| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

طارق حربي

tarikharbi2@getmail.no
http://summereon.net/

http://summereon.net/tarikharbiweb.htm

 

 

 

السبت 16/8/ 2008



كلمات -211-

صحوة عراقية ضد الارهاب الجديد : وباء الكوليرا!

طارق حربي

يثير انتشار وباء الكوليرا في العراق، وإصابة عشرات الآلاف من المواطنين بالاسهال المائي الشديد، بينهم حالات موت مؤكدة وبينهم من تماثل للشفاء، يثيرالكثير من الأسئلة، حول واجب الحكومات المحلية والاتحادية تجاه الشعب العراقي، واتخاذ خطوط دفاعية لتأمين الحياة ضد الارهاب الجديد!
ظهرت أعراض الوباء في الشمال والوسط والجنوب، وبالأمس قضى على أحد الأطفال في مدينة العمارة، وهو واحد من 85 مواطنا عانوا من الإسهال المائي الشديد، كما قضى في بابل على 12 مواطنا، ولاأحد يعلم كم ستحصد الكوليرا من أرواح الأبرياء في العراق الجديد، خلال الفترة المقبلة، رغم تحذيرات منظمة الصحة العالمية، وباقي المنظمات والهيئات الصحية العراقية والدولية.

تعلم الحكومة والأطباء والشعب العراقي أن أكبر مصدر لوباء الكوليرا، هو الماء الملوث، وأول أسباب انتشاره اليوم في العراق، هو قدم شبكات الصرف الصحي، وعدم تعقيم المياه، واختلاط مياه الصرف الصحي بمياه الشرب، وانعدام العناية من قبل الجهات المختصة بالمحطات المائية.
ومعلوم أن شبكات مياه الشرب في العراق، يرجع تاريخها إلى أكثر من نصف قرن، قبل أن تجهز عليها العمليات الجوية والبرية لعاصفة الصحراء، وبعدها الاحتلال، حالها حال البنى التحتية، ماجعلها رمادا، ومن سلم من الحروب قضى عليه التآكل والصدأ، وسرب إليه مياه الصرف الصحي.

في السنة الماضية أكدت منظمة الصحة العالمية إصابة 3300 عراقي بهذا الوباء، توفي 14 منهم في بغداد‏، ولم تتضح إجراءات الحكومة ومسؤولياتها تجاه شعبها،
ومما يؤسف له أن المواطن العراقي يلجأ، بعد خمس سنوات من التغيير، إلى غلي الماء وإضافة مواد لترسيب الشوائب، قبل شربه، بل وصل إلعراقيون إلى أسوا حالاتهم، فهنالك في العاصمة بغداد ثمة من لجا إلى حفر بئر في حديقته، للحصول على الماء، وأن الكثير من الفلاحين في شمال العاصمة، وبعدما عز عليهم الماء الصالح للشرب، أصبحوا يسقون مزروعاتهم بمياه الصرف الصحي!
وقبل أن تقوم حروب المياه في الشرق الأوسط، وتساهم فيها الذيول العربية، ومنها الأردن العطشى، يذوب العراقيون عطشا تساهم فيه دول الجوار، مثل تركيا والأردن، هاهي تركيا تبني السدود على نهري دجلة والفرات، ويكون نصيب الشعب العراقي من النهرين، هو مايخرج مما وراء التوربينات العملاقة التي تنظم إغلاق وفتح أبواب تلك السدود حسب احد خبراء المياه العراقيين ممن التقيتهم قبل أشهر قليلة في برلين، وفي العام 2007 منعت السلطات الأردنية دخول شاحنات محملة بآلاف الأطنان من مادة الكلور، لاستخدامها في أغراض تصفية المياه، خوفا من وقوعها في قبضة الارهابيين ممن يربيهم الأردن نفسه، ويرسلهم قبل مادة الكلور لتفجيره، وسجلت حوادث عديدة في تفجير صهاريج الكلور في الميادين العامة، وهو إرهاب عربي ظهرت إحدى نتائجه اليوم في وباءالكوليرا.

أليس غريبا أن ينتقل العراقيون من صفحة الارهاب إلى صفحة الكوليرا!؟
كأن المآسي تتظرهم بالطابور بعد التغيير!؟
أليس عجيبا أن يعاني الشعب العراقي من شحة مصادر المياه الصالحة للشرب، في بلاد مابين النهرين!؟، ويهتم المحتل الأجنبي بصحة جنوده، حتى لم تسجل حالة كوليرا واحدة في صفوفه، أكثر مما تهتم الحكومة بشعبها، فقد نقلت الأخبار تحذير القوات المحتلة لجنودها، من عدم شرب الماء من الصنابير، وجعلها للاستحمام فقط، ولم تكلف الحكومة العراقية نفسها نشر التوعية الصحية ضد الوباء، وشرح أسباب الوقاية منه في الفضائيات المملوكة للدولة والأحزاب الاسلامية، التي لايهمها غير البرامج الدينية والطائفية، ولغو الشعر الشعبي.

يشير خبراء المياه في الشرق الأوسط، ومنهم "توماس ناف" من جامعة بنسلفانيا ، إلى وقوف "العراق على حافة أزمة مياه خطيرة تتطلب منه اهتماماً مباشراً وموارد"، ونحن نسأل : ماهي استراتيجية الحكومة العراقية لتأمين الموارد المائية، بما فيها المياه الصالحة للاستعمال البشري!؟
إذا كان فترة حضانة وباء الكوليرا من خمس ساعات إلى خمسة أيام، مايعني انتشاره بسرعة فائقة، فإن الاجراءت الحكومية تبدو سلحفاتية، لجهة اتخاذ الوقاية اللازمة، ولشدما أخشاه أن يفتك المرض بالإلوف من العراقيين البسطاء، الذين لاتاخذ الجهات الصحية بأيديهم وترشدهم، لضعف جهد وزارة الصحة نتيجة المحاصصة الطائفية والفساد المالي والاداري، وقبل ذلك شروع الحكومة بحملة وطنية كبرى لتطهير نهري دجلة الفرات، وإصدار قوانين ملزمة بعدم قذف المياه الثقيلة فيهما، وإنشاء شبكات الصرف الصحي، والاهتمام بالمحطات المائية، واتخاذ التدابير اللازمة لمنع انتشار الارهاب الجديد : وباء الكوليرا!

 


8.9.2008
 

 

free web counter