موقع الناس http://al-nnas.com/
لا أحد ينكر عظّمة القائد
تقي الوزان
الثلاثاء 16 /5/ 2006
مثلما ظهرت المؤشرات الدالة قبل أجتياح العراق , تظهر
اليوم أغلب هذه المؤشرات على السلوك الأمريكي في طريقة تعامله مع ألملف النووي
اَلإيراني . ومن هذه المؤشرات , تخصيص أكثر من سبعين مليون دولار أمريكي "معلنة"
لدعم الأعلام , والجماعات المناوئة للنظام . كذلك توجيه دعوات الى أغلب ألنخب
السياسية الإيرانية المعارضة لغرض تجميعها , وبلورة مشروع برنامج سياسي يتولى وضع
خطة طريق لتغيير النظام الحالي . ومن الملفت للنظر تحرك منظمة "فدائي خلق " بهذا
الأتجاه , بالرغم من وضعها في قائمة المنظمات الأرهابية من قبل الأمريكان أنفسهم .
ومن العلامات البارزة ايضاً , دعوة الشباب والمعلمين الإيرانيين في الدول الغربية
للتدريس في الوحدات العسكرية الأمريكية والأنكليزية للمفردات الفارسية ألأكثر
أستعمالاً , وكذلك للعادات والتقاليد ألأجتماعية الإيرانية .
الخطوة الأخيرة ألأوضح بهذا الأتجاه هو إعادة العلاقات الدبلوماسية مع ليبيا ,
والتطبيع الكامل معها , وخلال ستة أسابيع فقط .
لقد مضت ثلاثة سنوات على النهج الليبي المتراجع , والذي يسميه الأعلام الغربي
ساخراً ب"الطريق الليبي ", الذي أستجاب للمتطلبات الغربية , والأمريكية على وجه
الخصوص . المتمثل بالتراجع عن طموحات التسلح النووي , وعن أسلحة الدمار الشامل ,
وتسليم ما تمتلكه ليبيا من معدات وأسلحة غير تقليدية الى الأمريكان . والألتزام
بقطع علاقاتها بالمنظمات "الأرهابية" من وجهة النظر الغربية , وعدم تقديم أي دعم
لها . والأعتراف بحادثة سقوط طائرة الركاب في "لوكربي"وتسليم المشتبه بهم ومحاكمتهم
, أضافة للتعويضات ألمجزية لضحايا الحادث .
كل هذا "الطريق الليبي " الجديد لغرض تجنيب ليبيا وزعيمها القذافي مصير العراق
ومصير صدام حسين . الذي أصبح النموذج الذي تهدد به الولايات المتحدة الأمريكية كل
الزعماء العرب وغيرهم ان هم امتنعوا عن السير في فلكها السياسي . إلاان الأمريكان
لم يكتفو بهذا لغرض اعادة العلاقات الدبلوماسية , فقد كانت لديهم اجندة خاصة ,
وطويلة , لها علاقة بحقوق الأنسان , والحريات السياسية , واعادة الحقوق والأموال
التي صادرتها الثورة الليبية من العوائل الهاربة . والطريق أطول مما أعلن عنه يوم
الأثنين الماضي من أعادة العلاقات الدبلوماسية والتطبيع الكامل .
ان الذي خدم الحكومة الليبية , وأعفاها من سلسلة المطالبات الأمريكية المتبقية ـ
التي لايهم الأمريكان تطبيقها ـ , هو الصراع الدائر بين الأمريكان وإيران حول
مشروعها النووي , والتوجه الأمريكي في تأمين مصادر الطاقة البديلة لنفط الخليج ,
والذي سيتأثر ضخه حتماً مع أي تصادم عسكري في المنطقة . سواء ما هددت به ايران من
ضرب وقطع أمدادات نفط الخليج التي تقع تحت مرمى نيرانها , أو بأرتفاع الأسعار
والتأمينات التي تصاحب كل تصعيد عسكري .
ان النفط الليبي يضخ الى البحر الأبيض المتوسط مباشرتاً , وهو من النوعية الجيدة ,
والقريبة من مستوى سطح الأرض . ولا توجد أي مشكلة تعيق تدفقه في حالة نشوب حرب
جديدة في الخليج , والذي زاد من سرعة القرار الأمريكي في تطبيع العلاقات هو فسح
المجال لشركات النفط الأمريكية للأسراع بتطوير الحقول , وزيادة معدلات الأنتاج
بأقرب وقت ممكن . والذي سيفسره الأعلام الليبي على انه أحد أنجازات القذافي الذي
أجبر الأمريكان للأسراع بالتطبيع . ولا أحد من الشعب الليبي يستطيع أن ينكر عظّمة
القائد وذكائه .
لقد استفادت ليبيا والعقيد القائد من كارثة العراق , وأعاد حساباته في المصير الذي
ينتظره ان أستمر في تحديه الفارغ .
وتستفيد ليبيا اليوم من الكارثة المحتملة لإيران , فيرفع عنها الحصار الأقتصادي ,
وتعود للتواصل مع السوق العالمية بمختلف النشاطات . ورغم الخسارات التي تحملها
الشعب الليبي لأكثر من عشرين عاماً مضت , إلا انه يبقى الطريق الأكثر سلامة من طرق
الأنتحار التي تنتهجها ايران وسورية , ويجنب الشعب الليبي من كارثة تعصف به وبقائده
, وتعيده خمسين عاماً أخرى الى الوراء مثلما حدث في العراق .