| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

طه رشيد
taha.rachid@orange.fr

 

 


 

                                                                                       الأثنين 28/3/ 2011

 

بمناسبة يوم المسرح العالمي

الوجه الحضاري للوطن

طه رشيد

دأبتُ ومنذ سنوات على المبادرة أو الاشتراك بإعداد ملف عن المسرح العراقي بمناسبة يوم المسرح العالمي الذي يصادف في السابع والعشرين من شهر آذار من كل عام ، أتناول فيه بشكل خاص إبداعات ونشاطات وهموم المسرحيين العراقيين في الغربة ليكمّل رفاقي وأصدقائي وزملائي في داخل الوطن إلقاء الضوء على المسرح والمسرحيين في بغداد وبقية المحافظات كي يكتمل الملف وتصبح الصورة واضحة من كل جوانبها الفنية والهدف المرجو هو تنشيط الذاكرة للقارئ بوجود هذا العدد المهم من الفنانين العراقيين في الخارج بالإضافة لهدم فكرة الجدار الوهمي ـ الذي يدور في أذهان البعض ـ بين مبدعين الخارج ومبدعين الداخل !!.


فنانون في المغترب : أديب القليجي ، وداد سالم ، الراحل منذر حلمي ، علي فوزي ، نور الدين فارس ، علي رفيق

وجودي في الغربة / المنفى ، منذ أكثر من ثلاثة عقود سمح لي بتأسيس علاقات متينة مع المسرحيين العراقيين في المغْتَرَب الذين توزعوا على مختلف عواصم العالم وكنت أحاول دائما متابعة أخبارهم ونشاطاتهم وإبداعاتهم الجديدة ، وأحاول جهد الإمكان نقل فعالياتهم إلى الصحافة العراقية والتذكير بنشاطاتهم تلك رغم ضنك العيش وبرودة المكان وقسوة الزمن !! .

هؤلاء الفنانين الذين اضطروا لترك وطنهم ووظائفهم ومراتع طفولتهم قبل عقود لسبب وحيد وهو عدم الانصياع وطأطأة الرأس لنظام فاشي رحل مجلجلا بعاره غير مأسوف عليه ، لا يعرف معنى لحرية رأي أو لحياد في القول ، ولكونك مبدعا في عراق صدام أنذاك ، فعليك اذا ان تكون في هذه اللحظة أو تلك جزءاً من ماكنته الإعلامية .

اختار هؤلاء الفنانين ترك المال والشهرة ليتوزعوا على قارات العالم الأربع ، امتهن البعض منهم مهنا لا تمت بصلة لإمكاناتهم واختصاصاتهم ، لكنها الغربة ، لم تكن دائما بنفسجية اللون ، حريرية الملمس ! ، ومع هذا وذاك تجدهم - حين تحين الفرصة - يساهمون باجتهاد واضح لتقديم أعمالا إبداعية رغم تقادم الزمن ومضي السنين ! ، فها هو الفنان أديب القليجي ، على سبيل المثال ، رغم انزواءه في صوفيا ينجز كتابا ضخما عن المسرح العراقي ( 97 عاما من المسرح العراقي ) ، يستحق أن يكون كتابا دراسيا في المعاهد المسرحية والفنية ، وهناك في لندن تقوم الفنانة المبدعة روناك شوقي بلوي عنق الظروف لتقدم عملا مسرحيا شيقا أطرى عليه النقاد اينما عرض . . . والأمثلة عديدة في هولندا والسويد والدانمارك وبلجيكا وألمانيا وأصقاع أخرى في العالم .

في هذا العام كاتبت مجموعة من أصدقائي المسرحيين - الذين قدموا مساهمات رائعة خلال العام المنصرم وقام بعضهم بنقل كل كادره الفني من اجل تقديم عمله في بغداد وهو ما يفتح خطوط تواصل بين الفنانين العراقيين يتم خلالها تبادل الخبر والتجارب الفنية - ، كاتبتهم لكي يساهموا في ملف هذا العام ولكن المفاجأة بأني لم استلم أية مادة ، ورغم عدم إيماني المطلق بمقولة ( الغائب حجته معه ) إلا أني أجد لهم العذر، فالغربة ليست جنة عدن والعيش بعيدا عن الوطن المضطرم والمضطرب يزيد من كدر الأيام ، خاصة ما يصلنا من أخبار عن تكميم أفواه الشباب ومحاولة العودة بالعراق إلى ما قبل 9 نيسان 2003 بهذه الطريقة أو تلك وهو ما لا يرتضه العراقيين بعد أن تنسموا الحرية في القول وفي العمل .
الجميع ، فنانون وجمهور، كانوا يأملون - بعد رحيل الدكتاتورية المقيتة - أن تصحو بغداد على وطن يحترم الثقافة والكتاب والمبدعين ، يكرم الفنانين في الداخل والخارج ،الذين قضوا جل حياتهم من اجل الإبداع وإيقاظ الوعي الفني والاجتماعي والسياسي عند المتلقي ، الم تزل المقولة الخالدة : اعطني خبزا ومسرحا أعطيك شعبا واعيا ، صحيحة وفاعلة ؟ ، الجواب لا يقبل النفي ، خاصة اذا اضفنا الحرية للخبز لتكون الجملة مكتملة الموقع والمعنى
إذاَ لننحي لهؤلاء المسرحيين ، ولهؤلاء الفنانين الذين ساهموا ويساهمون بخلق أجيال جديدة واعية ، هؤلاء الذين يحاولون ايقاد شمعة لإضاءة دروب المدينة المظلمة ! .
إنهم بحق يشكلون الوجه الحضاري للوطن .


 

 

free web counter