|  الناس  |  المقالات  |  الثقافية  |  ذكريات  |  المكتبة  |  كتّاب الناس  |
 

     
 

 الأثنين 23/7/ 2012                                 طارق حربي                                   كتابات أخرى للكاتب على موقع الناس

 
 

 

كلمات (419)

ردا على علي الدباغ وطارق حرب : آووا السوريين مثلما آووا العراقيين!

طارق حربي

تصريحان يصعقان كل عراقي تربى على اخلاقيات إغاثة الملهوف وإقراء الضيف والوقوف مع الناس في أوقات الشدة، صادران عن علي الدباغ (المتحدث باسم الحكومة العراقية)، وطارق حرب (الخبير القانوني)، حول "عدم قدرة" الحكومة العراقية على إيواء الهاربين السوريين من بطش النظام البعثي الاجرامي في دمشق، الذي يلفظ أنفاسه الاخيرة في ثورة سورية اندلعت منذ حوالي سنة ونصف.

شعرت بالعار من تعلل الدباغ بعدم قدرة الحكومة على استقبال اللاجئين السوريين، بـ "عدم امتلاكه خدمات لوجستية على الحدود بين البلدين"، منوها بالخطر على حياة السوريين، وراح يتحدث باللوجستيات وبعد المدن ووجود الصحراء بقوله "نزوح هؤلاء باتجاه العراق يكاد يكون معدوما بسبب بعد المدن عن بعضها البعض ووجود الصحراء القاحلة التي تعرضهم لخطر حقيقي"، لكنه لم يخشى على حياتهم من المجازر اليومية من ينفذها النظام البعثي الوحشي، فوقف موقف المتفرج من ذبحهم جملة ومفرق، إلا ماشاءت طهران أن ينفذ الدباغ من اجندات في شعب العراق، والشعوب المنكوبة بالطغاة مثل الشعب السوري!

لاشك أن الدباغ يعتبر أن مايحدث في سوريا شأن داخلي لايخص الحكومة العراقية!، اللهم إلا بالتحشيد الدولي لاطالة عمر النظام الاجرامي في دمشق، الدليل أنه أخذ يطالب منذ أشهر بعقد مؤتمرات اقليمية ودولية في بغداد، لتلميع صورة نظام الاسد واحباط الشعب السوري، وهو مايضمن بقاءه وزيرا في حكومة فاشلة منفذة لاجندات طهران، لاترى إلى الجانب الإنساني في محنة شعب محكوم بالنار والحديد، بل إن الدباغ وحكومته تنظران إلى السوريين كما إلى العراقيين نظرة فوقية!، أي مجردة من الاخلاق والانسانية وحتى مبادىء الاسلام التي تحث على تقديم العون والمساعدة لمستحقيها في أوقات المحن والكوارث، الإسلام الذي يعتنقه الدباغ ويحكم باسمه العراقيين ظلما وبهتانا، ذلك أن الاعتذار عن استقبال السوريين في ملاذات آمنة، وهو مايجافي كل القيم والاعراف والإنسانية، يضرب عرض الحاط كل أنواع الايمان بالله والإخوة الإنسانية وحقوق الجيرة، حتى المختلفين عن العراقيين بالدين واللغة واللون وغيرها، فكيف إذا كانوا عربا ومسلمين وسوريين وملاذا من البعث قبل أن تدور عليهم الدوائر!؟

أقول نظرة فوقية فهاهم العراقيون يتفشى فيهم القتل الذريع بالارهاب وتنقصهم الخدمات، ولم يحصدوا من الدباغ ومن لف لفه سوى التصريحات ولغو الكلام، ولو كانت طهران أوعزت له ولحكومته استقبال السوريين لما تأخر لحظة واحدة عن التنفيذ، بل حشد وطالب برصد الملايين لبناء المخيمات، كما طالب من قبل لانعقاد المؤتمرات العربية والإسلامية والإقليمية!

