كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

السبت 2 /1/ 2010

انتخاب العراق عضوا في لجنة ( التراث العالمي ) التابعة لمنظمة اليونسكو لقاء أجراه : طه رشيد باريس انتخب العراق عضوا في لجنة ( التراث العالمي ) التابعة لمنظمة اليونسكو في نهاية شهر تشرين الاول / اكتوبر 2009 وتعتبر هذه اللجنة من اهم اللجان التابعة لهذه المنظمة الدولية لما لها من دور دولي فاعل في الحفاظ على المواقع الأثرية في هذا البلد او ذاك وبهذه المناسبة التقينا سعادة سفير العراق في اليونسكو الاستاذ محي الخطيب الذي استجابا مشكورا لاجراء هذا اللقاء . نبذة حياتية عن سفير العراق في اليونسكو الاستاذ محي الخطيب - ولد السيد محيي كاظم الخطيب في بغداد عام 1940. - يحمل بكلوريوس في التاريخ من كلية الآداب/ جامعة بغداد عام 1963 - موظف في وزارة الخارجية منذ أكثر من 45 سنة، شغل خلالها مناصب دبلوماسية في كل من: إيران. المملكة العربية السعودية. الأردن. الولايات المتحدة الأمريكية. وأخرى في ديوان الوزارة في الدوائر السياسية، العربية، المراسم، وشعبة الدول المجاورة. - بعد حجزه في داره لمدة عشرة أشهر عام 1981 والتضييق عليه، اضطر الى الهرب من العراق عام 1982، وعاد الى الوطن في نيسان 2003. - انضم الى صفوف المعارضة منذ الثمانينات ، وشارك كمستقل في معظم مؤتمراتها في الخارج. - ساهم في إعادة اعمار وزارة الخارجية بعد سقوط نظام الطاغية. - تولى منصب ( الامين العام لمجلس الحكم) منذ تشكيله ، وحتى حله. - تولى منصب ( الامين العام لمجلس الوزراء) في وزارة الدكتور أياد علاوي حتى تعيينه في منصبه الحالي سفيرا لجمهورية العراق لدى منظمة اليونسكو في آب عام 2004 . - متزوج من التربوية السيدة جنان نصرت القيسي ولهما ولدان وخمسة احفاد. هل يمكن ان تعرفون القارئ بمنظمة اليونسكو وبلجنة التراث العالمي المنبثقة عنها ؟ - بعد أن وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها عام 1945 ، وقعت الدول المتحاربة اتفاقية تأسيس الأمم المتحدة في سان فرانسيسكو في نفس السنة. واتفق الموقعون بعد ذلك على تأسيس وكالات متخصصة تقوم بخدمة المجتمع الدولي مثل : اليونيسيف. منظمة الصحة العالمية (مقرهما جنيف). منظمة الغذاء والزراعة الدولية ( مقرها روما) ومنظمة التربية والعلوم والثقافة ( اليونسكو) ومقرها باريس .. الخ يعتبر العراق من الدول المؤسسة لمنظمة الأمم المتحدة، ووقع وثيقة التأسيس المرحوم الدكتور فاضل الجمالي نيابة عن المملكة العراقية جنبا إلى جنب مع زعماء العالم يومذاك في مدينة سان فرانسيسكو كما أسلفنا. انضم العراق إلى منظمة اليونسكو عام 1948 ومازال عضوا نشيطا فيها مستفيدا من خدماتها الممتازة وتجاربها المتراكمة لأكثر من ستين سنة خلت. أما " لجنة التراث العالمي " فقد قامت بعد توقيع الاتفاقية الخاصة بها عام 1972. وبلغ عدد الدول المصادقة على ميثاقها حتى الان 186 دولة .. وكان العراق سباقا إلى المصادقة عليها عام 1974 بالنظر لحاجته الماسة لحماية آثاره وتراثه من العبث والسرقة والمتاجرة غير المشروعة. ومنذ قيام اللجنة وحتى الان لم يحصل العراق على عضويتها إلا مرة واحدة للفترة من 76-1983 يوم كانت مدة العضوية فيها سبع سنوات . ولرغبة الدول الأعضاء في تداول اكبر عدد ممكن منهم على العضوية فيها، اختزلت مدة الخدمة في اللجنة من سبع سنوات إلى ستة ، ثم استقرت على أربع سنوات. وما هي أهمية لجنة التراث العالمي ؟