| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

طارق حربي

tarikharbi2@getmail.no
http://summereon.net/

http://summereon.net/tarikharbiweb.htm

 

 

 

الأثنين 3/3/ 2008



كلمات -181-

(مكرمة) محافظ النجف بتخصيص مقبرة للصحفيين العراقيين!

طارق حربي

غطى خبر الزيارة المشؤومة للرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد إلى بغداد يوم أمس، على خبر (مكرمة!) لاتقل شؤما، خلعها مشكورا محافظ النجف أسعد أبو كلل أمس الأول، بتخصيص مقبرة في وادي السلام لرقود الصحفيين الأبدي، وكأن الخبر جاء تحية لرئيس النظام الإرهابي، وجزء غير هين من صناعة الموت والدمار في العراق، يخرج من بين يديه، بل يبدو وكأن خبر المكرمة رسالة إلى السفاحين والإرهابيين بمزيد من القتل للصحفيين العراقيين!
فنجاد قادم بالوعد الديني الذي يخفي تحت عمامته الإرهاب المنظم في العراق، ليتناغم معه أبو كلل بالوعد المحتوم، والأهداف سهلة بعدما عجزت الحكومة المستخذية من وضع القوانين اللازمة لحماية أرواح مواطنيها، فيما انشغل الكثير من أعضائها بالنهب المنظم للثروات وشراء العقارات!
بإعلان تخصيص المقبرة في هذا الجو السياسي العاصف، بعد يومين من رحيل الشهيد شهاب التميمي نقيب الصحفيين العراقيين، تكون الدائرة الدينية قد انغلقت على ماتبقي من أنفاس العراقيين، وبدأ العد التنازلي لاطلاق المزيد من مسارات الظلام، وشلّ الأقلام المخلصة حتى لا تفضح الفساد والإرهاب، وتحلق في الفضاء العراقي على امتلائه بدخان العبوات الناسفة، وهي لاشك دعوة صريحة من حيث يدري أبو كلل أو لايدري، للبدء بتصفية حملة مشاعل التنوير في ليل العراق الطويل، لاأقصد صحفيّي الأحزاب السياسية والكتل واللائذين بظلال السياسيين، كما لاأعني بياعة الأقلام ممن تعج بهم أروقة الصحافة، وأستثني تسعة أعشار العاملين في الفضائيات العراقية، المعروفة بانحطاط خطابها الاعلامي!
إن إشاعة ثقافة الموت في العراق، وهي لاشك من آليات الدولة الدينية الحالية، والقضاء على بقايا الشعلة العراقية المتمثلة بالأقلام النزيهة، والصحفيين الذين منحوا درب العراق الجديد 270 شهيدا حتى قبل يومين، لايستحقون تخصيص مقابر جماعية لهم، فقد ولى عهد صدام وانقبر إلى الأبد، كما أن البلاد لاتتعرض في الوقت الحاضر إلى فيضانات أو زلازل أو إعصار من طراز تسونامي، حيث تضيع الجثث ويصعب العثور على صعيد طيب للدفن، فمازالت أرض العراق كما السموات المفتوحة فوقها : واسعة حتى لوضاقت بما رحبت، رغم الحفرة المظلمة التي وقع فيها العراق، وليس النفق الطويل كما تعبر الصحافة.
وتبقى قضية إكرام الميت دفنه سارية في الثقافة العراقية!
منذ جورنال العراق الصادرة أواسط القرن التاسع عشر كما يؤرخ المؤرخون للصافة العراقية، لم تجروء صحيفة عراقية، على نشر مثل تلك الدعوة المشؤومة، وكذا الحكومات العراقية المتعاقبة منذ نشوء الدولة العراقية سنة 1921 حتى ماقبل مكرمة أبو كلل، لم يجروء أي سياسي فيها، على الكلام في موت الصحفيين أو تخصيص المقابر، تطلق هكذا في وسائل الاعلام وتثير موجة من السخط والتهكم!
