| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

طارق حربي

tarikharbi2@getmail.no
http://summereon.net/

http://summereon.net/tarikharbiweb.htm

 

 

 

الجمعة 24/10/ 2008



كلمات -219-

فتاوى شرعية في محطة كهرباء الناصرية!

طارق حربي

اعتصام وتظاهرة في الناصرية خلال أسبوع واحد لفتا انتباهي، إعتصام لمنتسبي اتصالات وبريد ذي قار أمام مبنى دائرتهم، مايزال مستمرا لحد كتابة هذه السطور، جاء بعد شعورهم بالغبن والتمييز بين موظفي الدولة الواحدة، حسبما جاء في بيانهم : (حرموا من فروقات رواتبهم الجديدة للاشهر من كانون الثاني وحتى ايار لسنة 2008 وكانت الحجة الممله للسادة المسؤولين بان هذه الدوائر تمويل ذاتي رغم ان معظم دوائر التمويل الذاتي قد استلمت فروقاتها لهذا الاشهر الا هذه الدوائر المنكوبة. ثم جاء القرار الحكيم بارجاع الرواتب الى السلم القديم ولكن تم استثناء دوائر التمويل الذاتي وفعلا تم صرف رواتب الكثير من الدوائر ومنها المصارف ودوائر وزارة التجارة على السلم الجديد بينما تم اعداد رواتب البريد على السلم القديم)، وكان هؤلاء المنتسبون تظاهروا في الشهر السادس ثم في منتصف الشهر العاشر من هذه السنة دون أن يجدوا أذنا صاغية لمطاليبهم العادلة.

محطة الناصرية التي شيدتها شركة روسية أواسط السبعينات من القرن الماضي، بطاقة تصميمية قدرها 400 ميجا واط، وأثر انخفاض مناسيب مياه الفرات على طاقتها الانتاجية، ماكان له تداعيات سلبية على حياة المواطنين في الناصرية، وعانت المحطة من هجومات صاروخية من فدائيي صدام المتدربين في إيران، وامتدت إليها يد السرقة في (23/8/2008) بناء على تصريحات أطلقها رئيس لجنة الطاقة في مجلس محافظة ذي قار، كشف خلالهاعن سرقة ثلاث مضخات للوقود في 23/8/2008 من مولدات القدرة الداخلية، قام منتسبوا هذه المحطة أول من أمس بتظاهرة، أججتها فتوى لامسؤولة (أصدرتها!!) نقابة المهن الهندسية (طالبت فيها بقطع مستحقات الساعات الإضافية بحجة أن الأموال محرمة شرعا!!، ماجعل النقابة تبلغ مدير عام الطاقة الحرارية في الناصرية بان هناك فتوى شرعية تحرم أخذ تلك المبالغ حسبما صرحوا بذلك!)

لاأفهم كيف تقوم نقابة مهنية بإصدار فتاوى شرعية بقطع مستحقات الساعات الاضافية، أو غيرها من مستحقات العمال، دون النقابة التي تنظم أجورهم وعطلهم وإجازاتهم المرضية، لاأفهم ذلك إلا من باب طمس الحدود بين الدين والشريعة، في أفق الأحزاب الدينية في الناصرية، والتدخل السافر من طرف ممثلي الأحزاب عبر آلية الإعتداء على أرزاق العمال، خلال فتاوى لاشرعية ضالة من جهة، وبين القوانين التي تنظم مستحقات العمال وإجازاتهم وغيرها من جهة ثانية، ولدينا قانون العمل رقم 72 لسنة 1936، واضح وصريح لكن يبدو أنه مثل الدستور مركون على الرف، إن هذا التداخل المؤسف بما تمخض عنه من اجتهادات شخصية لايقبل بها الله الذي يعبدون ولاالقوانين الوضعية، يؤشر حالة من الفوضى ووراء كل فوضى تعديل وترتيب.

إن فتوى نهب الساعات الإضافية في محطة كهرباء الناصرية، التي دفعت بالعمال إلى التظاهر في ميدان عملهم، ظاهرة صحية في العراق الجديد، وحراك عمالي إضرابي يطالب بحقوقه المسلوبة، وكنت ذكرت غير مرة أن العراق لاينهض إلا باخضرار أرضه ودوران عجلات مصانعه، هذه هي البداية الصحيحة لكل حراك اقتصادي : علاقات إنتاج ومطالبة بالحقوق وإضرابات إلى آخره..
لكن تشير نتائج إصدار مثل هكذا فتاوى جائرة إلى استحالة الهيمنة على الطبقة العاملة سواء في الناصرية، أو في أي مكان من العراق، قمعها ونهب حقوقها وإسكات صوتها المطالب،لاسيما إذا كانت مرتبطة بالنقابات وليس المرجعيات، ولايمكن بأي حال فصل عملية الاستحواذ على أجور العمال والساعات الإضافية، عبر فتاوى ماأنزل الله بها من سلطان، تتصل بسياقات على بابا التي فُتحت قريحتها على المال السايب الذي يعلّم على السرقة، فالدوائر الرسمية التي تقاسمتها أحزاب الإسلام السياسي في الناصرية، تشهد عليها تجارب أكثر من خمس سنوات بعد التغيير، حيث رفعت بلاوي الفساد الإداري إلى مصاف قوانين المافيا في أوروبا الشرقية وروسيا وغيرها.

ما أشبه اليوم بالبارحة!؟
إن الطبقة العاملة العراقية التي تشكلت في نهاية القرن التاسع عشر، قبل تشكيل الطبقة البرجوازية الوطنية والدولة العراقية نفسها، لطالما شهدت مثل هذا الغبن في تأريخها، ففي مطلع الأربعينات من القرن الماضي، عندما كانت التيارات النازية والرجعية منتشرة، في سياق مشروع تدميري كوني هو الحرب العالمية الثانية، التي انعكست آثارها السلبية على العراق وطبقته العاملة، كان إضراب لعمال المطابع سنة 1942 بسبب طول ساعات العمل والأجر الزهيد الذي كانوا يتقاضونه، فطالبوا - كما يطالب العمال في بريد الناصرية وطاقتها الكهربائية اليوم – بحقوقهم وزيادة أجورهم بنسبة 25 % وشمولهم بالعطل الرسمية، وعدم حرمانهم من ممارسة نشاطهم السياسي والاجتماعي، ولم يتو قف الاضراب حينذاك حتى لبيت كل مطاليب العمال.
مطلوب من العمال الاستمرار في اعتصامهم حتى نيل كامل حقوقهم المشروعة
من الحكومة المحلية دعمهم وحمايتهم
من وسائل الإعلام نشر فعالياتهم
من القضاء سماع شكاواهم
من الجهات الأمنية إجراء التحقيق العادل والشفاف لقضية الفتاوى الضالة، وإبطالها بالقوانين التي نص عليها الدستور، حتى لايتجرأ أحد أو جهة حزبية أو رسمية أو دينية أو عشائرية، وتنهب مستحقات العمال قبل أن يجف عرق جبينهم.
 

24/10/2008

 

free web counter