| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

تقي الوزان

Wz_1950@yahoo.com

 

 

 

الجمعة 19/3/ 2010

 

لكي لا نبرر الخسارة, أو الانسياق وراء جلد ألذات

تقي الوزان

قبل أن تعلن النتائج النهائية, نسأل: ماذا بعد خسارة الحزب الشيوعي في الانتخابات ؟ الكثير من سيتألم , والبعض سيتعامل معها بشكل عاطفي , أي بجرعات مضاعفة من الألم . كان عندي صديق من الشيوعيين القدماء يدعى سلمان , يعمل مدرس , وهو خريج كلية الآداب عام 1971 , ولفت انتباهي انه لم يعد إلى الحزب عند إعادة التنظيمات بعد سقوط النظام الصدامي . صديق آخر اخبرني : انه لن يعود إلا بعد أن يقبض على صدام . وفعلا عاد إلى التنظيم بعد يومين من القبض على صدام , وبعد فترة قصيرة طلب من الحزب ترشيحه في انتخابات مجالس المحافظات , وفاز في عضوية إحداها . كان عندما يقبض الراتب الشهري ( يأكل رأس ) كل من له علاقة بالحزب : بأنه يدفع بدل اشتراك للحزب مئة ألف دينار في الشهر , ولم يذكر حجم راتبه في المجلس البلدي . انتهت الدورة السابقة , ورشح للدورة الحالية , ولم يفز , وترك الحزب بعد ثلاثة أسابيع . أمثال سلمان سيتركون الحزب , لان باب الارتزاق أصبح محدودا , إن لم يصبح مسدودا.

الشامتون سيعلو ضجيجهم , وينتظرون هذه النتيجة على أحر من الجمر , والكثير منهم لا يجد توازنه إلا في خسائر الحزب .

الحزب ليس فردا , يمكنه الانضواء تحت خيمة التكتلات الكبيرة ويضمن له مقعد او مقعدين في البرلمان ويتحاشى الوضع الحالي , وقدمت له الدعوات من بعض هذه القوائم الكبيرة كما ذكر على لسان بعض قيادييه قبل بدء الحملة الانتخابية , الا ان شرطه في ان يكون فاعلا في رسم سياسة القائمة أو في اتخاذ قراراتها , منعه من أن يكون تابعا لارادات همها الأساس الفوز بالسلطة قبل تطبيق البرامج والنهوض بالمجتمع . وعندما لم يجد المحيط الذي يتكئ عليه في تحالفه , قبل التحدي , ودخل بقائمته اتحاد الشعب , وخسر , وبغض النظر عن ظلم قانون الانتخابات , والطرق غير المشروعة التي مورست في الانتخابات , وميزان القوى الذي لم يكن في صالحه , وسط مرحلة لا يزال تآكلها الطائفي والقومي هو الغالب, واستطاعت القائمتان الكبيرتان ان تجعل الاستقطاب على أشده , ويدور في فلك عودة البعثيين من عدمه , وفي احشائه كل المقومات الطائفية والطموحات الشخصية , وتركز الاستقطاب في التصويت لمنصب رئيس الوزراء , وهل سيكون من حصة علاوي ومعه البعثيين والقاعديين والسنة التكفيريين والحاقدين على اداء حكومة المالكي , أم من حصة المالكي والشيعة . ومع كل هذا , فالخسارة رغم كونها رفض لهذا الاستقطاب الذي زيف طبيعة الصراع فهي خسارة, ولا عيب في الاعتراف بها , إلا اننا نجد الكثيرين يتبرأون منها, بعكس الفوز الذي يجد له آباء كثيرون كما هو معروف .

ولكي لا تتحول الخسارة إلى جلد للذات وتهويل في التقصير , او رمي الأسباب على الجماهير والآخرين , علينا ان نقدر ان الارتكاز على التاريخ العريق والباهر للحزب ليس كافيا , والتفاؤل غير المقيد بشروط الواقع , وتحميل الحزب اسباب الضعف والانحسار الحالي , دون الأخذ بعين الاعتبار ان العودة لأحضان الشعب هي الولادة الثانية للحزب بعد ثلاثة عقود من الغياب . انه ليس التخلي عن حقوق الشغيلة والمحرومين كما يقول البعض , وليس الخلل في الخطاب السياسي والبرنامج الجديد الذي يتبناه الحزب , ولا بالجهود الكبيرة المبذولة في حملته الانتخابية من قبل رفاقه وأصدقائه , إنما حاله لا يختلف عن حال جميع مكونات التيار الديمقراطي المشتت , وهو واقع حال الحزب الذي لا يمكن ان يتوازى مع زخم الأحزاب الطائفية والقومية الأخرى , التي تمتلك الدعم الخارجي الكبير , والداخلي الذي لا يزال يتمثل بامتلاك السلطة وسيطرة الطبقة السياسية الطائفية والمناطقية , وانتشار الفساد والرشا وشراء الذمم , وجماهير عاطلة عن العمل ومتلهفة للحصول على كل شئ .

وحتى لا نقع في نفس المطب المتشائم , ونجرد المرحلة من إنجازاتها التاريخية التي تحققت بالاتجاه الديمقراطي والفيدرالي التي عمل الحزب لتحقيقها طيلة سنوات وجوده , قد أقرت في الدستور , وتتبناها جميع الأحزاب العراقية حاليا , بما فيها الأحزاب الطائفية التي كانت الى ما قبل عشر سنوات تعتبرها من (المحرمات) التي تتحاشاها , والمستقبل سيكون أكثر ضمانا لما يناضل من اجله الشيوعيون .

ولا يمكن نكران ان الحزب يعاني من نواقص لا علاقة لها بطبيعة المرحلة , بقدر ما متعلقة بنوعية ادائه اليومي, وأبرزها تخلف إعلامه الذي لم يتمكن من النهوض بمسؤولية الحزب الانتخابي , وعدم امتلاك فضائية او برامج زمنية مؤجرة من الفضائيات قد حرم الحزب من اهم إمكانية تواصل مع الجماهير , ولم يبقى غير الصحيفة والموقع الالكتروني , وهما يفتقدان للحرفية ايضا . واغلب الكوادر الإعلامية تذهب إلى صحف تدفع لهم على كل مقال بالدولار , في الوقت الذي اغلب من يعملون في طريق الشعب والموقع الالكتروني من المتبرعين .وان إعادة هيكلة الحزب وتجاوز إشكالات مخلفات المرحلة السابقة التي رافقت إعادة التنظيم , من الأمور المهمة التي يجب الاهتمام بها , وكذلك إلغاء اغلب المقرات التي تحولت الى نوادي ومقاهي أكثر مما هي لاحتواء النشاط الحزبي , والمقر لا يستفاد منه في أحسن الأحوال أكثر من ساعتين في اليوم ويدفع له إيجار لأربع وعشرين ساعة , اضافة لابتعاد الحزبيين عن مواقع العمل وسط الجماهير , واصبح التواجد في المقر مثل الواجب اليومي . والترشيد المستمر لعمل الحزب , هو الضمانة الحقيقية في ديمومة المستقبل الواعد لعمل الحزب الشيوعي .

 

 

free web counter