موقع الناس http://al-nnas.com/
خريطة القوة في العراق
تقي الوزان
الجمعة 1 /9/ 2006
" مسودن ونشيط " صفتان تتكاملان
بحالة واحدة . والمسودن في العراق لاتعني المجنون الرسمي , أي من لحق الخراب بعقله
من ناحية فسلجية , بل بمن يدعي الجنون , ويحسم اي امر كبير قبل ان يفكر به ,
والنشيط الذي يمتلك القوة الجسدية التي ترافق الصفة الأولى لحسم اية مشكلة , وحصوله
على الشئ الذي يريده . والبيئة الأجتماعية العراقية تحوي الكثير من هذه النماذج .
حتى اصبحت احدى المهن الجديدة المربحة جداً في السنتين الأخيرتين . وأبرز اسباب هذه
الظاهرة هو الكسب غير المشروع , وتنفيذ رغبات التسلط . بعد ان اصبحت القوة الجسدية
تعني العصابات والمليشيات المسلحة في غياب فاعلية القانون .
وللمسودن تسميات عدة تحدد درجته ونوعيته , فمثلاً " السويج " وتعني يمكن تحريكه
لأرتكاب الحماقة بأسرع وقت , ومن اول كلمة , و" النص ردن " الذي يستخدم نصف عقله
ونصف جنونه , و" المنكَد " الذي على بداية طريق الجنون , والتسميات كثيرة " مشخوط ,
نص ستاو , شماعية , كويلات , خلص تتنه .....الخ ".
وفي معرض تداول " النص ردن " الدكتور محمود المشهداني رئيس البرلمان العراقي مع حجة
الأسلام والمسلمين السيد مقتدى الصدر حول " كويلات " الشعب العراقي الذي انتخب هذه
النخبة " النص ستاو " لمجلسه التشريعي. وسأل الدكتور المشهداني السيد مقتدى الصدر ,
فيما اذا كان يرغب بمناقشة وجدولة الأنسحاب الأمريكي من العراق . فأجابه السيد
مقتدى وبشكل حاسم : لاحبيبي أحنه " سويج " مانفيدك , روح للفضيلة " منكَدين "
ويفيدوك .
" المسودن ونشيط " يمارس " رجولته " وتسلطه على الضعفاء من ابناء منطقته ومدينته ,
ويتحاشى الظهور امام الأشقياء والبلطجية الحقيقيين , خوفاً من ان ينكشف جبنه وهزاله
, ويسقط حتى في نظر من يغشونه . وعند ملاقاته للشقي يتقرب له , ويظهر له الطاعة ,
ويكون حريصاً على ان لايلفت نظره الى اي مظهر يدعي " الرجولة " خوفاً من استفزازه .
والشقي من جانبه لايعيره اي اهتمام , ولكنه يقلم اضافره عندما يكشف ثعلبيته ويحس
بأزعاجه , ويبطش به عندما يشعر اصبح خطراً عليه ويكاد ان يزيحه من منطقة نفوذه .
والشقي هذه المرّة ليس لديه وطن , ولا قومية , ولا دين , ولا مذهب , ولا ضمير
اووجدان . اي لايوجد شئ من الصفات الأنسانية يمكن ان يردعه مثل اشقياء ايام زمان ,
فالشقي الأمريكي ليس امامه غير مصلحته .
ويبدو ان بعض القوائم " خلص تتنهه" , وبالذات قائمة "الإئتلاف " التي لن يشفع لها
حبل المساعدات الإيرانية , ولا تزكية آية الله العظمى السيد علي السيستاني بعد ان
نفض يديه منها , ولا التصريحات الدبلوماسية بين بعض اقطابها.
بعد ان مزقتها الصراعات الدموية بين اطرافها الرئيسية للأستحواذ على السلطة والجاه
والمال .وكذلك للأنكشاف الذي اخذ يتمظهر اكثر بين "الشقي " و "المسودن ونشيط " .
والسبب الأخطر المظاهرات الشعبية التي انطلقت في الكاظمية والديوانية والناصرية
والسماوة , وربما في مدن أخرى جرى التعتيم الأعلامي عليها مثل مظاهرات دربندخان
وكلار وكفري وجمجمال والسليمانية . وجميع هذه التظاهرات تطالب بالخبز , والأمن ,
وتحسين الأوضاع , وتدوير الدورة الأقتصادية . وكفرت هذه الجماهير بكل الذين
انتخبتهم .
الوقت اصبح ضيقاً بالنسبة لقائمة "الإئتلاف " , وعلى الأطراف المكونة لها ان تحسم
وضعها . فاما الأنحدار مع الشقي الإيراني المراهق , او السير في ركاب الشقي
الأمريكي الكبير صاحب السلطة المخولة في العراق , حال القائمة " الكردستانية " ,
وحلفاء الأمريكان القدماء الجدد من البعثيين في قائمتي " التوافق والحوار " . او
الأنسحاب الى قسم الفقراء في القائمة " العراقية " من الشيوعيين والديمقراطيين
والعلمانيين , الذين لاحول لهم ولا قوة في هذه المرحلة المشؤومة .
والشعب العراقي لم يكفه الوضع البائس الذي يعيشه , بل يجرجر اليوم , وعلى ايدي من
انتخبهم الى افق غير محدود من القلق والخوف مع اقتراب الصراع بين الإيرانيين
والأمريكان حول الملف النووي الإيراني . والعراقيين يعرفون جيداً ان الثمن الأصعب
الذي يدفع للحرب هو من دمائهم , وليس من دماء الأشقياء والحوشية .