| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

طارق حربي

tarikharbi2@getmail.no
http://summereon.net/

http://summereon.net/tarikharbiweb.htm

 

 

 

الأحد 28/9/ 2008



كلمات -216-

الحل في البرلمان وليس في الفاتيكان!

طارق حربي

يطلب السفير العراقي في الفاتيكان موعدا عاجلا مع قداسة البابا بنديكتوس السادس عشر بابا الفاتيكان، لإطلاعه على قرار البرلمان بالتصويت، على المادة 24 من قانون انتخاب مجالس المحافظات، بما تضمنه من غمط لحقوق الأقليات بإلغاء المادة 50 من الدستور!، بعد أشهر من التجاذبات السياسية والنقاشات بين الشيعة والأكراد، ومعروف أن المادة الملغية تنص على إعطاء الأقليات القومية والدينية المسيحية والمندائيين والأيزيديين والشبك، وكلهم من سكان وادي الرافدين الأصليين، تمثيلا في مجالس المحافظات والأقضية والنواحي!

إذا كان البابا يمثل الرمز الروحي لأكثر من مليار مسيحي كاثوليكي في العالم، فهو فيما يتعلق بالسياسة الدولية تقف وراءه إمكانات مؤسسات دولته والمستشارون، ولاشك أنه درس الاسلام والشرق جيدا، ومطلع بمافيه الكفاية على تأريخ السياسة العراقية العاصف ومؤامراتها وأزمتها الراهنة، كيف اضطهد العثمانيون والصفويون والأنظمة الاسلامية والقومية والفاشية، الأقليات العراقية قتلا وتهجيرا وتهميشا، هاهو الإرهاب يهجر مئات الآلاف من المسيحيين العراقيين بعد الفوضى التي أعقبت التغيير، وكان عددهم مليونا ومائتا ألف قبل دخول الاحتلال فأصبح اليوم ستمائة ألف نسمة!
فماذا سيقول ويبرر سيادة السفير العراقي لبابا الفاتيكان!؟
وفيما أخفق البرلمان عن التصويت سابقا، على جملة قرارات حيوية تهم مستقبل العراق، وتدفع بالسلام الأهلي جنبا لجنب مع روح التهدئة المنشودة وحملة الإعمار والبناء، تبين أن مبدأ المحاصصة الطائفية والقومية الذي تشكل على أساسه نظام الحكم المشوه في العراق، لن يمنح الفرصة للأقليات في التمثيل السياسي والإداري، ما يجعلها تابعة لحكم الأكثرية فتطيح بها في البرلمان والحياة السياسية، كيف لا وقد أصبح كل شيء في يد اللاعبين الكبار في كتلتي الإئتلاف والتحالف الكردستاني، ناهيك بالدستور الذي أصبح حبرا على ورق، وكنا استبشرنا بتأكيده على المساواتية بين العراقيين بغض النظر عن الدين والطائفة والعرق!
قيادي في الإئتلاف يبرر قرار الإلغاء بأنه ترافق مع التصويت على تأجيل الانتخابات في كركوك وكردستان، دائما التبريرات جاهزة ولاأحد يريد الإقرار بتلاقي مصالح الكتلتين الكبيرتين المتحالفتين في البرلمان، الإخوة الأعداء الذين سيضيعون العراق ومستقبله، فيما يدعي رئيس الوزراء في رسالة إلى البرلمان ومفوضية الانتخابات، بأنه مع تمثيل الأقليات في الحياة السياسية والادارية، ويعرف الجميع أن حزبه (الدعوة) الذي يشكل مع المجلس الأعلى أكبر نسبة في كتلة الإئتلاف، أول من صوت على إلغاء المادة 50!!
إذا دخلت إيران من شباك البرلمان طردت الأقليات من باب العراق الجديد!
إن أحزاب الاسلام السياسي الحاكمة والأكراد، مازالوا يعيشون في الماضي ولايرغبون بفهم المتغيرات التأريخية، أن بعد نهاية الامبراطوريات الكبرى الحروب الكونية، ظهرت الحاجة في الدساتير والشرعة الدولية لمنح الأقليات حق ممارسة الحياة السياسية والثقافية، إن أحزاب الاسلام السياسي على سبيل المثال ماتزال تحمل إرثا تأريخيا ولغويا من تراكم حكم الدولة الاسلامية والاضطهاد الهوياتي للأقليات، ويتردد في تثقيفها لقواعدها وكوادرها وكتابات منظريها أن الأقلية المسيحية واليهودية هم أهل ذمة، في فهم قروسطي ممالاينسجم مع روح الدستور والمواثيق الدولية!

إن على النخب السياسية العراقية وفعاليات المجتمع المدني ونخب الأقليات والمثقفين العراقيين، المطالبة بعدم تمرير هذا القانون، وإعادة التصويت عليه بما ينسجم ومصالح الأقليات العراقية، سكان العراق الأصليين المنصوص عليها في الدستور!، ذلك أن التنوع الديني والعرقي والمذهبي في العراق فرض آلياته على الدستور وانعكس فيه، ونهضت منه استحقاقات الأقليات في مفاصل الحراك الوطني وبناء المؤسسات الديمقراطية، في موشور التكاملية المنشودة للمواطنة العراقية، لقد بدأ الخلل في واقع الأمر منذ قيام مجلس الحكم البريمري، بتعيين مرشح واحد عن أقلية التركمان مثلا وهي السيدة صن جول جابوك، ولم يحظ الصابئة والأيزيديون باي تمثيل في المجلس المذكور، ومن كان أساسه خطئأ يكون بناؤه غير قويم، وأن الدولة التي تحترم مواطنيها، وواجباتها تجاههم وعهودها ومواثيقها لهم، لاترسل سفراءها الى الدول الأجنبية والشخصيات والمنظمات تطلب حلا وتقدم تبريرا، بل تحل مشاكل مواطنيها بهدي من الدستور ومناقشة مستفيضة لدولة الحقوق، وبروح من المسؤولية والمساواتية وستجد الحلول لهذه المشكلة بل وجميع مشاكلها في البرلمان وليس لدى بابا الفاتيكان!
 


28/9/2008

 

free web counter