| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

تقي الوزان

Wz_1950@yahoo.com

 

 

 

 

الأربعاء 27 /6/ 2007

 

 


الرباعية العراقية وأمل الخروج من المأزق


تقي الوزان

لاشئ يمنع من القول ان الثقة التي استودعتها الجماهير العراقية في قوائمها الانتخابية بعد ان تحدت الارهاب وشاركت في الانتخابات , قد ذبحت بسكين المحاصصة الطائفية والقومية , قبل ان تدفن على يد الارهاب البعثي والقاعدي اولا ومليشيات الاحزاب الشيعية تاليا . ويمكن القول ان المسؤولية الاكبر في اعادة الحياة للعملية السياسية , تقع على عاتق الاحزاب التي صرحت بأنها ستعلن اتفاقها على برنامج سياسي جديد في دعم الحكومة التي تقودها . وهي المجلس الاعلى الاسلامي العراقي , وحزب الدعوة الاسلامية , والحزب الديمقراطي الكردستاني , والاتحاد الوطني الكردستاني .

لاأحد من العراقيين ينكر التاريخ المشرف والتضحيات الجسيمة لهذه الاحزاب وباقي اطراف الحركة الوطنية في صراع العراقيين الدامي مع النظام المقبور . ولااحد من العراقيين لايعرف ان موجات المد الطائفي والقومي التي اعقبت سقوط النظام الصدامي , رفعت المنسوب الانتخابي الى درجته القصوى لهذه الاحزاب .
واذا كان المد القومي الكردي لايزال يتمتع بنسبة كبيرة من حيويته نتيجة تفاهم الحزبين الرئيسيين , وتوحيد اغلب الوزارات والادارات الاقليمية في كردستان , فأن الطريق لايزال في بدايته , والقيادة القومية الكردية مطالبة بالاستغلال الامثل لتطوير التجربة الكردستانية العراقية وفق متطلبات المرحلة الحالية , وليس بالأستعجال للحصول على مكتسبات اقرب للاستقلال الكامل , يضع التجربة بكاملها في خطر محاربة دول الجوار الكردستاني وباقي دول المنطقة .
واذا كان "الاستعجال" في القضية القومية "المشروعة" سبب في هذا التعثر , فأن الرابط الطائفي الشيعي والمتمثل بقائمة"الائتلاف" ولد اشكالات اعمق , واخذ بالتصدع . والبداية كانت مع خروج حزب"الفضيلة" الذي اكد ان سبب خروجه هو رفضه للحلول الطائفية , وفشلها في حل مشاكل العراق , ثم جاء انسحاب التيار الصدري , واكد انه ضد التوجهات الطائفية ايضا . فوجد "المجلس الاعلى" وحزب "الدعوة" ان من الانسب التوجه لهذا التحالف الجديد , وهو ليس بالجديد , ونذكر قدوم السيد مسعود البارزاني الى بغداد قبل عدة اشهر , واعلن وقتها عن رغبته في تشكيل هذا التحالف لدعم المسيرة السياسية المتعثرة .

من ناحية اخرى ارتفعت حدة التصريحات ضد الدكتور اياد علاوي , والتهويل من مؤامرته , حال عودة السيد جلال الطالباني رئيس الجمهورية من واشنطن . وكأن تحركات علاوي لم تكن معروفة , فعلاوي منذ رجوعه الى العراق بعد سقوط صدام عمل على لملمة البعثيين غير المتورطين بجرائم كما صرح في وقتها . وزاد من توسيع اندفاعه بهذا الاتجاه , التجريح , والتشويه لتاريخه المعادي لصدام , الذي رافق الحملة الانتخابية من قبل بعض اطراف قائمة "الائتلاف" . وجعل التبشير بفشل الحكومة على لسان معاونيه قبل ان تبدأ الحكومة بالعمل , وطموحه الشخصي في رئاسة الحكومة ليس خافيا على احد . ويبدو ان الامريكان في ضغطهم على الحكومة العراقية لدفعها للعمل الجاد اكثر , وضحوا للطالباني ان تحركات علاوي , وما لاقاه من تأييد في الدول العربية يمكن ان يكون احد السيناريوهات البديلة والمقبولة في حالة فشل الحكومة الحالية .

المشكلة ليست في علاوي ومؤامراته واتفاقاته مع الدول العربية , المشكلة هي بما تنجزه الحكومة العراقية على طريق سلامة المسيرة السياسية , والسيطرة على الامن , وما تحققه من الايفاء بوعودها لواشنطن , وللمشاركين في مؤتمر "شرم الشيخ" . وكما هو معروف فأن علاوي والحكومات العربية لاتستطيع ان تفعل اي شئ بدون الموافقة الامريكية . ويخشى ان يحوّل الفشل بالايفاء بهذه الالتزامات الى شماعة مؤامرة علاوي, ويكون تشكيل هذا التحالف رد فعل على "مؤامرة علاوي" .

لا احد من العراقيين الذين تهمهم المصلحة الوطنية لايرغب ان تجري التحالفات على اسس حزبية , وبرامج سياسية تهتم بمصلحة الجماهير , وليس على اسس طائفية او قومية , كالذي جرى واوصل العراق الى ما وصل اليه من انحدار , واعاد الحياة للبعثيين في ثوب الطائفة السنيّة . والعراقيون لازالوا يأملون من اتفاق الرباعية قطع الطريق على القتلة والمجرمين , والنهوض بالعملية السياسية لافقها العراقي الرحب . وليس للمحافظة على الاعتقاد الخاطئ , بأن ما تحقق من انجازات طائفية وقومية هو المكسب الذي تهون دونه كل التجربة العراقية التي لايضاهيها في مأساتها شبيه بكل العصر الحديث .