| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

طارق حربي

TARIKHARBI@GMAIL.COM
WWW.SUMMEREON.NET

 

 

 

                                                                                  الأربعاء 21/9/ 2011



كلمات -395-

تحريم الموسيقى والغناء في الناصرية!

طارق حربي

لم يصدر مرسوم جمهوري بتحريم الموسيقى والغناء في العراق أو الناصرية بعد!، لكنه تحريم ضمني في مفاصل الدولة العراقية، ومعمول به منذ التغيير سنة 2003 حتى اليوم، في ظل أسلمة كاملة للمجتمع العراقي، كما لم تصدر فتوى تلزم الموسيقيين والمطربين بعدم تقديم نتاجاتهم، في الناصرية ولود المبدعين، التي لايؤخر فنانيها دين ولا طائفة، عن ممارسة وانتاج الفن والثقافة والفكر وكل ضروب الابداع، لكن السلطتين التشريعية والتنفيذية بما تمثلان من كتل سياسية يشيع فيها الفساد ويتضاعف المفسدون، وتماهيا مع التجربة الايرانية نظرا لعمالة الأحزاب الدينية وانحطاطها، تعملان سرا وجهرا على المضي في برنامج تجهيل الشعب العراقي، استمرارا لنهج النظام البائد، حتى تسهل الهيمنة على الشعب ويستمر نهب الثروات وديمومة حكم طالبان غير المعلن!

فعلى مسرح بهو بلدية الناصرية وقبل ثلاثة أيام، وبينما كانت الفرقة الفنية للنشاط المدرسي، التابعة لمديرية تربية ذي قار، تقدم فعالية موسيقية (أول فعالية في الحفل) بحضور عدد من أعضاء مجلس النواب والحكومة المحلية، وما أن بدأ الفنان جاسم خضير بأداء أغنية وطنية بعنوان (حبيبي ياعراق)، حتى عاطت إحدى عضوات البرلمان (عن التيار الصدري) بالمطرب الشاب والفرقة الموسيقية!!، وأصدرت - على طريقة عدي صدام حسين! - أمرا فوريا إلى رجال حمايتها، بإنزال المطرب والفرقة عن خشبة المسرح!!، لأنهم كانوا - حسب اعتقادها بعد سماع كلمة حبيبي!!- يؤدون أغنية عاطفية..!!

أليس مقتدى الصدر يردد دائما كلمة زين حبيبي!! لو صح التعبير حبيبي وغيرها !!؟، حرام تركض وره الطوبة حبيبي!!، فلماذا تحلل الكلمة عليه وتحرم على المطربين في الناصرية!!؟

يقول أحد الأصدقاء (فنان موسيقي) كان حاضرا في الحفل : عندما بدأ المطرب جاسم خضير بالغناء للوطن...أنشودة جميلة اسمها حبيبي ياعراق ... وصفولي عنك بالعشك أحلى الحبايب واجمل ...لم يكد يصل إلى لازمة حبيبي ياعراق.. واذا بقسم من المتأسلمين يغادرون القاعة، وآخرون برلمانيون يوعزون الى المشرفين بانزال الفرقة عن المسرح!

ويقول صديق آخر كان حاضرا أيضا : زعل نائب المحافظ حسن لعيوس وترك القاعة، ولم يعد الا بعد أن نزلت الفرقة من على المسرح .. ألم اقل لكم إنها طرطرة !!؟

نعم إنها طرطرة فماذا يبقى في الناصرية إذا منع فيها الغناء!؟، وكيف يمكن لامرأة موتورة، انتمت إلى هذا الحزب الايراني العامل في الساحة العراقية أو ذاك، أن تنغص فرح أهالي الناصرية وتقلبه مأتما!؟، وتوعز لحمايتها بالقيام بفعل طائش وتهوري!؟، وتحرم على أبناء المدينة ترديد سواء أغاني عاطفية أم وطنية !؟، كيف يمكن لشخص أن يلغي أفراح الجماعة في مدينة تعشق الغناء والفرح والشعر والدارميات، وتؤدي جميع الأطوار على سلم العشق والغرام والفراق والأمل بلقاء الحبيب، والتغني باسم الوطن الذي ضيعته الأحزاب الدينية، في العراق الجديد المطموسة هويته الثقافية والوطنية!، وراحت تتصارع فيه هويات فرعية، فلارياضة ولافن ولاتقدم فكري وقحط ثقافي شامل، حتى استعيظ عن المسرح والغناء والرياضة بالتشابيه والمواكب واللطم في المناسبات الدينية!!؟

