| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

طارق حربي

tarikharbi2@getmail.no
http://summereon.net/

http://summereon.net/tarikharbiweb.htm

 

 

 

الثلاثاء 21/9/ 2010



كلمات -331-

عراق الفتاوى الولائية!

طارق حربي

مازالت عقبة تسمية رئيس للحكومة العراقية المقبلة، وعدم الوصول إلى تفاهمات بين الكتل السياسية لتوزيع المناصب، يشير إلى انقسامات حادة وضعف في الارادة العراقية.

وجاء إبلاغ كل من واشنطن وطهران لعادل عبد المهدي (نائب رئيس الجمهورية ومرشح الائتلاف الوطني لرئاسة الوزراء)، بعدم دعمهما لترشيحه، ليلقي المزيد من الضوء على أن أمر العراقيين، مهما قرروا وأعلنوا ابتعادهم عن الأجندات الاقليمية، ليس بأيديهم بل بأيدي اللاعبين الكبار، بعدما فتح لهم الأداء السيء للكتل السياسية - منذ أكثر من سبع سنوات - الابواب على مصاريعها، للتدخل السافر في الشأن العراقي.

مايدور وراء الكواليس، من تجاذبات لم تفضي إلى نتيجة لحد الآن، ومايحدث في الميدان من عمليات ارهابية، مدعومة من الدول الاقليمية، أو مراتب في الداخلية والدفاع، يشاع في الاعلام أنها بايعت القاعدة وغيرها، كل ذلك الحراك السياسي والتدهور الأمني، لابد أن يلقي بظلاله على شكل وأداء الحكومة المرتقبة.

ولاعجب أن كل فئة تطلب السلطة التنفيذية، لمالها من سحر على العقول والنفوس، وامتيازات ومنافع تعود على الأحزاب والشخصيات، وتنعكس على علاقاتها ومصالحها الاقليمية والدولية، ويبدو أن اتفاق العراقية والوطني شبه النهائي، على منح منصب رئاسة الوزراء للوطني، مقابل رئاسة الجمهورية مع تعديل الصلاحيات، لأنه وحسب جمال البطيخ أحد قياديي العراقية (لن تقبل بالمنصب إذا بقي شرفياً مثل الدورات الانتخابية السابقة)، لن يكتب لها النجاح لعدم وضوح الصورة النهائية لاتفاقات تشكيل الحكومة.

وفي هذه الآونة من تأريخ العراق الملطخة بالدم والعار، من الانقسامات والشرذمة وضعف الارادة الوطنية التي مهدت لتدخل دول الجوار، استعانت إيران بطلب من مرشدها الروحي علي خامنه ئي، برجل الدين العراقي (المقيم في قم) كاظم الحائري، الذي يعتبر الأب الروحي لزعيم التيار الصدري مقتدى، لإصدار (الفتوى الولائية) التي تعتبر لدى الشيعة مقدسة، وهي بدرجة الأمر الصادر من الامام الغائب عند الذين يؤمنون بولاية الفقيه، أي من النوع الذي يكون ملزما ولايمكن مناقشته أو نقضه.

وكل شيء في الروح ويدور حول الروح وتجلياتها وفضاءاتها الماورائية والدين وحاجاته، ولاشيء للأجسام والتطور ومتطلبات الانسان، في الحياة الحرة الكريمة التي وهبها الخالق لعبيده مرة واحدة، كما لافصل بين الزمني والروحي في السياسة وعقيدة الدولة العراقية، إن كانت هنالك دولة أو عقيدة!؟.

بصراحة إن هذه (الفتوى الولائية) لاتعلن الولاء للعراق وأهله ومستقبلهم، ولاتؤمّن مصالح الشعب العراقي وتحريره ونشدان مستقبله وبناء بلده، بل تخدم أجندات إيران حاضرا ومستقبلا، وعنوان تدخلها السافر في حكومة المالكي، التي سنرى ضعفها وهشاشتها، خلال السنوات الأربع المظلمة القادمة، فتوى تلزم مقتدى بالتجديد ضد مصالح وتطلعات معظم العراقيين، الذي ملوا استبداد المالكي وتفرده بالسلطة، إلى حد تعطيل تشكيل الحكومة الجديدة، ورضوخه مقابل البقاء في منصبه، لمطالبة العديد من الكتل السياسية بسحب جزء من صلاحياته بما يناقض الدستور، وكان وافق هو و(دولة القانون التي يتزعمها) عليها مؤخرا، بحسب تسريبات اعلامية.
هي فتوى تعطل بناء الدولة العراقية، ومؤسساتها الدستورية والديمقراطية، لصالح أسلمة الدولة، وتمكين الأحزاب الدينية أكثر فأكثر من رقبة الشعب وثرواته ومستقبل أجياله.