: - تنبع أهمية اللجنة من أنها منذ تأسيسها عام 1972 وحتى الان أفلحت بوضع 890 موقعا متميزا على قائمة التراث العالمي ووضعت خططا فعالة لإنقاذ بعضها وصيانتها وأخرى كفيلة بالمحافظة عليها وإبعاد الأخطار عنها. ولعل أفضل انجازاتها: رفع درجة الوعي لدى شعوب العالم بالأهمية البالغة لتراث البلد في تحديد هويته الثقافية وإنشاء علاقة عضوية بين الثقافة والسياحة والتنمية المستدامة وإشراك الشعوب بالمحافظة على تراثها وآثارها عن طريق إقامة مصلحة مباشرة بين الموقع الأثري والسكان المحليين الذي بدأوا يعتمدون في إدامة حياتهم الاقتصادية على المردود السياحي الكبير الذي ينفقه الزوار. ولكن جهات ثقافية دولية نافذة وجهت انتقادات للجنة بسبب استحواذ الدول المتقدمة في أوروبا وأمريكا الشمالية واليابان على معظم المواقع التراثية والطبيعية المدرجة على قائمة التراث العالمي، في حين لم يدرج على اللائحة إلا مواقع محدودة من الدول النامية، وخاصة في أفريقيا. للعراق ثلاثة مواقع أثرية !!!!!!!! وانتقدت اللجنة كذلك بسبب عدم كفاية برامج الحفاظ على الآثار وصيانتها وقصور في التخصيصات المالية المرصدة لها .. ولكنها تدافع عن نفسها بالقول أنها لاتجد تعاونا كافيا من الدول المعنية. وعلى سبيل المثال نقول إن هناك ثلاثة مواقع عراقية أدرجت حتى الان على لائحة التراث العالمي هي :" الحضر" في محافظة الموصل وقلعة الشرقاط التي تسمى " موقع آشور" في المحافظة نفسها ومدينة سامراء " عاصمة العباسيين" التابعة لمحافظة صلاح الدين. وقد حال التدهور الأمني دون زيارة خبراء اليونسكو للمواقع الثلاثة لرفع تقارير فنية بما تحتاجه من إجراءات كما إنها مازالت بدون إدارات محلية للمواقع الأثرية، وبعيدة عن إشراك المجتمعات المحلية المحيطة بالمواقع للمساهمة في إنقاذها من الأخطار المحدقة، وصيانتها والمحافظة عليها باعتبارها ستكون مصدر الرزق الرئيسي للمنطقة بأسرها بعد ان يبدأ الزوار بالتقاطر عليها. كم عدد الدول المنضوية تحت سقف اليونسكو وكم عدد أعضاء اللجنة؟ - يبلغ عدد الدول الاعضاء في اليونسكو 193 دولة صادقت منها – كما اسلفنا – 186 دولة على اتفاقية عام 1972 الخاصة بالحفاظ على التراث العالمي ،اما اعضاء " لجنة التراث العالمي " فهم 21 عضوا ينتخبون من قبل السفراء الممثلين الدائمين الذين يمثلون دولهم لدى اليونسكو بالاقتراع المباشر في شهر تشرين أول كل سنتين . الاستعانة بالمجتمع الدولي لحماية آثارنا نعرف بأنكم بذلتم جهودا كبيرة من اجل أن يصبح العراق عضوا في هذه اللجنة،كيف يتم اختيار الأعضاء وهل العضوية دائمة أم لفترة محددة؟ - تعود اسباب عزيمتنا الى نيل عضوية هذه اللجنة الى حاجة وطنية ملحة ، فقد تعرض المتحف الوطني العراقي في بغداد الى أعظم كارثة في تاريخه عندما سطا اللصوص على 15 ألف قطعة من اثار بلاد مابين النهرين منها قطع لاتقدر بثمن ويعود تاريخها الى خمسة الاف سنة. وتقول منظمة اليونسكو ان في العراق أكثر من عشر الاف موقع اثري. وكان الاسوء من كارثة المتحف، التعدي الصارخ الذي وقع على بعض تلك المواقع بالمعاول واليات الحفر لسرقة الآثار من الموقع مباشرة، مستغلين الفوضى الامنية في البلاد بين عامي 2004و2007 وانشغال قوات الشرطة والجيش بحماية المدن مما جعل مناطق المواقع الاثرية تحت رحمة سراق الاثار المحترفين. لقد انصبت جهودنا على دخول اللجنة للاستعانة بالمجتمع الدولي لحماية اثارنا وتراثنا وتهيئة اذهان الزملاء اعضاء اللجنة لوضع مواقع عراقية اخرى على لائحة التراث مثل بابل وأور والاخيضر وواسط وقلعة اربيل .. الخ . هل توجد دول عربية أخرى ممثلة في اللجنة؟ - قبل ان اتحدث عن الدول العربية لابد من ذكر المجاميع الجغرافية في اليونسكو والتي تشكل ست مجاميع وهي : المجموعة الاولى : اوربا الغربية، والولايات المتحدة الامريكية وكندا المجموعة الثانية : دول اوربا الشرقية والبلطيق المجموعة الثالثة: امريكا اللاتينية المجموعة الرابعة : الدول الاسيوية ، استراليا ونيوزيلنده المجموعة الخامسة A : المجموعة الافريقية المجموعة الخامسة B : المجموعة العربية والوجود العربي في اللجنة هو الأعلى بين المجاميع أعلاه وهو خمسة أعضاء : مصر والاردن والبحرين الذين فازوا في الدورة السابقة عام 2007، وعضوين جديدين هما العراق والامارات التي فازت بالتزكية بمقعد مخصص للدول التي ليس لديها مواقع مدرجة على لائحة التراث العالمي . استعادة سبعة الاف قطعة أثرية بعد سقوط نظام صدام حسين، تعرضت متاحف العراق واثاره للنهب والسلب من قبل عصابات مختلفة النوايا والأهداف.. ماهو مدى الاستفادة من وجودنا داخل اللجنة للحفاظ على التراث العراقي، وربما استرجاع ما موجود من قطع أثرية عراقية في هذا المتحف أو ذاك من بلدان العالم المختلفة؟ - استعاد المتحف الوطني العراقي حوالي سبعة الاف قطعة من مجموع 15 ألف قطعة نهبت من المتحف عام 2003 كما اسلفنا، ولكن مازالت حوالي ثمانية الاف قطعة مفقودة. ويبذل العراق جهودا كبيرة بمساعدة اليونسكو ومنظمة الجمارك العالمية والانتربول الدولي للعثور على بقية القطع المسروقة. أما سؤالكم عن الأمل باسترجاع نفائس اثار ما بين النهرين التي تزين الكثير من متاحف العالم، فهو موضوع تعالجه لجنة اخرى فاز العراق بعضويتها هذا العام أيضا وهي " اللجنة الدولية الحكومية لتعزيز إعادة الممتلكات الثقافية إلى بلدانها الأصلية أو ردها في حالة الاستيلاء غير المشروع". يبلغ عدد أعضاء اللجنة 22 عضوا انتخبوا لمدة 4 سنوات. ومن ناحية واقعية هناك معوقات لاحصر لها تحول دون استعادة الاثار الى بلدانها الاصلية ليس للعراق فقط بل لكافة دول العالم القديم مثل العراق واليونان وايطاليا والصين وايران ، ومصر. وعلى سبيل المثال فان جداريات اثرية نفيسة كانت قد سرقت من مقبرة وادي الملوك في مصر وبيعت الى متحف اللوفر في باريس الذي اشتراها بالرغم من معرفته بأنها مسروقة، ولم تستردها مصر مؤخرا إلا باستعمال التهديد والوعيد بطرد جميع البعثات الاثرية الفرنسية من مصر ووقف التعاون الثقافي والاثاري بين البلدين. مسلة حمورابي في باريس وهناك أمر تاريخي وفني ارتضته الدول الاعضاء في اليونسكو، وهو معرقل رئيسي لعملية الاسترداد وهو : لايحق لدولة المطالبة بقطعة اثرية لها كانت قد اخذت من موقعها قبل توقيع اتفاقية حماية التراث العالمي عام 1972. وفضلا عن ذلك فان معظم الاثار التي نهبت من بلدنا من قبل بعثات التنقيب الاثرية تم قبل قيام دولة العراق الحديثة عام 1921، وبالتحديد في فترتي الاحتلال العثماني والبريطاني للعراق. ولعل أشهر قطعة أثرية عراقية في متحف اللوفر في باريس هي " مسلة حمورابي " التي تصوره يتسلم قوانينه الشهيرة من الآلهة، لم تنهب من العراق بل من مدينة " سوسة " في ايران وكان الحيثيون الإيرانيون قد هاجموا بابل ودمروها واستولوا على المسلة ونقلوها الى ايران، حيث وجدها منقب فرنسي. وبوابة عشتار في برلين وبالرغم من معرفة العالم أجمع بان المسلة ملك لبلاد مابين النهرين ( العراق المعاصر ) فانها وجدت في بلد اخر رضي بتسليمها للفرنسيين في عصر حكومتين سابقتين لكل من العراق وايران المعاصرين، وعليه فان القانون الدولي المعمول به حاليا لايمكن العراق من استعادتها، وينطبق ذلك ايضا على ( بوابة عشتار) المعروضة في متحف برلين والتي آخذها منقبون المان باتفاق بين الدولة العثمانية والحكومة الالمانية قبل قيام الدولة العراقية. الآثار ثروة مستديمة كيف تقيمون دور الدولة العراقية في الحفاظ على التراث والموروث والاثار؟ - لكل دولة أولويات للعناية بالبلد وتطويره وازدهاره ، وقد انشغلت الحكومات المتعاقبة منذ عام 2003 ولحد الان بإحلال الأمن وحماية المواطنين مما يتعرض له البلد من إرهاب لأبنائه ، وتخريب لبناه التحتية وآثاره وتراثه. ومما ساعد على إهمال آثارنا وتراثنا العظيم هو غياب الوعي لدى الأغلبية بأهميته الكبرى في تشكيل الهوية الوطنية للشعب وعدم إدراك دوره الكبير، لو أستغل – كما يجب – في عملية الإنعاش الاقتصادي. ان النفط سلعة ناضبة عمرها في العراق بين 120-150 سنة ولكن آثار بلاد مابين النهرين الموجودة أصلا، والتي لازالت مطمورة ولم تكتشف، هي ثروة البلاد الحقيقية، وسيأتي يوم ليس ببعيد نشهد فيه ملايين السواح الأجانب يجوبون بلادنا الجميلة وينفقون فيها مئات الملايين من الدولارات، فالسياحة صناعة العصر، والثروة الهائلة التي تنصب على فرنسا وايطاليا واسبانيا من السياحة الداخلية والخارجية، اكبر برهان على مانقول .