| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

تقي الوزان

Wz_1950@yahoo.com

 

 

 

الأثنين 16/3/ 2009



بسبب رفعة أخلاقه .. أتهم بالشيوعية

تقي الوزان

بعد فشل الانتفاضة العراقية الجبارة عام 1991 , وعودة الاجهزة الامنية لفرض سيطرتها على مرافق الحياة, وبصورة أكثر دموية كوسيلة لنشر الرعب وجعله احد مقومات الحياة اليومية , وفي ظل هذا الجو نشرت الاجهزة الامنية دعاية تؤكد ضلوع فيروز بأعمال العنف التي ارتكبها ( الغوغاء ) , وساهم مساهمة كبيرة في معالجة اغلب الجرحى والمصابين واعادتهم الى ساحة المواجهة .
ورغم ان مدينة الكوت لم تسقط بالكامل في ايدي المنتفضين , حيث تمكنت الاجهزة الصدامية في المدينة من لم صفوفها بعد ان فقدت سيطرتها لبعض الوقت , وذلك لقربها من بغداد ووصول الامدادات السريعة اولاً , وثانياً وهو الاهم رؤية المصير الاسود لمنتسبيها في باقي محافظات الجنوب امام الاعمال الفردية غير المنظمة للمنتفضين , وامام الاسلحة الفتاكة للاجهزة البعثية كان سلاح المنتفضين الرئيسي هو الحقد على جلاوزة النظام وانتزاع كرامة الشعب المهدورة .

فيروز من احدى العوائل الفيلية في الكوت , وحالها حال الفيلية الآخرين ايام النظام السابق , فقد جردوا من اوراقهم الرسمية العراقية , وقذف بأغلبهم الى الحدود الايرانية خاصة عندما شن صدام الحرب على ايران . فيروز كان من العشرة الاوائل على العراق في امتحانات الاعدادية , وحرم من القبول في الكلية الطبية التي كان يعشقها . ولكنه لم ييأس , وقدم التماساً الى احمد حسن البكر رئيس الجمهورية في وقتها , عسى ان يساعده في تجاوز ورقة شهادة الجنسية – السيف المسلط على الفيليين - . وفعلاً استجاب لطلبه رئيس الجمهورية وتم قبوله , وظل فيروز طيلة حياته يذكر هذا الجميل لاحمد حسن البكر رغم ما اذاقه البعث لهم من تنكيل وتهجير .

اكمل فيروز دراسته بتفوق , وواصل طريقه بنجاح حتى حصوله على التخصص ( الدكتوراه ) في الجراحة . كان موضع اعتزاز اهل الكوت , ولا يتردد في تقديم المساعدة لأي كان بعيدا عن روح الاستئثار التي ارادها له (الرفاق) البعثيون لحصر خدماته بهم , حيث كانوا يذكرونه دائماً كونه فيلي وفضل السيد الرئيس عليه . لقد جسد انسانية مهنته ببساطة قل نظيرها , كان يستفز المسؤولين البعثيين كونه لايأخذ اجور من الفقراء , بل ويساعدهم في شراء الادوية وتوفير المفقود منها , ونتيجة اخلاقه هذه اتهمه بعضهم بالشيوعية . كان لايعير اهتماما لكل تهديداتهم التي ارادت ان تحد من انسانيته , ويؤكد لهم دائماً : لافرق بين مسؤول حزبي وانسان فقير عندما يكون امام مسؤوليته الطبية , ويذكرهم بالقسم الطبي عند التخرج بأنه يستخدم كل معارفه الطبية في مساعدة الآخرين .

شعر بعض مسؤولي فرع البعث في المدينة بالاهانة بعد ان تأخرعليهم فيروز لنصف ساعة مع مريضين في المستشفى , حيث استدعوه الى مقر الفرع للاستفسار منه عن بعض الحالات المرضية . لم يتحملوا ( هذه الاهانة ) فقرروا التخلص منه بأقرب فرصة , وبسرعة جاءت فرصتهم بالاجتياح المجنون للكويت , واول من بعثوا به للمعايشة مع القطعات الدكتور الجراح فيروز .

مع بداية تحرير الكويت وانهيار الجيش الصدامي , تمكن فيروز من العودة الى الكوت . ليجد نفسه في آتون الانتفاضة الجبارة وامام مسؤوليات مهنية كبيرة , فقد كثر الجرحى والمصابين . وبأدوات جراحية بسيطة وغرفة في بيتهم المتواضع اجرى الكثير من العمليات الجراحية وانقذ حياة الكثيرين . وقد يتصور البعض ان عملياته اجراها للثوار فقط , كان يستقبل جرحى الطرفين من الثوار وافراد السلطة ايضاً من الاجهزة الامنية والبعثيين , وكان احد هؤلاء البعثيين عضو شعبة في الحزب وهو نفسه الذي اقتاده الى دائرة الامن بعد فشل الانتفاضة في مثل هذه الايام من عام 1991 ليغيب بعدها فيروز , ولم يعرف مصيره لحد الآن .
 

free web counter