| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

تقي الوزان

Wz_1950@yahoo.com

 

 

 

 

الأحد 15 /1/ 2006

 

 

 

ماذا سيبقى للعراقيين من العراق ؟!

 

تقي الوزان

الأطراف التي تغيبت عن الأنتخابات الأولى , والمعروف بعضها بتأييد العمليات الأرهابية . شاركت في الأنتخابات الأخيرة وحصلت على نسبة جيدة من الأصوات . الا أنها لم تصدر لحد الآن بيان سياسي يدين هذه العمليات الدموية . مما دفع السيد رئيس الجمهورية جلال الطالباني لتوجيه نقد لهذه الأحزاب والحركات بشأن هذه المسألة .
السيد عدنان الدليمي رئيس جبهة التوافق أستغرب من تصريح رئيس الجمهورية , وأعتبره "كفر" بحق مجموعة هذه الأحزاب والكتل . وتساء ل أيضاً , كون أصحاب هذه التصريحات لايقرؤون البيانات الصحفية التي تصدر بعد العمليات الأرهابية . وكأن هذه الأحزاب تمتلك شرف الكلمة التي تصرح بها . والعراقيون يعرفون أن أحزاب قارعت النظام المقبور ولسنوات طويلة , ولم تكن أدات من أدواته لاتمتلك شرف مثل هذه الكلمة . فكيف بمن كان يخدم النظام ؟
يبدو أن الدليمي لايفرق بين بيان سياسي يوضح النهج الذي سيسلكه هذا الحزب أو الكيان , وكونه برنامج عمل لمرحلة معينة , وبين تصريحات صحفية خجلة لأدانة هذه الجرائم . أن القبول بدخول العملية السياسية والمشاركة في الأنتخابات يعني تثبيت قطع الصلة والنبذ الكامل لكل الأعمال الأرهابية التي تعيق سير العملية السياسية السلمية . ويعتقد الدليمي أن هذه التصريحات هي الأساسات السياسية التي على ضوئها يستطيع تثبيت أي موقف , وتبقى الأرضية الدموية على ما هي عليه . على نفس النهج البعثي الذي سار عليه النظام المقبور والذي لا يفرق بين القانون وما يقوله ويرغبه صدام .
البعثيون نفسهم صادروا رأي السنة , وأخذوا يتحدثون بأسمهم عندما تكون المحاصصة في العملية السياسية طائفية. ويرفضونها عندما تتحول هذه الطائفية الى سياسة واقعية ستحرمهم من الواردات الغنية للأقاليم العراقية الأخرى .
خلف العليان الأمين العام لمجلس الحوار الوطني قال وبالتزامن مع تفجيرات كربلاء الأخيرة : لماذا عندما نطالب بحقوقنا تعتبرونه أرهاباً. قالها وبهذا الوضوح . العليان والقتلة من البعثيين يعتقدون أن الجرائم البشعة والعشوائية هي الطريق الأضمن لتحقيق وجودهم, والمظلة التي تدعم طروحاتهم السياسية .
كلنا نذكر الشهور الأولى التي أعقبت سقوط النظام . وكيف لاذ الجبناء بجحورهم , وأنتقلوا الى مدن أخرى , والى الأرياف , وغابوا عن أنظار ضحاياهم . ألا أن الأخطاء الفادحة لسلطات الأحتلال , وتلكؤالعملية السياسية , منحهم الوقت الكافي لأعادة تنظيم أنفسهم . كان هؤلاء القتلة يحلمون بالجلوس مع أناس حقيقيين أفنوا سنوات عمرهم في مقارعة النظام المقبور . ومع الأسف تراجع بعض هؤلاء"الحقيقيين"بعد أستلام السلطة ومواقع القرار الى أصولهم الطائفية , وشحذوا حراب مليشياتهم لمصادرة وسلب حرية الآخرين . وناسين شهداء وتضحيات العراقيين الجسيمة طيلة عقود البعث المظلمة . ووضعوا أنفسهم في كفة الميزان المعادلة للقتلة من البعثيين .
