| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

طارق حربي

tarikharbi2@getmail.no
http://summereon.net/

http://summereon.net/tarikharbiweb.htm

 

 

 

الأحد 22/6/ 2008



كلمات -199-

أهمية منع استخدام الرموز الدينية في الانتخابات القادمة!

طارق حربي

بعد فترة طويلة نسبيا من الأخذ والرد والتشاور مع الكتل السياسية، وخلال الأيام القليلة القادمة، تسلم لجنة الأقاليم والمحافظات قانون انتخابات مجالس المحافظات إلى البرلمان، وليس إلى المجلس السياسي كما أعلن سابقا، لغرض عرضه على التصويت، وكما هو معروف فمجالس المحافظات هي أكبر سلطة تشريعية فيها، لكن أسوأ مافي القانون الجديد هو هيمنة الرجال عليها أي المجالس، والإبقاء على نسبة النساء 25% كما هي، مع أن نسبتهن إلى الرجال في العراق كبيرة، بسبب الحروب وإصابات العمل، قبل أن ينشر إحصاء أولي لأكثر من مليون أرملة وخمسة ملايين يتيم في العراق اليوم!
ويمنع القانون الجديد استخدام الرموز الدينية في دوائر الدولة، واقتصارها على دور العبادة، وحتى هذه فيها نقاش إذ يبدو أنها لم تحسم بين الكتل السياسية، فالمجلس الأعلى المهيمن على كتلة الإئتلاف، يصر على استخدام الرموز الدينية في الانتخابات، معتبرا أن الشخصيات الدينية هي رموز وطنية، والكثير من أعضائه منخرط في النشاط السياسي، وأحسن مكان يتداول فيه المواطنون مبدأ الانتخابات والدعاية لها هي دور العبادة، طبعا المجلس الأعلى يصرح بذلك وعينه على زخم الشارع العراقي، وثقل المرجعية الدينية في النجف، التي أعلنت بأنها تقف على مسافة واحدة من جميع الكيانات السياسية وهو ماأشك فيه، يقابل ذلك رفض (استخدام الرموز الدينية) من طرف الكتل الأخرى، وأكبرها كتلتا التوافق والعراقية!
في الانتخابات وغيرها في آليات مسيرة العراق الجديد، لابد من الفصل بين الحياة الدينية والزمنية، فالدين قضية شخصية يسعى إليها المواطن لإشباع رغباته الروحية والوجدانية، وهو حر في تأدية شعائرها ومكفولة في الدستور العراقي، لكن الحياة الزمنية واليومية ينبغي حسابها حسابا دقيقا لغرض تحسينها ضمن خطط مدروسة، وهذا يتطلب إدارة وحكاما محليين أكفاء وليس إلى رموز دينية، يلقون خطبة الجمعة ويرسمون للناس فكرتهم عن الحياة الأخروية، كلما استعصى مشروع في إعمار العراق، أو تكاثر المفسدون وأهدرت ثروات البلد، ومن ثم تعليل الحاضر المريض بالهروب إلى الماورائيات.
هنا لابد للعراقيين من أن يهجروا دور العبادة على الأقل في موسم الانتخابات، والشعور بالمسؤولية الوطنية والتأريخية حيال السنوات الأربع القادمة، في الطريق لتأسيس تقليد للانتخابات باعتباره مناسبة وطنية، لايجب التخلي عنها لحساب السلطة الدينية والمرجعيات ومنبر الجمعة، بل يجب التفاعل معها وإعطائها حقا خارج إطار الدين ورموزه، التي لن تقدم علاجا ناجحا لأدواء الحياة اليومية!
