| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

طارق حربي

tarikharbi2@getmail.no
http://summereon.net/

http://summereon.net/tarikharbiweb.htm

 

 

 

الخميس 30/7/ 2009



كلمات -265-

لماذا حذر الإئتلاف من التدخل السعودي في الانتخابات البرلمانية ولم يحذر من إيران!!؟

طارق حربي

طفح كيل الإئتلاف العراقي من التدخلات الخارجية في شأن العراق الداخلي، لكن إيران (بطبيعة حال الأوضاع العراقية الراهنة) غير مشمولة بالقائمة، فقد حذر إمام جمعة النجف صدر الدين القبانجي يوم الجمعة الماضي، من سعي السعودية " بالتخطيط لتفكيك الائتلاف الموجود وتشكيل ائتلاف آخر، وإسقاط التحالف الشيعي السني الكردي، بهدف تشكيل حكومة أخرى بمنحى آخر تحكم العراق"

وقبل يومين حذر قيادي آخر من الإئتلاف هو (طه درع السعدي) في تصريح لراديو سوا، " القوى السياسية والناخبين من التدخل السعودي في الشأن العراقي الداخلي"، واعتبرها " من أكثر الدول الإقليمية التي تضرر منها العراق، فقد " قامت مؤخرا بضخ الأموال للأحزاب والكتل السياسية من خارج الإئتلاف، للتأثير على حرية الناخب العراقي واختياراته في الانتخابات البرلمانية المقبلة"، وأخرج علي الأديب إحدى درره كالعادة قائلا " بأن العراق أصبح مسرحا لتدخل الدول المجاورة وأضخم هذه التدخلات مايأتي من دول أخرى (غير إيران) وهي المملكة العربية السعودية"
وليت التحالف الشيعي السني الكردي يسقط فيستوي ميزان السياسة وتتحسن أحوال العراقيين، ويتخلصون من الهيمنة الطائفية والتخريف المستمر، أما حكاية ضخ الأموال فثروات العراقيين بين أيديكم وطوع بنانكم، نهبتم مانهبتم منها بما لم يخطر ببال المافيات في أوروبا الشرقية والولايات المتحدة، وهذا هو حال العراق تحت حكمكم يتدهور يوميا من سيء إلى أسوأ!

منذ أكثر من ثلاثة أيام وأنا أنتظر تصريحا، من أحد زعماء الإئتلاف، يكون شجاعا لمرة واحدة، ويحذر كذلك من إيران وتدخلها الصارخ في الشأن العراقي، وماتضخه من أموال لشراء ذمم كتل سياسية وشخصيات نافذة، ملتمسا العذر لهؤلاء بأن فقرة من التصريح، قد تكون سقطت سهوا ممن أعد البرنامج الاذاعي!، لكن لم يرد أحد من الإئتلاف، ليكمل الجزء المبتور من النفس العراقية الممسكة بمقاليد السياسة، التي وجب عليها وهي تحكم البلد، وتستشعر المسؤولية الأخلاقية حيال أرواح المواطنين فيه وممتلكاتهم، التنبيه بالمخاطر الجدية المحيطة به، ومؤامرات دول الجوار كلها وليس طرفا واحدا فقط، ويندرج السكوت الفاضح عن حماية الأرواح والممتلكات، في زاوية الخيانة العظمى للبلاد، وانقضى اليوم الرابع لكن أحدا من الإئتلاف لم يخرج علينا، موضحا للشعب بأن كل الدول الإقليمية، تتدخل تدخلا سافرا في الشأن الداخلي، وتهيء نفسها بكل ماأوتيت من قوة، ومامنتحتها الكتل العراقية الطائفية من ثغرات، للتدخل السافر في الانتخابات القادمة.

