| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

طارق حربي

tarikharbi2@getmail.no
http://summereon.net/

http://summereon.net/tarikharbiweb.htm

 

 

 

الأحد 8/2/ 2009



كلمات -240-

بين مطار النجف الدولي وهيئة الحج والعمرة!

طارق حربي

أقدر دائما أن العراق لايمكن أن يتجاوز الماضي بسهولة تامة، لكن يحتاج إلى زمن طويل وأجيال، حتى يبعد الماضي الصدامي من حياته وسلوكه ويمضي بثبات نحو المستقبل، بكل مافيه من معاني إنسانية وديموقراطية، من جهة ثانية أشعر أن العراقي بخير بعد الخطوات المهمة التي خطاها بعد التغيير، بوضع رجله على الطريق الصحيح، وصوت لحياته ومستقبل أجياله عبر صناديق الاقتراع (إنتخابات مجلس المحافظات التي جرت في 31/1/2009).
حسنا دعونا ننسى الماضي اللهم إلا في التوثيق وكتابة التأريخ، فهذا مالايمكن تجاوزه بحال، لكن علينا أن نعيش الحاضر والمستقبل ليس إلا.
بشرتنا هيئة الحج والعمرة اليوم بشراء طائرتين من شركة بوينغ الامريكية، حسنا فعلت!، لتسييرهما من مطار بغداد الى مطار النجف، لكن ليتها بشرت، هي أو مطار بغداد الدولي، أو أية جهة معنية في ميدان النقل الجوي حتى لو كان تاجرا متواضعا، بشراء المزيد من الطائرات لنقل المنفيين والمهاجرين العراقيين!؟، لكن البشرى لم تكتمل لأن مسافة ليست طويلة، ولا تحتاج إلى بوينغ وتوقيع عقود ونشر أخبار مغرضة مضحكة، لأن العراقيين النشامى، ومعهم الزوار الشباب وماأكثرهم في المواسم الدينية، يمكنهم قطع المسافة بـ (البايسكل)، جيئة وذهابا في نفس اليوم تقريبا، دون أن يشكوا من آلام الأطراف وتنملها، كما يشكو الأوروبيون والأمريكيون منها أو من مرض السمنة، لكن أحزاب الاسلام السياسي التي قعدت على صدر العراق بدعم إيراني وثروات النفط العراقية المتدفقة باستمرار، تسعى دائما إلى أن تسخر منا بإعلانات الحجاج والزوار في الفضائيات والمواقع الالكترونية، للخلو لها الجور فتنهب الأموال المرصودة لهكذا مشاريع ضخمة في جدول الاعمار!
إن تسيير الرحلات بين (مشهد والنجف) و(بيروت والنجف)، والاعلان عنها منذ أشهر طويلة والترويج لها، مما تتباهى به أحزاب الاسلام السياسي في النجف، وكأنها تسير مركبات فضائية إلى كوكب المشتري، أو تبدل برمجة الحاسوب في دماغ مسبار هابل المداري، هذه الرحلات أصبحت اليوم سهلة وبمقدور أي وكيل تجاري من تجار الخليج مثلا أن يستثمرها، ولاداعي لكل هذا الضجيج والطحن والاعلان وحجز الساعات الفضائية، إنها ببساطة ليست أكثر من حجز وجبة شاي من سريلانكا، أو جوز الهند من مدغشقر، أو كرات القدم من باكستان، والجميع يعرف أن تجارا بسطاء في أيامنا هذه، ومن جنسيات مختلفة، يقومون بتسيير رحلات من أوروبا إلى الشرق الأوسط وبالعكس يوميا تقريبا!
لاتكذبوا علينا بأعداد الزوار الشيعة تره شبعنه وداعتكم!!