لايجب أن يقف العراقيون تحت المنابر لسماع موعظة عن الانتخابات، وتسليم الأمر للإمام وشيخ القبيلة ليفكروا لهم ويقلدوهم، وبالتالي تنطبع حياتهم القادمة ومستقبل أجيالهم بطابع ديني، فتجير أصواتهم لصالح كتلة سياسية دون غيرها، إذن عليهم الخروج إلى سعة الحياة الدنيوية ومتطلباتها، والتنعم بالحياة مثل بقية خلق الله في الدول النفطية الغنية، فمامعنى أن يقيم العراقي الصلاة ويؤدي الفروض، بينما نفطه يهرب ليلا ونهارا من قبل أحد الأحزاب الدينية، وبعد خمس سنوات من التغيير لايجد ماء صالحا للشرب، والكهرباء غير مستقرة، والخدمات ضعيفة نسبيا، وطفل يموت بلدغة العقرب في الشطرة لانعدام المصل في مستشفاها، فينقل إلى مستشفى الناصرية العام ليعتذر هو الآخر، ومستشفى البصرة العام فيعتذر، وأخيرا ينقل الطفل إلى مستشفى السماوة فيحقن بالمصل، لكنه - مع شديد الأسف - يلفظ أنفاسه الأخيرة بين يدي أمه، وكأن العراق بلد إسكندنافي جامد من البرد يخلو من العقارب بنوعيها!؟
أليس هذا وغيره من بركات استخدام الرموز الدينية في الانتخابات الماضية!؟
لقد أثبتت السنوات الأربع الماضية، أن الإدارات المحلية في عموم العراق، ممن وصلت إلى الحكم عبر استخدام الرموز الدينية، أظهرت قصورا وفسادا في تنفيذ المشاريع، وتطوير الخدمات الصحية وغيرها، لذلك لابد أن يحزم المواطنون العراقيون أمرهم، ويخرجوا من رحم دور العبادة إلى الهواء الطلق، ويناقشوا قضية الانتخابات التي تعني حياتهم لأربع سنوات قادمة، وهنا لابد من دور للحكومة في تفعيل موسم الانتخابات، كذلك دور النخب السياسية ومنظمات المجتمع المدني!
يقول أحد قيادات المجلس الأعلى لماذا يسمح للعلمانيين باستخدام قاعات الرقص والمسارح لدعايتهم الانتخابية!؟، إنهم يخشون العلمانيين الذين بدأوا ينهضون في الواقع العراقي وسيقولون كلمتهم في الانتخابات القادمة، وأقول له أن تلك المساحات تمنح الناس حرية أكبر خارج إطار الإيديولوجيات الدينية، حيثما يصبح الناس أحرار من هيمنة رجال الدين، فلاأحد في تلك المساحات المفتوحة يحرم الرجل من امرأته على طريقة الحسبة الأزهرية!، إذا ما امتنع عن التصويت لكتلة الإئتلاف، كما حدث مع شديد الأسف في انتخابات 2005، وجندت العشائر لحساب المرجعية.
ونظرا لتغليب المصلحة الحزبية والفئوية على المصلحة الوطنية بالنسبة للأحزاب الحاكمة!، فليس لدى الكثير من مواطني محافظة ذي قار على سبيل المثال، الرغبة في الإدلاء بأصواتهم والمشاركة في الانتخابات القادمة، فقد ملوا من أكاذيب السياسيين وفقدوا ثقتهم فيهم، بعد الحروب وانقطاع الكهرباء والاعتداء على الصحفيين والصراعات الحزبية ، وكان آخرها الصراع بيت المجلس الأعلى والدعوة على منصب مدير الشرطة!
لهذا وغيره لانريد إعادة صورة الانتخابات المشوهة سنة نهاية سنة 2005 حيث استفاد الإئتلاف من استخدام اسم السيد السيستاني وصوره، والفوز في الانتخابات والحصول على 85 مقعدا في البرلمان من أصل 275 مقعدا، وهاهي النتيجة التي يعيش العراقيون مرارتها من فساد إداري وهدر المال العام، وتأخير خطط إعادة الإعمار والحبل على الجرار.
ليستعد المواطن العراقي للانتخابات القادمة كأحسن مايكون عليه الاستعداد ويقول كلمته وينتصر لحياته!


22.6.2008




 


 




 



 


 


 

 

free web counter