وأرى أن المكرمة تتضمن أفكارا تأسيسية تطغى في خطاب الساسة الجدد، على أولويات بناء بلد مهزوم ومنهار، ورسالة يتلقفها المجرمون وتستفيد من نشرها قطعان الميليشيات، وتعمل عليها نهجا مستقبليا في التصفيات، ولعل هنالك من الساسة الجدد من يغار في وقت قريب من مكرمة أبو كلل،(والعراق أبو المكارم!) ، فيسارع إلى تخصيص مقابر للكتاب والشعراء والفنانين العراقيين، ممن بوبتهم لغرض تصفيتهم، الأحزاب الاسلامية وميليشياتها في قوائم نشرت على الشبكة الدولية قبل فترة، من أجل تفريغ العراق من مفكريه ومبدعية وكفاءاته العلمية لصالح نهج إيران في تجهيل الشعب العراقي، ونشر ثقافة الولاء الطائفي دون الاشتغال على تنمية وترسيخ الهوية الوطنية العراقية، إلى أن تسيطر إيران من خلال إذرعها الأحزاب الإسلامية، على مفاصل العراق الحيوية وإعاقة نموه وتقدمه، ليخلو لها الجو السياسي وتعبث في العراق وتعطل فاعليته الانسانية والفكرية، باعتباره تابعا تم التفاوض بشأنه مع المحتل الأمريكي!
وفي التعاطي السياسي مع موت الانسان العراقي، في التأمل الأعمق للماساة العراقية، لابد من الاحتكام إلى الدستور في صيانة كرامة العراقيين أحياء وأموات، والترويج لضوابط أخلاقية جديدة تلجم السياسيين وتضرب على يد الأحزاب والميليشيات، لئلا يخوضوا في مسائل موت الناس وشعائر الدفن وتخصيص المقابر الجماعية، بعدما صار للعراق في تأريخه الحديث إرث أوجده نظام صدام المقبور، والأحزاب الإسلامية وريثة حزب البعث في السلوك والتعاطي مع الشعب العراقي، كذلك لاينبغي أن يمنَّ سياسي على المواطنين العراقيين بمكرمة توزيع القبور، فيما هو وحزبه وميليشياته وأهله يستأثرون بثروات العراق ومستقبله!
إن تخصيص أراضي لسكن الصحفيين العراقيين وإيواء عوائلهم وتقديم التسهيلات لهم في عملهم، لهو أشرف بكثير من هذه المكرمة الصادرة من إمارة أبو كلل النجفية، عاصمة العراق الدينية حيث يمنح السياسيون فيها الحياة لمن يحبون، والمقابر لمن لاتحب حسب الأهواء الإيرانية، ومتطلبات العمل الحزبي والطائفي!
إن الصحفيين العراقيين لايحتاجون، كما الطبقات المسحوقة في الشعب المصري، إلى العيش في ظلام المقابر، ليطالعوا كتاب الموتى الفرعوني، حيث الالهة تزن ذنوب الميت بينما فم الإله حورس مفتوح لمن ثقلت موازينه، ذلك أنه في الحالة العراقية اختلطت وظائف آلهة الرحمة بسواها واضطربت المقاييس، وتسلط على أمر البلاد آلهة جدد يزايدون على حياة الناس، فيما الدستور نص صريح يكرم المواطن العراقي ويعلي من شأنه باعتباره حرا كريما عزيزا في الحياة.
كم سيكون وقع الخبر أهون على الذائقة العراقية والإنسانية، لو أن أبو كلل بدلا من تخصيص المقابر المشؤومة، تبرع بقطع أراض للصحفيين، ويسرت لهم الحكومة قروض البناء لتؤمن سكنهم وعوائلهم، وتنتشلهم من التشرد العوز، لينطلقوا إلى العمل المثمر، وينشغلوا مثل غيرهم من عباد الله الصحفيين، بالتمتع بالحياة الحلوة بدل التفكير بتخصيص مقابر لأصحاب نشر الحقيقة الغائبة في عراق اليوم!
* مطلوب من أبو كلل لإعتذار من الصحفيين العراقيين بدون تأخير..
* مطلوب من نقابة الصحفيين العراقيين ومنظمات المجتمع المدني وشبكة الاعلام العراقية إدانة هذا التصريح ومايليه من لدن السياسيين والحكومات المحلية
* مطلوب من الصحفيين وهم المعنيون بالأمر قبل غيرهم قول كلمة حق بشجب هذا التصريح لتسجيل موقف للحاضر والتأريخ وتنبيه السياسيين بوجودهم وفاعليتهم لاموتهم وحشرهم في مقابر جماعية
مطلوب من الحكومة لجم أبو كلل وغيره ومعاقبتهم في حال الإدلاء بمثل تلك التصريحات المشؤومة في وسائل الاعلام العراقية مستقبلا
 

3.3.2008
 


 

 

Counters