وجاء تصريح الحكواتي طارق حرب قبل قليل مسوغا " اعتذار رئيس الوزراء عن استقبال اللاجئين السوريين ومنع دخولهم الى العراق) بأنه (كان موافقا لسلطته المقررة بحسب المادة {87} من الدستور)، وأقول له ماذا أفعل بدستور لايحقن دماء البشر ويحفظ كرامتهم، ويبدي الوجه الانساني والمتحضر والمسالم للعراق الجديد، بعد طول مأساة مع الانظمة القمعية والفاشية، إلا أن يمد يد العون والمساعدة للعراقيين والسوريين ومن يحتاجها من الشعوب، بمقدار مايقرره البرلمان والدستور والمنظمات الانسانية، وإن كنت ياحرب قانونيا فالقانون الدولي يرغم الحكومة العراقية على إيواء السوريين وغيرهم في محنتهم الحالية، فالذي وقع ويقع عليهم من البعث يوميا يعتبر ارهابا حكوميا منظما ضد شعب أعزل، وإن كنت مسلما فالاسلام والقرآن يحضان على حقن دماء المسلمين وحفظ آدميتهم!، وإن كنت عربيا فالقواسم المشتركة بين العرب في القومية والدين واللغة والعرق والتاريخ المشترك وغيرها، كلها تحظك وتحظ حكومتك على مساعدة الشعب العربي السوري!

وتعدى حرب صلاحياته القانونية وخاض في الاخلاقيات هذه المرة، بقوله " اما الانسانية والاخلاق فلا يمكن ان تكون سببا في الحاق الضرر بالعراق تحت هذا العنوان، فالانسانية والاخلاق تكون لأهل العراق اولا قبل ان تكون لاجئين السوريين"، فذلكة لغوية ومنطق معوج، تبريرات واهية لا انسانية ولا أخلاقية، وتسويغ لقرار الحكومة العراقية سيء الصيت الصادر يوم الجمعة الماضية، بعدم قدرة العراق الغني، على توفير الخدمات واستقبال اللاجين لوجود حدود برية قاحلة، كأن لم تكون بين العراق والسعودية حدود وصحراء ومخافر ودوريات شرطة وحدود قاحلة، حينما آوتنا بعد انتكاسة انتفاضة آذار الخالدة 1991، وفعلت بنا مافعلت بعد ذلك من قتل وإذلال ومهانة وتسليم لحكومة صدام!، على خلفية التباين المذهبي وكراهية النظام السعودي للشعب العراقي وهو موضوع كتبنا عنه كثيرا، وكأن لم تقم تركيا بواجبها الانساني منذ فترة طويلة تجاه السوريين، وتقيم لهم المخيمات تطعمهم وتكسيهم، وقبل ذلك تؤمن على حياتهم وتحفظ كرامتهم، ويبدو أن قلبها أحن من قلب الحكومة العراقية ودباغها وحربها على السوريين!

إنه قرار يزعج الشعب العراقي ويسخطه على الحكومة لانه يتعارض مع شيمته وكرمه وأخوته للشعب السوري الكريم، الذي قام باستقبال العراقيين منذ عشرات السنين، وآوى سياسيين وهاربين من بطش البعث وفارين من حروبه العبثية ودماره، ومطلوبين للاجهزة الامنية وبسطاء العراقيين ممن غادروا أرض الخيرات المغصوبة، مطلوب من الحكومة العراقية التراجع عن هذا القرار سيء الصيت والاعتذار عنه وإقامة المخيمات وتوفير الخدمات للشعب الجار المنكوب!

أووا السوريين مثلما آووكم وأحبوكم وتصاهروا معكم افتحوا الحدود أمامهم أقيموا لهم مخيمات وملاذات آمنة من بطش النظام البعثي الوحشي.


23/7/2012
 

 


 

 

 

 Since 17/01/05. 
free web counter
web counter