة لأرواء الأراضي التي تقع على ضفتيه . والأستغلال الأمثل لمجرى النهر, والوصول الى أحد الموانئ الآمنة , وليس الى الميناء الأوحد الأمين, كما كنا نعتقد .
لايزال الكثير من اليساريين يعيشون في المياه الراكدة التي تركها المجرى القديم , معتقدين انهم لايزالون في المجرى الطبيعي للنهر . رغم تكاثر الضفادع , والأدغال , وأخضرار اللون . والى ان يقطع المجرى الجديد علاقته بهذه المسطحات , والتي ستتحول الى برك ومستنقعات قبل ان تجف . ستبقى الأسئلة اليقينية تدور , وتدور . ليس للحزب الشيوعي وحماس فقط . بل لكل موقف يضع مصلحة الشعب قبل كل المسلمات الإيمانية .