| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

تقي الوزان

Wz_1950@yahoo.com

 

 

 

السبت 3/4/ 2010

 

الحزب الشيوعي والهموم النقدية

تقي الوزان

الكثير من الشيوعيين الحريصين , سواء في التنظيم ام خارج التنظيم , يتساءلون بمرارة وبصوت عالي عن سبب عدم حصول الحزب على مقعد برلماني واحد . وبغض النظر عن قانون الانتخابات المجحف , والوسائل الغير نزيهة التي مارستها القوائم المتنفذة في حملاتها الانتخابية , والتلاعب في النتائج , والإمكانيات الضعيفة للحزب , وبالذات المادية والإعلامية التي لا يستطيع بها مجارات الحملات الانتخابية للآخرين , والاهم هو تغييب الحزب عن الجماهير لأكثر من ثلاثين عاما . وعندما انفتح الاتصال بالجماهير على أوسع أبوابه بعد سقوط النظام , لم يكن لدى الحزب أية وسيلة , أو توجهات , تمكنه من الالتحام بالموجات الطائفية والقومية العالية التي تفجرت بعد 9 نيسان 2003 , وبعكس الأحزاب الأخرى التي تأسست على هذين الأسين , ولا تزال تحصد أصوات الناخبين . وكم كنا متفائلين عندما اعتقدنا ان العودة للقيم النبيلة التي يتمتع بها العراقيون ستكون سريعة , وفي أسوء الأحوال خمسة او ستة سنوات على ابعد تقدير لتجاوز المرحلة الانتقالية , ولم ندرك عمق الشرخ العراقي , إلا بعد ان رأينا حجم الخراب .

ان التشوه الذي لحق بالحياة العراقية , انعكس سلبا في فهم دور الحزب والعمل السياسي في أذهان الناس , وبات الكسب الشخصي بالحصول على وظيفة , أو إنجاز معاملة معينة ..الخ , هو الهم ( النقدي ) في الانتماء , وليس العمل التطوعي العام , والذي قد تدفع حياتك ثمنا لشرف الوفاء به كما كان سابقا , وهذا ينسحب على البعض من الشيوعيين الذين عادوا إلى الحزب بعد انهيار النظام السابق . ويعتقد البعض ان الانفتاح السريع لإعادة النسيج التنظيمي للحزب في اغلب المدن العراقية لم يكن موفقا , وقد أثقل الحزب , ليس ببناء وإعداد كوادر جديدة من الشباب , تكون أكثر استجابة للتطورات الكبيرة التي انقطع عنها العراقيون طيلة هذه السنوات , بل لمعالجة حالات التشوه النفسي وما تركه النظام السابق من جروح عميقة وآثار كارثية يصعب التخلص منها في كثير من الأحيان .

ومن جهة أخرى , وبعد الاستقرار النسبي لمظاهر الحياة الجديدة بعد التغيير , والمتحررة من سطوة النظام السابق , تطور الوضع لدى آخرين إلى سلفية شيوعية , تمجد وتقدس القيم والروابط التي تربوا عليها في بداية حياتهم الحزبية قبل ثلاثين عاما أو أكثر, ودفعوا ألاثمان الغالية بسببها , والتجرد عنها أشبه بانتزاع تاريخ معاناتهم ونضالاتهم في مواجهة دموية النظام السابق .

ان البعض من المفاهيم القديمة لعبت دورا كبيرا في تحديد الوعي , وعدم مواكبته للتطورات المتجددة . وعلى سبيل المثال " الحتمية التاريخية " لانتهاء الرأسمالية وانتصار الاشتراكية , التي ولدت القناعة لدى البعض بأن (الإيمان) بها يمنحه الأفضلية على الآخرين , ويختصر له طريق المعرفة الشاق , وان الانتماء للحزب الشيوعي والسير في طريق تحقيق أهدافه النبيلة في خدمة الإنسانية , والفقراء بالذات , ستمنحه الإمكانية التي تعوضه عن تطوير أدواته المعرفية , وعندما تصبح قناعة يقينية , يبدأ التعالي على الآخرين , واستخدام لغة الأستذة في اغلب الأحوال , وهي احد المشاكل المتوارثة لدى البعض من الحزبيين .

تقديس العضوية , واعتبار الحزب ملك ( طابو ) لأعضائه فقط من قبل بعض الحرفيين والسلفيين , افقد الحزب الكثير من الروافد , والخبرات , التي يتمتع بها الشيوعيين غير المنظمين , او الذين تركوا التنظيم لأسباب خاصة , وبينهم الكثير من الشيوعيين الحقيقيين الذين يتشرف الحزب واليسار عموما بهم , والحزب لا يخص المنتظمين فقط , او الشيوعيين واليسار بشكل عام , بل هو بتاريخه العريق , احد أوجه التاريخ العراقي منذ عشرينات القرن الماضي ولحد الآن , ويهم العراقيين جميعا , ولولا هذه الأهمية لما افرد له الباحث الأكاديمي الفلسطيني – الأمريكي حنا بطاطو احد كتبه الثلاث عن تاريخ العراق , وبطاطو أفضل من كتب عن تاريخ العراق الحديث باعتراف الجميع .

 

 

free web counter