موقع الناس http://al-nnas.com/
للتذكير فقط
تقي الوزان
الجمعة 15 /9/ 2006
لايزال فشل انتفاضة عام 1991 يمثل جرحاً عميقاً في
الجسد العراقي , وما تبعها من ايغال بطرق ووسائل القتل على ايدي وحوش مؤسسات النظام
المقبور . واهم اسباب ذلك الفشل عدم وجود القيادة التي توحد جهود المنتفضين ,
والسبب الذي كسر ظهر الأنتفاضة هو دخول بعض الطارئين عليها ورفعهم شعارات شيعية
طائفية اثارت حفيظة دول الجوار والأمريكان الذين شجعوا العراقيين على الأنتفاض ,
ووعدوهم بالمساعدة , وعلى لسان الرئيس الأمريكي بوش الأب . هذه الشعارات التي
اعتبرت محاولة لوضع العراق في الحضن الايراني . وايران لم يكن لديها المشروع النووي
الحالي , فما بالك الآن ؟! فآثروا البقاء على صدام ونظامه , وليذهب الشعب العراقي
الى الجحيم . وبدل مساعدة العراقيين ساعدوا صدام وسمحوا له بأستخدام الطائرات
العمودية لسحق الأنتفاضة , والتي وقع على عدم طيرانها في شروط استسلامه في خيمة
صفوان . فهل يلام الأمريكان على نذالتهم وغدرهم بتبديل وجه المساعدة التي وعد بها
بوش الأب , وهم الذين لايعرفون غير مصلحتهم ؟
لقد قدم وكلاء ايران خدمة لم يكن يحلم بها صدام ونظامه المقبور , وفلت من المصير
المحتوم الذي كان ينتظره على ايد ي المنتفضين وهم يسيطرون على اربعة عشر محافظة ,
ولم يبقى الا القليل . وتمكن من الأستمرار اثنا عشر سنة أخرى , أذاق فيها العراقيين
امرّ ما يمكن ان يراه شعب بين شعوب الأرض قاطبةً .
لقد مرت ثلاث سنوات ونصف على سقوط نظام البعث , والسلطة اصبحت بيد ابناءه , وطريق
اعادة بناء العراق اصبح واضحاً , الا ان الأنحدار ازداد خطورة , ومثلما لا يوجد عتب
على نذالة الأمريكان في تخليهم عن مساعدة الأنتفاضة فلا يوجد عتب على عصابات البعث
ومجرميه بممارسة دمويتهم المعهودة في محاولة ارجاع سلطتهم المفقودة , ولا على السنة
التكفيريين ومن لف لفهم بأرتكاب اخس الجرائم بحق العراقيين بحجة مقاومة الامريكان .
العتب , كل العتب على ابناءه الشرفاء , وكلما زادت المسؤولية زاد العتب , وقائمة
"الإئتلاف" هي الأكبر بتوجيه هذا العتب . فبعد كل هذه السنوات لم تستطع ان توحد
موقفها بأتجاه طريقة اعادة بناء العراق , رغم دعم المرجعية الدينية لها , والدعم
الشعبي الذي قل نظيره , بسبب الرغبات والمصالح الشخصية في توجيه الأحداث .
السيد عبد العزيز الحكيم رئيس القائمة يتجاهل فشل القائمة في ادارة الدولة ,
وانحدار الأمن , والبطالة , والأزمات الأخرى الى قعر القاع , وبات بعض الناس يترحم
على ايام النظام المقبور . وبدل الأقرار بهذا الفشل , والتوقف لدراسة هذه الأمور
ومعالجتها , جرى تسخين الصراع حول فيدرالية "الوسط والجنوب " الطائفية , والمرفوضة
حتى من قبل اغلبية الشيعة . هذا المشروع الذي تسعى ايران لأنجازه بكل الطرق لغرض
افشال مشروع الفيدرالية القومية للأكراد , ومن خلاله تجزئة العراق , وفي نفس الوقت
وضع "الوسط والجنوب " النفطي تحت السيطرة الايرانية الكاملة .
وهذا يتناغم مع طروحات بعض القوميين من الأكراد , والتي تعتقد ان اثارة الحرب
الأهلية بين السنة والشيعة وتفكيك العراق , سيمنحها الفرصة "الذهبية" لأعلان
الأستقلال دون اثارة حفيظة تركيا وايران وسوريا التي يتوزع عليها الأكراد ,
والمعارضة لهذا الأستقلال . خاصة وفي ظل استمرار حماية الراعي الامريكي لكردستان .
هذا مفهوم من بعض القوميين الأكراد , ولكن غير المفهوم ان يتساءل بعض الديمقراطيين
واليساريين من الأكراد وبأستغراب عن عدم موافقة الآخرين على اقليم "الوسط والجنوب "
الطائفي , وهم يعلمون جيداً ان الأصرار على هذا الأقليم هو لتفكيك العراق . وإلا
لماذا لا تتم الموافقة على اقامة الفيدرالية لمحافظة او ثلاثة او اربعة اوحتى تسعة
, ولكن برغبة الجماهير , وليس تحت ظلال حكم المليشيات , ورايات التهجير الطائفي ,
وفقدان الأمن . ومثلما اقرت كمبدأ في الدستور يجري تشريع القوانين له .
من المؤلم ان تستفيد بقايا عصابات البعث ومجرميه من اعادة ذات الخطأ , ومثلما حدث
في الأنتفاضة يجري تجيير المذهبية الشيعية مرة اخرى لتشكيل اقليم طائفي تتوضح اليد
الايرانية فيه يوماً بعد آخر . وسط مجموعة عوامل لايصب اياً منها في مصلحة الشعب
العراقي , وأولها غدر الأمريكان ونذالتهم , وفشل سلطة قائمة "الإئتلاف " من حل اية
مشكلة وتمزق وحدتها , والغيوم التي تحجب عملية "المصالحة الوطنية " وغياب وضوح
مساراتها , واعادة تأهيل البعث , ومتطلبات هذا التأهيل . وكلها تشكل الأطار المبهم
للصورة التي سيكون عليها العراق .