| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

طارق حربي

tarikharbi2@getmail.no
http://summereon.net/

http://summereon.net/tarikharbiweb.htm

 

 

 

الجمعة 25/9/ 2009



كلمات -272-

إئتلافات..تحالفات..تجاذبات..!!

طارق حربي

يثير السباق المحموم بين الكتل السياسية العراقية، لخوض الانتخابات النيابية القادمة في شهر يناير 2010 ، جملة من الأسئلة عن طبيعة تلك التحالفات وانعكاساتها على الداخل العراقي، وماهي الأسس التي قامت عليها وإلى أي مدى كان تأثير العاملين الدولي والاقليمي في تشكيلها، وهل يبقى تحالف القوى السياسية قائما بعد انتهاء الانتخابات ومعرفة كل مكون حجمه الطبيعي، أم سيكون مصيرها التفكك وتنتهي بالخلاف داخل قبة البرلمان، وتبدا مرحلة الصراع على المصالح الحزبية والفئوية الضيقة، ويتم ترحيل الملفات الشائكة التي يعاني منها الشعب العراقي إلى الانتخابات النيابية أربع سنوات أخرى..!!

قطع دولة رئيس الوزراء نوري المالكي الطريق أمام التحالفات السياسية التي استنفرت كل قواها لخوض الانتخابات وهي (الإئتلاف العراقي الوطني ويضم المجلس الاعلى الاسلامي بزعامة عمار الحكيم والتيار الصدري بزعامة مقتدى الصدر وتيار "الاصلاح الوطني" بزعامة رئيس الوزراء السابق ابراهيم الجعفري بالاضافة الى شخصيات مستقلة، وهيئات من العرب السنة، والتركمان الشيعة)، ورفض المالكي الدخول في أي إئتلاف آخر حيث سيكشف خلال أسبوع عن إئتلافه الانتخابي، وقال أنه "بصدد تشكيل كتلة كبيرة قبل الانتخابات وبعدها لحماية العملية السياسية، وتفعيل الدور التنفيذي والتشريعي لمنع حالات الضعف التي اتسمت بها المرحلة الحالية"، وأرجح أن هذا "كلام حملة انتخابية" ليس إلا، إن لم يكن مكرورا فله شبيه في انتخابات سنة 2005، حيث مايزال الفساد المالي والاداري مستشريا في مفاصل السلطتين التشريعية والتنفيذية، التي لم يفعل المالكي ووزارته الكثير لمكافحتها، ويبقى ملف وزارة التجارة ووزيرها المتهم بالفساد (فلاح السوداني) مثالا صارخا، ويشير الكثيرون صراحة إلى أن المالكي نفسه تستر على الوزير وطلب عدم مساءلته قانونيا، لحفظ ماء وجه الأحزاب الدينية والتوازنات السياسية، مايصب في مصلحته الشخصية لضمان منصب رئاسة الوزراء أربع سنوات قادمة.

وحتى قبل يومين كان (الإئتلاف الوطني) يلح على احتواء المالكي زيادة في الرصيد، والظهور بمظهر الذين ضحوا بدمائهم من أجل العراق الديمقراطي الجديد، وهذا كلام آخر للاستهلاك المحلي حيث أن كل الأحزاب والكتل السياسية تطلب ود " إئتلاف دولة القانون" لحصولها على المرتبة الاولى في تسع محافظات من أصل 14 ، في انتخابات مجالس المحافظات الأخيرة، وكنت أعتقد حتى اللحظة التي سبقت اعلان المالكي عن عزمه خوض الانتخابات المقبلة بقائمة إئتلاف دولة القانون، أن انضمامه إلى الائتلاف الوطني (ماشاء الله كلها إئتلافات وقبض ماكو!!) محض انتحار سياسي، لكن المالكي فهم اللعبة السياسية منذ انفراده بقائمة واحدة سنة 2005 فحصد الأصوات وحقق النجاح، وفهم أن العراقيين لايتعاطون مع شعارات الأحزاب الأيديولوجية والاسلام السياسي، فاختار "دولة القانون" والعراقيون أحوج مايكونون إليه بعد الفوضى التي سادت بعد التغيير.