كان التوقع أن تشكل حكومة توافق وطني كما صرحت به كل الأطراف . وكان من المتوقع ايضاً أن تستمر حالة التربص بين الأطراف الموالية لأيران من جهة والقوات الأمريكية من جهة أخرى . ألا أن أرتفاع حدة الصراع الأيراني الغربي حول المشكلة النووية الأيرانية سخن الحالة العراقية بشكل سريع , وبعد أيام معدودة على تطمينات تشكيل حكومة الوحدة الوطنية .
تصريحات السيد عبد العزيز الحكيم النارية في لقائه الصحفي مع السيد محمد عبد الجبار الشبوط المنشورة في صحيفة "الصباح" و"عراق نت"في الرابع عشر من هذا الشهر تزعزع الثقة بكل الأتفاقات السابقة, ومواد الدستورالذي صوت عليه العراقيون.
ومما جاء في هذه التصريحات أن منصب رئيس الوزراء يجب أن تكون القائمة هي المتحكمة به , وتستطيع أن تعزله وقت ما تشاء . وليس مجلس النواب الذي يسحب الثقة منه بتصويت الثلثين من أعضائه كما أقره الدستور . في أجراء يراد منه ألزام رئيس الوزراء أو الوزير بالتمثل الكامل لماتصدره قيادة القائمة من توجيهات , ويجرده من صلاحيات رئيس السلطة التنفيذية . وتعكس هذه الرغبة القلق وعدم الثقة بين رئاسة القائمة ومرشحها . ومن ناحية أخرى تطبق نظام ولاية الفقيه على نصف الحكومة الخاضع لقائمة "الأئتلاف". وهذا يوجد أكثر من نظام في الأدارة ويعرضها لشلل كبير.
وتحول عنده مفهوم "التوافق الوطني " في تشكيل الحكومة الى مفهوم "حكومة مشاركة" ويعني أن باقي الأطراف تكون تابعة , وذيلية , لما تقرره القائمة الأكبر "الأئتلاف".
ويقول السيد الحكيم , وخلافاً لكل الأعراف الديمقراطية واللغوية بأن مفهوم الكتلة الأنتخابية الأكبر , ليس ما تشكله تحالفات القوائم الفائزة في الأنتخابات داخل مجلس النواب . بل القائمة التي حصلت على أكبر عدد من الأصوات . ناسفاً ضرورات التحالف بين القوائم على برامج سياسية محددة وتشكيل كتل برلمانية كبيرة تضمن تحقيق هذه البرامج .
السيد الحكيم يرفض أجراء أي تعديل يمس جوهر الدستور , وهو الشرط الذي أقر لغرض تمرير التصويت على مسوّدة الدستور في الفقرة "140"والتي تنص على أعادة كتابة بعض مواد الدستور . وتشكيل لجنة من مجلس النواب الجديد وخلال الأربعة أشهر الأولى . وكان هذا الأقرار لجر المقاطعين للعملية السياسية من "السنة" للمشاركة , وبكفالة السلطة الأمريكية .
ويقول السيد الحكيم : أنا أؤمن بالديمقراطية بمعنى حكم الأغلبية وأحترام التصويت على وفق آليات نسعى من خلالها الى تحقيقها . ويبدو اننا سنحتاج مرّة أخرى الى حميدة نعنع لتفسير هذه الطلاسم .
الجربة وحثالات البعث الساقط ليسوا بحاجة الآن الى أن تظلل مطاليبهم بتفجيرات وجرائم جديدة . لأنهم سيكونون الورقة الرابحة في المسلسل الديمقراطي الأمريكي . والعراق سيطحن من جديد بين مطرقة المصالح الأمريكية وسندان الطائفية وممثلي النظام الايراني . ولا نعرف ماذا سيبقى للعراقيين من العراق ؟!