| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

طارق حربي

tarikharbi2@getmail.no
http://summereon.net/

http://summereon.net/tarikharbiweb.htm

 

 

 

                                                                                  الخميس 26/5/ 2011



كلمات -382-

استعراض طائفي بامتياز ويهدد الأمن القومي العراقي !

طارق حربي

تابع الشعب العراقي اليوم استعراض الآلاف من عناصر التيار الصدري، في شارع الفلاح بمدينة الصدر، أمام قائد التيار مقتدى، تلبية لدعوة كان أطلقها الأخير، في 27 من نيسان الماضي، بعد أقل من 20 يوما من تهديده برفع التجميد عن جيش المهدي، في حال عدم انسحاب قوات الاحتلال الأمريكي في الموعد المقرر لها نهاية 2011، ودعوته إلى "اعتصام مفتوح ومقاومة عسكرية سنية وشيعية للمطالبة بانسحاب الجيش الأميركي من البلاد"

في أجواء من الخلافات التي تعصف بالعملية السياسية، وانفتاح المستقبل العراقي على كل المجهولات، ترسل إيران عدة رسائل من خلال أحزابها وتياراتها العاملة في الساحة العراقية، مرة من خلال الحكيم وأخرى مع مقتدى وتياره فيما يدها دائمة في يالحكومة!

الرسالة الأولى إلى الولايات المتحدة لجهة استمرار ورقة العراق، على طاولة المفاوضات بين واشنطن وطهران في أية مباحثات مستقبلا، وأن لاشيء يحدث في العراق دون أن يكون هنالك دور لطهران!، وإذا كانت الورقة تراجعت وضعف تأثيرها في الإنتخابات الأمريكية المقبلة، بعد تقدم ورقة أفغانستان في الإستراتيجية الأميركية، إثر صعود الديمقراطيين وأوباما في الإنتخابات الأخيرة، فإن الأجندات الإيرانية وفي مقدمتها الهيمنة على العراق وموارده وتوجيه سياسته، حيثما أضعفته كثيرا أحزاب الإسلام السياسي والصراعات فيما بينها، أو ضد خصومها في العراقية وغيرها، ستشهد وتائر عالية في المستقبل، لعل ابرزها قيام التيار بملىء الفراغ الذي سيحصل بعد الانسحاب، ومحاولة المشاركة الفاعلة في إدارة الملف الأمني، سيما وأن تسمية الوزراء الأمنيين مايزال موضوع تناحر بين دولة القانون والعراقية، مايعني إعادة أجواء السنوات السود 2004 و2005 .

بدلا من استعراض القوة الذي لن يصب في صالح العراق وقوة الدولة فيه، كان على التيار الصدري الممثل في الحكومة والبرلمان، العمل من خلالهما وسلوك الطرق البرلمانية والقانونية والحضارية في رفض الاحتلال، لـ (يكبر) في عيون الشعب العراقي، ضاربا المثل في حل المشكلات بعيدا عن الاستعراضات الفاشلة وإشغال الشارع واستفزاز المواطنين لصالح أجندات إيرانية.

استعراض التيار اليوم نسخة من استعراضات حزب الله في جنوب لبنان وبيروت، مع الفارق بين الحالتين فهناك جنوب محتل من قبل إسرائيل، وفي العراق وافقت الكتل السياسية على معاهدة صوفا بعد احتلال دام نحو ثماني سنوات، ولولاه لما تمكن التيار من الحصول على غنائم الوزارات ومقاعد البرلمان بما تدران عليه من ثروات وامتيازات!

استعراض نقرأ فيه تهديدا للسلم الأهلي والأمن القومي العراقي، هذا إذا كانت حكومة المالكي سعت لبناء منظومة أمن قومي، وليس نهب قومي منظم لثروات الشعب العراقي!؟، ونرى في الاستعراض بما له من محمولات طائفية بغيضة وإضفاء مسحة من القدسية على هويات فرعية، ضربا لهيبة الدولة والحكومة التي قبل بها التيار وأصبح ممثلا فيها بالسلطتين التشريعية والتنفيذية.