إن أعداد الزوار الشيعة القادمين من بيروت ومشهد إلى الأضرحة المقدسة، النجف وكربلاء وسامراء، يجعل أي مواطن عراقي يتساءل : إلى متى تقدم أحزاب الاسلام السياسي مصلحة الايرانيين واللبنانيين على مصلحة المواطنين العراقيين المنصوص على حقوقهم في الدستور!؟، أليس حريا بالعراق أن يتفقد أبناءه البررة، الذين فقدهم منذ عشرات السنينن قبل انتفاضة آذار الخالدة وبعدها!؟، أن يلمَّ شعثهم مرة خرى في مطارات آمنة ويقدمهم على الزوار الإيرانيين واللبنانيين والبحرينيين وغيرهم!؟، أليس العراقيون أولى بمطاراتهم في بغداد والنجف والبصرة وأربيل، إن كانت أربيل تعد نفسها عراقية!؟، أليس أفضل من (البهذلة) البدوية في مطار الكويت مثلا، حيث تسرق حاجياتهم ولاتعاد إليهم إلا بمحامين وشكاوى، في غفلة من الحكومة العراقية وأجهزتها الأمنية!؟، ولدينا أدلة على ذلك إذا رغبت الحكومة فنحن مستعدون لإرسالها عبر الفاكس أو التلفون أو أية وسيلة اتصال أخرى!؟
مثل هذا الكلام لايجعل العراقيين الوطنيين بطبيعة الحال، أن يطمئنوا لا إلى الاستثمارات في بلادهم، ولا إلى التقدم والرقي الذي يقاس بحركة المطارات والسفر والاستثمار وغيرها، ثم أن اختصار مالايقل عن أربعة ملايين من العراقيين المشردين في أصقاع العالم المختلفة، إلى بضعة آلاف من الزورار الايرانيين واللبنانيين من حزب الله، المشهود له بالمواقف العدائية من الشعب العراقي بعد سقوط صنم العرب، يبدو وكانه تجسيدا لماتريده أحزاب الاسلام السياسي : كأنما هذا هو العراق ياناس ياعرب ليس أكثر من سياحة دينية، وزيارة أضرحة مقدسة في النجف وكربلاء ودفن الموتى في مقبرة السلام!، مايعني الترويج لاشاعة ثقافة الموت بدلا من التثقيف لبناء المؤسسات الديمقراطية في العراق الجديد، وتبشيرنا بأن مقبرة السلام أوسع مقبرة في العالم (يابه والله ندري!؟)، وبهذا يكون مايدره البازار النجفي على المسؤولين التوابين في هذا المشروع الطائفي، أكثر مما يدره على خزينة العراق، فيفلسونه من مطاراته وثرواته وتطوير مشاريعه الخدمية والعمرانية.
لو كان هنالك عقل تجاري مسؤول في النجف وليس طائفيا، أعني من أصحاب الحل والربط وليس المواطنين العاديين، لحول مطار النجف إلى مطار عالمي بحق وحقيق، نظرا لوجود المقبرة وتواتر مواسم الزيارة والسياحة الدينية، فضلا عن كون النجف مركزا تجاريا وثقافيا، لا يقل شأنا عن مركز مكة التجاري في التأريخ، دون نسيان الأربع ملايين مشردا عراقيا، وحقهم في النزول في مطاراتهم آمنين، مايجعل العملة الصعبة تتدفق على خزينة العراق وليس النجف، لتحقيق التطور في المجال الجوي على الأقل، فلايحق لرجال الدولة الدينية الذين أخذوا العراق ظهرا لقفا، أن يستثمروا سياسيا مطارات بثروات العراقيين أنفسهم، ويعلنوا في الفضائيات الطائفية مثل الفرات، التي تبرعت بها إيران لعمار الحكيم بعد السقوط مباشرة، أن مطار النجف جاهز لاستقبال الطائرات من جمهورية إيران الاسلامية، الجمهورية التي لايعترف بها الإيرانيون أنفسهم، كما لاتعترف السعودية نفسها بمساجدها وهيئة الإغاثة الإسلامية التي تدعمها بالمال، وتسخر منها ومن منجزاتها الوهابية في أفريقيا وآسيا وأوروبا الشرقية.
كم حاج عراقي يقصد الديار المقدسة سنويا وكم عراقي منفي يدثره الجليد في الدول الاسكندنفية، لايقبل بأقل من أن تكتحل عيناه بمرآى بلده الحبيب!؟
ذلك هو السؤال الموجه إلى هيئة الحج والعمرة التي نسيت المنفيين وانشغلت بالحجيج واضحكت العالم علينا!!؟
 


8.2.2009
 









 

free web counter