| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

طه رشيد
taha.rachid@orange.fr

 

 


 

السبت 10 /4/ 2010

 

ما بعد الأقصاء

طه رشيد

ابتداءا اود ان اسجل إعجابي الشديد لشعبنا على ما ابداه من حماسة كبيرة للمشاركة بالانتخابات التشريعية الاخيرة فرغم تهديدات الإرهابيين الفعلية وتفجيرها لمفخخاتها اللئيمة وصواريخها التي تناثرت بشكل عشوائي على هذه المنطقة او تلك في بغداد . ان نسبة المشاركة تجاوزت الستين بالمائة وفي بعض المدن تجاوزت عتبة ال٨٠ بالمائة ـ أي انها تجاوزت حاجز الخوف وتهديدات الارهابيين ـ وهي نسبة عالية قياسا بالانتخابات السابقة سواءا في العراق أو أية دولة عربية اخرى ( كم عدد الدول العربية التي تجري فيها انتخابات حقيقية مثل التي جرت عندنا ؟ !!! )
لم يطمح العراقيون من خلال مساهماتهم في هذه الانتخابات او غيرها الا الوصول الى وطن آمن يسود فيه السلم الاجتماعي ومتوفرا فيه الحد الأدنى من الخدمات الاساسية ....
هذا عن الداخل اما خارج العراق فهناك آلآف مؤلفة من العراقيين الذين لا يقل حماسهم عن أشقائهم في الداخل فهم مثلهم تواقون لرؤية بلدهم يرفل في حرية حقيقة وسعادة دائمة ومن هنا كان اندفاعهم الكبير للمساهمة بالانتخابات التشريعية الأخيرة ، متمنيين اختيار مجلس نيابي جديد جدير بثقتهم ويساهم بشكل حقيقي في تأسيس دولة مدنية تحترم نفسها ـ أي قوانينها العادلة ـ ولا تسمح بالتجاوز على حرية المواطن في الاعتقاد والفكر والرأي ، هذه الاماني دفعت بالعشرات من العراقيين في فرنسا ـ كما في بقية الدول الاوربية ـ الى تحمل عناء السفر من باريس الى مدينة أوتريخت في هولندا للمساهمة في الانتخابات والعودة بأطراف الاصابع محناة بالبنفسج الزاهي ..
تجمعنا على الساعة السابعة صباحا وسط ساحة الأمة في باريس ( Place de la Nation ) حيث ينتظرنا باص سياحي سبق وان هيئه المنتدى العراقي في فرنسا بسعر زهيد ، لتستغرق الرحلة 14 ساعة ذهابا وايابا ، اضافة للانتظار اكثر من 3 ساعات أمام المركز الانتخابي الذي يخلو من اية خدمات ، لا مطعم ولا كافتريا ولا تواليت وكأن مفوضية الانتخابات كانت تنوي معاقبة المواطن العراقي على حماسه هذا .
المنظر يوحي بالمواساة ، اطفال بعمر الورد وقد لبسوا ملابسهم الجديدة وكأنهم في اول ايام العيد ، نساء ، شيوخ ، مقعدون وعدد هائل من الشباب التفوا بعضهم بالبعض الآخر من شدة البرد القارص وحمدنا السماء على انها لم تمطر في ذلك اليوم اذ كنا ننتظر في العراء ولان للصبر حدود كما تقول الاغنية ، اضطر البعض الى ترك المكان والعودة من حيث أتوا.
في داخل المكان ـ حيث محطات التصويت التي اغلق 5 منها ، لماذا ؟ لا ادري ـ لم يكن الوضع احسن سوى ان هناك سقف نحتمي به من شدة البرد .
احدى التجاوزات الوقحة ان احدى الموظفات اعطت لاحد اصدقائنا ورقة تصويت سبق وأن أشر فيها بعلامة صح على احدى القوائم وحين احتج وطلب ورقة جديدة لم تصدق اذ رأت فيه رجل كبير مسن ولكنها لا تدري انه سياسي مخضرم لم يترك العراق قبل 30 عاما الا لاسباب سياسية ،
شخصيا لم يكن عندي وهم ، بان القائمة التي سأصوّت لها سوف لن تفوز بالاكثرية النيابية ، ولكني مثل اكثر اصدقائي هو الشعور بأداء واجب وطني وهو المساهمة بالانتخابات ، ولكن ان تمزق ورقتي وترمى في سلة المهملات بحجة عدم عراقيتي فهذا ما لم اصدقه ! ! !
أخذت معي في سفرتي هذه جواز سفر عراقي وآخر فرنسي وجنسيتي العراقية وصورة لشهادة الجنسية وعقد زواج عراقي وشجرة الانساب التي حصلت عليها حين زرت العراق بعيد سقوط نظام البعث الفاشي ، ولكن الموظف اكتفى بالقليل القليل من الاوراق وهو الجواز العراقي فهل اهملت ورقتي ام لا ؟
الاجابة بنعم او لا، لا يغير من متن الموضوع وهو حرمان عدد كبير من العراقيين سواءا بالأدلاء باصواتهم لهدا السبب او ذاك او بالغائها بعد التصويت كما حدث في هولندا وبريطانيا وامربكا والسويد وفي بقية الدول الاجنبية التي يوجد فيها مراكز انتخابية ، وهذا يعني تجاوز كبير على حق المواطن والمواطنة ولم نسمع او نقرأ في كل الدول التي لها جاليات مهاجرة انها حذفت او اسقطت احد اسماء مواطنيها بعد ان ابرز اوراقا رسمية وقبل كناخب ، علما ان المفوضية المستغلة ( بالغين وليس بالعين !!!) للانتخابات تعرف عين المعرفة ـ وإن لم تعرف فالمصيبة أعظم ـ بان المهاجرين العراقيين ـ في اغلبهم ـ تركوا العراق قبل اكثر من ربع قرن لاسباب سياسية اثناء الهجمة الفاشية التي شنها نظام البعث المقبور على الحركة اليسارية والديمقراطية في العراق مع مطلع عام 1978 وبقوا فترة طويلة من دون اوراق رسمية والاغلبية لم تستطع مراجعة السفارات العراقية آنذاك لانها كانت اوكارا للمخابرات ، وقد طالبت القوى السياسية العراقية في دول المهجر من المفوضية بعدم اقصاء أي مواطن ويبدو ان جناب المفوضية لم تستجب لذلك اذ انها اعلنت النتائج وانتهى الامر بالنسبة لها ولكننا نقول بانه رغم اعلان النتائج يمكن للمفوضية ان تقوم بعمل اخر يسجل لها تاريخيا وهو التعامل مع الامر بكل شفافية وهذا الامر يتلخص اولا بإعلان أسماء الذين حذفوا وهمشوا في سفارات العراق المتواجدة في بلدانهم لكي يستطيعوا ان يسووا اوضاعهم القانونية وفق اجراء معاملات اصولية .
اما العمل الثاني والذي يقع بالكامل على عاتق المفوضية فهو كشف اسماء القوائم التي اختارها هؤلاء المبعدين وبهذه الطريقة نستطيع ان نعرف القائمة الثكلى التي فقدت اصواتها وربما نستطيع ان نعرف من يقف وراء اقصاء هذا العدد الكبير من العراقيين، أليس كذلك ؟!!!!!!!!!!!!
 

باريس 9 نيسان 2010



 

 

free web counter