بل وضربا لأساسات العملية السياسية برمتها، وتخويفا للمواطنين لاسيما من الطوائف والمكونات العراقية الأخرى، التي كفل لها الدستور العدالة والمساواتية، وتقوية لساعد الرعاع والقتلة والميليشيات وفدائيي صدام المنضوين تحت لواء جيش المهدي، على شعب أعزل سلم أمره للحكومة وعقدها الاجتماعي وفيها ممثلا التيار الصدري، الذي يرفض الأجنبي الأمريكي ويطالب باخراجه، لكنه يمهد بمثل هكذا استعراضات مشبوهة الدوافع والأهداف، ليس لإدامة المشروع الإيراني في العراق حسب، لكن إعطاء زخم ودفعة قوية لحزمة جديدة من الأجندات وتنفيذها على أرض عراقية رخوة، فيها رئيس الحكومة ضعيف لكنه يتهاوش مع رئيس والبرلمان وهما في خصام دائم ومناكفات والواحد يريد اقصاء الآخر، وكتل سياسية اتفقت على الفساد بكل أشكاله، واختلفت على مصلحة البلد سواء فيما يتعلق بالتمديد لبقاء المحتل من عدمه أو غيرها من الملفات!

كذلك يفتح الإستعراض الباب واسعا أمام عودة الطائفية والمظاهر المسلحة والمحاكم الشرعية في ظل حكومة تضعفها يوما بعد آخر الصراعات والانشقاقات !

إن التيار الصدري بما له من اجندات دينية لايقبل، بعدما ذاق نعمة الكعكة المتمثلة بالوزارات ومقاعد البرلمان، بما أسبغته عليه من المال والنفوذ والسلطة، لايقبل بأقل من العراق كله ليزحزح بقوة الشارع والتهديد بالعصيان ووصف عناصر المهدي يالقنابل الموقوتة بيد القائد والمرجعية!، يزحرح الحزب الحاكم البديل عن البعث في نهب ثروات العراق والإنكفاء به إلى مجاهل العصور الوسطى!

إن الذي صرح به القيادي في التيار حازم الأعرجي خلال كلمة ألقاها في الاستعراض "عناصر جيش المهدي قنابل موقوتة بيد زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر والحوزة" يشير إلى أن مرحلة مابعد نهاية 2011 موعد الانسحاب، ستشهد تصعيدا خطيرا وحربا طاحنة ومرحلة كسر عظم على لوحة الصراع الشيعي الشيعي، والشروع بقتل الخصوم وصولا إلى أهداف سياسية محددة، وعدا أن مثل هكذا تصريحات لو كانت لدينا حكومة لقدمت الأعرجي إلى محاكمة عادلة لتهديده الأمن القومي العراقي، فإن تهييج الشارع وتأليبه لصالح الهوية الطائفية يلقي المزيد من الشكوك حول مستقبل العراق وسلامة مسيرته، تحت سيطرة وأوامر رجال الدين والاسلام السياسي!

اليوم جيش المهدي وغدا تطالب بحقها منظمة بدر وبعدها البيش مركه وعصائب الحق والباطل، وكل مجموعة دينية وحزب يطالب بحقه في استعراض قوته، ويصبح العراق في هرج ومرج ونجد أنفسنا في عصر الميليشيات ولاحل إلا بإزاحة حكومة المالكي ورئيسها الضعيف المستخذي أمام جبروت التيار، وليس أمام الشعب العراقي إلا الخروج في تظاهرات عارمة تهز عروش الطغاة، وتسقطهم مثلما أسقط الشباب العربي الطواغيت في تونس ومصر، وتأتي بحكومة جديدة تضرب على أيدي الميليشيات وتطبق القانون وتحصر السلطة والسلاح بيد الحكومة، وتمنع الاستعراضات المنطلقة في شوارع العراق بأوامر إقليمية مشبوهة!
 


26/5/2011


 

free web counter