ومما يؤسف له أن الكثير من العراقيين، واقعون ليس تحت طائلة القانون الذي تتطلبه مؤسسات حكومة عادلة، أو مؤسسات دولة قوية، قادرة على رعايتهم وتنظيم شؤونهم وتوعيتهم بحياتهم ومصيرهم ومستقبلهم، وهي تكاد تكون معدومة لتناقضها مع خطاب الاسلام السياسي السائد في العراق، لكن تحت سطوة وجذب وسحر مراجعهم، سواء داخل العراق أو خارجه، في الواقع إن كلمة إيران العليا، هي المارة من خلال المرجع الحائري إلى أتباعه التيار الصدري، الذي يتمتع بـ (40 مقعدا) برلمانيا، وظهر كقوة لايمكن تجاوزها في المشهد السياسي، بعد الانتخابات البرلمانية في 7 آذار الماضي، وهو ماتتفهمه إيران جيدا، وتحسب تاثيره على ميزان القوى وتعديلها لصالحها.

وهكذا خابت الآمال بتحرر الفرقاء السياسيين، من تأثير العامل الاقليمي في تشكيل الحكومة، وكسر الجمود السياسي بعد أكثر ستة أشهر مضت على الانتخابات، وتبين أن الكتل الكبيرة التي وصلت اجتماعاتها ومشاوراتها السرية والعلنية إلى مفترق طرق، وفي مقدمتها دولة القانون، أصبحت تعول على العامل الاقليمي، مرة على سوريا بمشاريع و(تسهيلات) نفطية سريعة غير مدروسة، بمعنى تسخير ثروات العراق الوطنية وتبديدها ليس لبناء البلد، لكن للحصول على دعم التجديد للمالكي!، وهو مايصب في مصلحة إيران التي أوقفت دعمها لسوريا، ليأتي دور النفط العراقي "السايب"، كوبونات مالكية جديدة تمد يد المساعدة - مثلما مدت للأردن باسعار نفطنا المخفضة من قبل - حتى لحزب الله بمواجهة اسرائيل، ومرة أخرى لإيران أقوى لاعب ومخرب للعملية السياسية.

إن إيران لايهمها حلفاؤها، وهم بطبيعة الحال أدواتها الفاعلة في السياسة العراقية : مقتدى وعمار وبدر والمجلس الأعلى وغيرهم، لكن يهمها الحلفاء من ميليشيات كتائب (حزب الله) و(عصائب الحق)، النسخة العراقية لحزب الله اللبناني، أذرعها الضاربة تختطف بريطانيا في صورة تلفزيونية، وتكسر قلوب الأمهات الشاكيات وتحرج الحكومات الغربية على مواطنيها، وتضرب أنبوب نفط عراقي بهدي من الولي الفقيه!، أو تدمر منظومة وزارة المالية الالكترونية وغيرها، وبمقدور إيران كذلك ممارسة المزيد من الضغط على المجلس الأعلى حليفها التأريخي، إلى حد التلويح بدعم الانقسامات داخل منظمة بدر، إذا لم تفلح ضغوطها على عمار الحكيم بالتجديد للمالكي، فيما العراق غنيمة تقف بانتظار النهابين والذباحين وزناة الليل والقتلة من كل الجهات!

واجب على العراقيين وعي هذه المرحلة الخطيرة من حياتهم، والمخاطر المحدقة بوطنهم ومستقبلهم، ومجابهة التحديات والوقوف ضد المؤامرات التي تحوكها إيران والسعودية وغيرهما، عبر تنظيم مسيرات الاحتجاج السلمية وتوحيد الصفوف والعمل الجماعي السياسي والاعلامي، لكيلا تمر الفتوى الولائية الاقليمية المشبوهة.
 


21/9/2010
 

 

free web counter