لكن جاء تصريح قائد القوات الأميركية في العراق الجنرال (راي أوديرنو) صباح اليوم، ليضع النقاط على الحروف بما لم يجرؤ أحد من قادة الإئتلاف على قوله، فاتهم إيران صراحة " بتمويل وتدريب وتسليح بعض الفصائل العراقية، وأنها تركز حاليا على محاولة التأثير على الانتخابات النيابية المقبلة"

معلوم أن الإئتلاف (أعلن عنه رسميا نهاية سنة 2004) هو تجمع من الكيانات الشيعية الطائفية، وأكبر كتلة سياسية مهيمنة على البرلمان والحكومة، ولايخفى لما لهذه الكيانات والأحزاب الإيرانية العاملة في العراق، من مصالح فوق مصالح هذا الشعب المغلوب على أمره، لقد وصلت الصفاقة ببعض قادة الإئتلاف أنهم كانوا يشترطون تجنيب إيران، أي نوع من المخاطر المترتبة على الاتفاقية الأمنية مع الولايات المتحدة، قبل أن يفكروا بمصلحة الشعب العراقي وتجنيبه الكوارث، ومايمكن أن تحققه الاتفاقية من مكاسب سياسية وأمنية واقتصادية وثقافية وغيرها.

أوديرنو ليس ملاكا أمريكيا فهو أحد صناع الموت في العراق، ولبلاده أجندات تتقاطع مع أجندات إيران التي تمثلها أحسن تمثيل كتلة الإئتلاف، ولاشك أن الجنرال في تصريحه ينطلق من أرضية صلبة في بلد محتل، لكنها رخوة بالنسبة إلينا نحن العراقيين، لأننا نعاني من ثقل الاحتلال أولا، والخطاب الطائفي للإسلام السياسي الداخل معه بحلف إستراتيجي ثانيا، بما هيأ له المحتل في إطار الدولة الدينية من امتيازات، تؤهله للبقاء طويلا في الحكم وتتناغم مصالح الشريكين، طالما بقي الشعب على هذا المنوال لاينتصر لحياته ويتحرر، ويقول كلمته فيمن يحكمه ويبني مؤسساته الديمقراطية والدستورية وتعلو هامة العراق في مدارج البناء والاعمار.

حتى بعد وقوع أكثر الأعمال دموية (التفجيرات والأعمال الإرهابية)، دأب قادة الإئتلاف على اتهام "بعض دول الجوار" بالتدخل في الشأن العراقي، وحرصوا خلال أكثر من ست سنوات على عدم ذكر إيران والسعودية، لم يوجهوا إصبع الاتهام إلى إيران صراحة بتقديمها الدعم اللوجستي للسنة والشيعة على حد سواء، لدواعي طائفية معروفة، وأنواع من الدعم والاسناد المستمر كان آخرها تعهد المرشد خامنئي والرئيس الإيراني أحمدي نجاد، لقادة الإئتلاف ممن يزورون طهران، بأن نظامهما لن يتخلى عن الإئتلاف (شرعا) في حال انسحاب القوات الأمريكية من المدن العراقية، وبددا المخاوف من احتمالات قيام حرب أهلية وسيطرة الميليشيات على الوضع الداخلي، وأكدا دعم سلطة الإئتلاف واستقرار العراق.

واستعدادا للاتخابات البرلمانية القادمة (بعد نحو خمسة أشهر) نشهد هذه الأيام حراكا محموما للكتل لاسيما الإئتلاف، في محاولة لإحياء تحالفات قديمة، وتشكيل جديدة على الخارطة السياسية، وليس الغرض منها سوى تحقيق هيمنة في البرلمان القادم، الذي سيقوم بتشكيل الحكومة العراقية الجديدة لأربع سنوات مقبلة، وفيما تعالت أصوات لتشكيل تحالفات وطنية بعيدا عن القومية والمذهبية والطائفية، تسللت الدول الإقليمية في مضمار السباق وأكثرها تأثيرا (إيران والسعودية)، وقامتا بضخ الأموال اللازمة للتأثير على إراد ة الناخبين، وكأن الإرادة العراقية الوطنية لاوجود لها!، وكل ذلك بفضل انعدام خطاب وطني للإئتلاف ومن لف لفه، وفيما صرح الجنرال الأمريكي ما رأى فيه مصلحة بلاده، أخفق قادة البلاد في قول الحقيقة المرة لشعبهم، الذي انتخبهم وسلم أمره لأيديهم، لكن الناخب العراقي واعي لخطورة المرحلة واستحقاقاتها وتأثيرها على حياته ومستقبل أجياله، وكان فهم الرسالة وأعطى خير الدروس، حينما حيَّدَ الأحزاب الطائفية في انتخابات مجالس المحافظات التي جرت مؤخرا، ولابد أنه جاهز الآن ليكمل المسيرة مع الانتخابات البرلمانية القادمة!
 


30/7/2009
 



 

free web counter