| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

تقي الوزان

Wz_1950@yahoo.com

 

 

 

السبت 27/3/ 2010

 

الحزب الشيوعي ليس قبيلة ماركسية

تقي الوزان

يعتمد الحزب الشيوعي في نضاله اليومي على ركيزتين أساسيتين , الأولى الصراع الطبقي , والأخرى القضية الوطنية بكل أبعادها ( الاستقلال , السيادة , حل المسألة القومية , التنمية ..الخ) . وفي نظرة متفحصة للواقع الطبقي في العراق , نجد ان الفارق كبير جدا بين الأغنياء والفقراء الذين تجاوزت نسبتهم السبعين في المئة , والكثير منهم دون مستوى خط الفقر . والأغنياء اغلبهم حديثي النعمة , وكسبوا أموالهم الطائلة من الاعتياش على النظام , سواء في العهد الصدامي المقبور , او في العهد ( الديمقراطي ) الحالي . أي إن أموالهم لم تأتي عن طريق دورة اقتصادية طبيعية , ولها مقومات مالكي المعامل والورش والمؤسسات الإنتاجية , وتستخدم الطرق القانونية وغير القانونية لسلب حقوق الطبقة العاملة التي تقوم بالإنتاج . النظام السياسي في الحالتين , المقبور والحالي , منح الأغنياء أموالهم ولم يعط شئ للفقراء , وتم تفريغ الفارق الطبقي من الصراع , الذي يعتبر أهم مجال لنشاط الحزب الشيوعي . وابرز الأسباب وجود النفط الذي لم تستغل موارده لصالح الشعب , بل لتنمية قدرات الدولة الريعية التي خلقت اغلب هذه التشوهات .

اما القضية الوطنية فلم تعد مولدة لشحن وحدة العراقيين , وقد تمكن نظام صدام بسنوات حكمه الطويلة من إضعاف الوطنية وتفتيت مكونات هذه الوحدة , التي هي في الأساس لم تتبلور كهيكل صلب يستطيع الصمود أمام التحديات الطائفية , والقومية , والعشائرية , والمناطقية , والتي عادت الجماهير العراقية للاحتماء بها من شدة جور ظلم النظام . واشتد ضعفها أكثر بعد إزاحة النظام السابق وتفتت الدولة , وباتت أركان الضعف تتحرك بأطر قانونية توافقية في تحاصص السلطة . وهي الحالة التي أظهرت حرص الاحتلال في الحفاظ على وحدة العراق أكثر من قيادة مكوناته الطائفية والقومية .

الأمريكان من جانبهم نجحوا في تجريد وحدة العراق من الوطنية , التي يمكن أن تكون الأداة الشرعية الوحيدة والفعّالة لتثبيت الحقوق الوطنية , والنهوض بالعراق مجددا , وساعدهم في ذلك الجرائم الإرهابية التي ارتكبت باسم الوطنية من قبل العصابات السنية والمليشيات الشيعية . وباتت هذه الوحدة بحكومتها الوطنية المنتخبة أشبه ب(مديرية) توزع السلطة والمال والنفوذ بأشراف أمريكي ليس واضح للعيان , والعراقيون أشبه بالشعب اللاجئ في أرضه , وتصرف له المساعدات من واردات النفط , وتمنح التعيينات ( الامتيازات ) في الوظائف الحكومية للموالين لأحزاب السلطة مثلما كانت لموالي حزب البعث سابقا .

عندما افتقد الحزب أداتيه الفعّالتين أعلاه , تراجع في فاعلية التأثير الحركي على الجماهير , لصالح كونه حزب مبادئ وأفكار , وممثليه في العملية السياسية هم الأمثل في السلوكية ونظافة اليد باعتراف الجميع . والشهادة الأخلاقية لا تنفع كثيرا وسط بورصة الانتخابات والتشوه الذي شمل كل مرافق الحياة , وليس غريبا ان تجد قسم من الشيوعيين صوتوا لعلاوي , كي لا يخسر الحزب وتذهب أصواته لصالح القوائم الطائفية مثلما حصل في انتخابات مجالس المحافظات , وآخرين صوتوا للمالكي بعد أن انطلت عليهم الدعاية الانتخابية كون : التصويت لعلاوي يعني عودة البعثيين . دون ان يلزموا أنفسهم بخط الحزب الواضح .

الشيوعيون مطالبون في إيجاد المجالات الضرورية التي ينشطون فيها , بدل المجالات الحيوية التي اضمحلت , او تشوهت أشكالها , وليس مثل ما يقول احد الشيوعيين القدماء , من انه : يخجل ان يرفع رأسه بين الناس نتيجة الخسارة . وكأن الحزب الشيوعي قبيلة ماركسية , وتتعامل مع ( الخسارة ) في الانتخابات كنقيصة اخلاقية يخجل منها , وليس حزب سياسي له اعرق تاريخ , وأغنى تجربة وطنية بين كل القوى السياسية العراقية , والإخلاص للمبدأ يقيه من الانزلاق لممارسات غير نزيهة , او مساومات انتهازية تضمن له المقعد او المقعدين في البرلمان , لكي ( لا يخجل ) هذا الشيوعي القديم .

 

 

free web counter