| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

طالب غالي

 

 

 

الأثنين 7/4/ 2008



تداعياتٌ متداخلة في صباحٍ متعدّد الألوان

طالب غالي

صورة اولى..

العام 2006
صباح التاسع من آذار
أتلمس ُ قلقي ينموفوق الجلد بثوراً وحُبيبات ْ
وعيوني تتلفت ُزائغة ًبين محاجرها ..
تتفحصُ أبواب َالغُرف المتلاصقة..ومداخلَ ردهات المُستشفى (1)
تتقرى ُسرُرا ًتتعاقبُ..تتقاطعُ..فارغة ً..

تحمل ُإنسانا ً..تدخل ُ.. تخرُجُ من ُغرف العملياتْ.
وأنا مشدود ٌبحبا ئل ِقلقي..أتلعثم ُفي القول ِ
إذ حين يلحّ ُعلي َّسؤالٌ تندلقُ الكلماتُ مهلهلة ًمن بين ِالشفتين ْ
أسألُ من ؟ عن كيف .. َوأنىّ ؟
وألأبناءُ وجُوهٌ واجمة ٌحولي
كلٌ يغرق ُفي بحر ِمتاهته ِ
حتى الساعةُ ألقتْ فوق ُرفوف الصمت ِعقاربها
عينايَ تجوسان ألأنحاء مزجّجة ًبخُيوط الحيرةِ وألأعياء.
عل َّسريرا ًيأتي.. تومضُ فوق شراشفه النجماتُ.فيُنبؤنا
ببشارة خيرٍ

صورة ثانية..

أتوقف ُعند الباب ِالموصود دقائقَ معدودات..
ألأرضُ تدورُعلى رأسي
وأنا في المحور منها
أتماهى بين القلب ِودقات القلب.
أسترجعُ أزماناً ما زالت تقطرُ زيتاً في جسدي
أتفرعُ جذراً يمتدّ إلى أزمنةٍ وأماكن شتى
لم يعلقْ في سقف معابرها خيط ٌمن وَهَن ٍأو نسيان

أتجمعُ حُزمة أعصابٍ
تقفُ النخلاتُ معي .. وعصافيرُالبنكيّة (2) تأتي أسراباً
تتقافزُ حولي
ملأت باحات المستشفى..
وابتدأتِ الأوركسترا تعزفُ سيمفونية ً للعشقْ.
حيثُ انفرد النايُ ببحتهِ
يستدعي الموّال الراعف في الشريانْ

وحنين الأوراق المطوية في الغيبْ
وأتى الأحبابُ عيوناً متسائلة ولهى
والبصرةُ اخترقت كلّ خطوط العرضِ وجاءت متلفعة بعباءتها
وعلى جبهتها تتأرجحُ شذراتٌ زُرْقٌ

نتكدّسُ عند البابِ شناشيل مرايا..
نترقّبُ انْ...

صورةٌ ثالثة..

ينفتحُ البابُ على مهَل ٍ
نتدافعُ كالموج المتعاقبِ رهواً نحو الشطآن
نتقوسُ حول سريرٍ يحتضن ُ امرأة ً
زنبقة ٌتغفو فوق الماء
صمت ٌيكسرُ فينا الصمتَ وتنحسرُ الأشياءْ
لتغور بقعر محارتها
نتحولُ أحداقاً نتقاسم ُ والرجفة ذاك الوجه
وجهٌ أم أيقونة طهر ٍ وبهاء
يتوضأ عند منابعها النساكُ بماء الرحمة والغفرانْ

صلوات ٌمن ربّ ٍ رحمن
تتناثرُ فوق ملامحها آيات ٍ من قبس ٍ.. وسكينة وجد ٍ وأمانْ
صلوات ٌ من ربّ ٍ رحمن
فتحت زنبقة الغابات ِ ببطء ٍعينيها
غصت كل نواقيس الكون بفرحتها.
وانطلق العبق ُ الكامنُ في أكمام الورد بغرفتها
وتشكل أقواسَ نجوم ٍ وغمامْ
رقصت في داخلنا الساحاتُ وأشجارُ الدفلى وأعمدةُ النورْ
وتعالت أصواتُ عصافير البنكيةِ.
اهتزّ النخلُ وألقى رُطبا

والبـصرة ُ
يا للفرح المبثوث بعينيها إتسعتْ
واحتضنتْ كوبنهاكن َ شوقا.. أهدتها الشذراتِ الزرق َ
وأرخت للريح ِعباءتها
تتبعها كل عصافير البنكية..
وأنا.. ما بين حفيف الفرح ِ المتقاطر.. بين اليقظة والحلم
سجدت ُعلى أطراف منامتها
تصحُبني خارطة العمر بكل تشابكها
أدنو مرتجفا من ضّفة مبسمها
لأقبلَ وجنتها الشاحبة اللونْ

شممتُ أريج اليوكالبتوسَ وشذا أشجار الحناء المزروعة في ركن حديقتنا في الخليلية ِ
قلت ُسلاما ً...أيتها الزنبقة ُ الحالمة ُ المتعبة ُ الوسنى
سلام ٌمن ربّ ٍ رحمن
من يوم وُلِدْتِ
وعافية ٌ.. حتى يسقط َ آخر نجم من رحم الكونْ
وسلام ٌ منا نحن ُ العشّاق الآتين جموعا
جئناكِ بقلب ٍضاق به الصدر ُ.
من كثرة ما أهدر من نبض ٍ

جئناك وجوها فهرسها الشوقُ على الردهات
ظمآى يا زنبقة العمر لبسمة حُبّ ٍمن شفتيك
لشعاع ٍ يومضُ من تحت الأهدابِ
ليمحو ليل القلق المتخثر في الروح..


صورة ٌملونة..

اللـــّــــــــــــه
ما أحلى هذي النظرة من عينيك تطوّقني
وتحاذرُ أن تتحولَ عن عينيّْ...تعيدُ لقلبي المجنون ِ توازنهُ
ما أدفأ كفيك تمسان برفق خديَّ تطمئنني
أُقبلها...أتحلزنُ فرحاً... جسدي يتموسقُ...
أخرجُ من شرنقتي عصفوراً... وأشاكسُ من يخطرُ قدامي
ألثم ُ كل سنادين الوردِ ...أُصافح ُ أغصان الأشجار...
أُدندنُ أنغاما متعامدة ً ليس لها معنى
أجري خببا ً... تسبقني الفرحة ُ نحو البيت ِ...أرتب ُباقات ِ الورد
أضيء العمرَ لمقدمها..
 

(1) هي مستشفى (Rigshospitalet ) حيثُ أجرت فيها رفيقة عمري سلمى عملية جراحية
(2)  أرض زراعيه خصبه تكثُر فيهاأشجار النخيل والأعناب وسدر النبق. أنهارها جارية صافية حيث كنا نتعلم السباحة فيها في مراحل طفولتنا...والآن تقاسمت أرضها المباني والشوارع ولم يبق لها أثرٌ من ذلك الزمن.
 

Counters