لقد أصبح الكلام على انضمام قائمة المالكي إلى التيار الوطني في خبر كان، وتنهمك (دولة القانون) حاليا بنوع من الاتحاد مع الائتلاف الوطني لخوض الانتخابات البرلمانية القادمة بقائمة مشتركة، سيما وقد أكمل إئتلاف (القانون الذي لم ير العراقيون الكثير منه!!) تحالفه مع العشرات من الكتل السياسية، والكل في مضمار السباق نحو حكم العراق خلال السنوات الأربع القادمة، وفي إطار توازن القوى في البرلمان العراقي، يبدو أن ثمة عقد على الحكم بين الاحزاب الشيعية في إطار احتواء الكبير منها للصغير، وإعطاءه عددا من المقاعد مهما كلف الأمر، لكي لايقوى الاتجاه الآخر السني ولايتمدد الكردي، فيعلو صوته في البرلمان أكثر مما علا في المرحلة النيابية الماضية.
أفهم من كلام علي الاديب (القيادي في حزب الدعوة) أن " ابرز العوائق التي حالت دون تشكيل ائتلاف موحد جديد هو سعي ائتلاف دولة القانون لترصين التشكيلات المنضوية تحت لوائه وضرورة انضمام القوى الوطنية فيه دون الالتفات لانتمائها المذهبي او القومي، والالتزام بنظام داخلي يوحد الموقف داخل قبة البرلمان ولا يجعلها عرضة للانتكاسات بسبب تعدد الرؤى والمواقف" افهم من ذلك أن الاسلام السياسي مايزال قويا ومدعوما من العراب الأمريكي للسنوات الأربع القادمة، فيشل حركة ونشاط عموم الشعب العراقي وقواه الوطنية والديمقراطية عن ممارسة الدور المطلوب في رسم شكل النظام السياسي في العراق الجديد أولا، ومايلي ذلك من إعمار البلاد ومكافحة الفساد وتمكين الشعب من بناء مؤسساته الدستورية والديمقراطية، وسيعاد استنساخ تجربة إئتلاف سنة 2005 بكل مفاسده المعروفة التي لم تجد بعد دواء شافيا، فكان مجرد (صورة حكم) لاأكثر ولا أقل : إئتلافات وتحالفات طائفية شيعية وقومية كردية وسنية (التوافق) وكلها استحوذت على غالبية مقاعد البرلمان ولم يعد العراق عراقا بل ضيعة يقودها إئتلاف الطوائف والقوميات، ويعلم الجميع في هذه الهيئات الكرتونية أن تحالفاتهم وإئتلافاتهم لم تعد صالحة لحكم العراق، ليس بعدما قصروا عن تقديم ابسط الخدمات للشعب حسب، بل إن العراقيين ملوا خطاب الأحزاب الدينية ووجهتهم منذ التغيير حتى اليوم بناء مجتمع مدني ودولة المؤسسات والقانون.

في الجانب السني إعلان عن تحالفات جديدة (كم فيك من تحالفات ياعراق..!؟) عن " اكتمال الصيغة النهائية للتفاهمات بين مكوناتها الاساسية”. ولطالما أعلنت الأطراف السنية والشيعية عن أنها متفقة مع الحلفاء على وحدة العراق وهويته العربية الاسلامية!، أما وحدة العراق فهي رسالة واضحة إلى التحالف الكردستاني، تستعير خطابها من سياسةالنظام البائد الفاشية، حينما كان يرهب الأكراد ويقمع ثوراتهم وانتفاضاتهم، وكذلك للحيلولة دون توسعهم وتمددهم كما يتوسعون اليوم إلى مندلي وزرباطية، وليس بعيدا أن يطالبوا بقضاء سوق الشيوخ في المستقبل القريب حتى يصلوا إلى ميناء البصرة!، مثلما طمحت الامبراطورية العثمانية في الماضي لجباية الضرائب، وفيما بعد سياسة الاتحاد السوفيتي المعروفة بالوصول إلى المياه الدافئة، وكل هذا يأتي في إطار الهيمنة على موارد العراق الاقتصادية والبشرية، وتأتي سقسقة الهوية العربية الأسلامية خارج متطلبات العمل الوطني العراقي بل ونفيه، ومن جهة ثانية هو عبارة عن خط رجعة إلى الحواضن العربية الاقليمية التي تمد الأشرار تارة بالسلاح والارهابين ضد شعبنا ومستقبلنا، وطورا بالاعلام والمواقف السياسية والدولية، وهكذا تتحالف الأحزاب الشيعية والسنية في مسعى واحد وهو إيجاد مرجعيات إقليمية وامتدادات خارج العراق، بدلا من شد الأزر في سياق مواجهة التحديات في إطار وحدة المصير العراقي.

على الشعب العراقي أن يقرر لمن يمنح صوته الثمين لخوض الانتخابات القادمة المهمة لتحديد مسار العملية السياسية وبناء دولة المؤسسات والقانون، وأن يضع أمام عينيه وهو في الطريق إلى المراكز الانتخابية أن :
لا الدين،
لا الطائفة،
لا العشيرة،
لا القومية،
لا المناطقية من يحل مشاكل البلاد المستعصية

وليس من وزع البطانيات وحجابات النساء والتجهيزات الرياضية و(كارتات الموبايل) لشراء الأصوات كما في انتخابات مجالس المحافظات الماضية لينتخب الشعب من يبني ويدافع ويوفر الخدمات ومن ليس مدعوما من وراء الحدود ومن يضع الشعب والوطن في أولويات أجنداته خلال السنوات الأربع القادمة .
 


25/9/2009
 



 

free web counter