ألا تمارس الأحزاب الدينية جميع أنواع الموبقات وتتعاطى كافة المحرمات!؟، فهنالك فضائح جنسية متعوية، وصلت بعدد من أعضاء مجلس ذي قار مثلا إلى عشق بعضهم البعض، والانشغال بالغرام والهيام وترك مشاكل المواطنين بعد سرقتهم وسرقة حتى حصتهم من مقاعد الحج!!، وهنالك فساد وإفساد وسرقات مليارية وتصفية الخصوم بكواتم الصوت وغيرها كثير، لم تكلف النائبة نفسها بالعمل على مكافحتها، فذهبت إلى الناصرية لتنزل فنانا تغنى بحب الوطن من على خشبة المسرح، ولم يكن يغني أغنية عاطفية أو تخدش الحياء يامن ليس له حياء لا في الدين ولا في الحياة!!

لم تفهم النائبة أن "الهيولى في الصناعة الموسيقية كلها جواهر روحانية" برأي الأغريق، لأنه لاوجود للروحانيات في الأحزاب الرجعية ولاوجدانيات في الكتل الفاسدة!، لكنها فهمت من الغناء تحريمه على رأي بعض الفقهاء، وطبقت مايريده حزبها ومرجعها الروحي القابع في قم، الذي يستلم أوامره ونواهيه من الولي الفقيه، فنغصت عيش أهالي الناصرية الذين يمنون أنفسهم، بنسمة هواء منعشة، خلل دخان الاسلام السياسي الأسود، الذي غطى سماوات العراق العزيز!

كما لم تنطلق النائبة من رأي ابن سينا بضرورة السماع للموسيقى في كتابه الشفاء، الذي يؤكد على السماع كأحد شروط العرفان، قبل الوصول إلى مراتب المعنويات، ولم تفهم الموسيقى على رأي اخوان الصفا "فضيلة يتعذّر على المنطق اظهارها ولم يقدر على اخراج العبارة، فاخرجتها النفس لحنا موزونا"، لأن الأحزاب الدينية بلا فضيلة بما فيها حزب الفضيلة!!، ولا اتزان ولاأخلاقيات ولابرامج وطنية!، لكن النائبة انطلقت من أجندات حزبها الذي يحلل ويحرم كما يشاء، ولما انكشف لها ولحزبها الشعب العراقي، أخذوا ينتهكون حرماته ويحرمون متعه ويحصون عليه أنفاسه!، ويعتدون عليه حتى وصلوا إلى حد التهديد بربط شباب الناصرية، الذين يعلنون افطارهم في رمضان الماضي على اعمدة الكهرباء!

شهد العراق - وهو دولة علمانية في التأسيس - خلال السنوات الماضية العديد من حوادث نشر ثقافة القبح، بايقاف مطربين عن الغناء وإلغاء مهرجانات بينها مهرجان بابل السنة الماضية، ومنع حفلات تخرج جامعية وتحريم الغناء والموسيقى، والهجوم على محلات بيع المشروبات الروحية، لا لمنعها أو مصادرتها وهو ليس من حق الدولة التي كفلت الحقوق والحريات للجميع دستوريا، لكن للاستحواذ عليها وتعاطيها وبيعها للمسؤولين!، وغيرها من الانتهاكات الصارخة لحقوق المواطن العراقي!

مطلوب وقوف الشعب ونخبه السياسية والثقافية ومنظمات المجتمع المدني، ضد انتهاكات حقوق الشعب العراقي والمطالبة بمزيد من الحريات، مطلوب أن تقوم النائبة بزيارة النشاط المدرسي، وتقديم الاعتذار الرسمي للفرقة الموسيقية، ويعلن الاعتذار على الرأي العام العراقي في الميديا، وأن لاتسول لها نفسها مستقبلا - هي أو سواها من كوادر الأحزاب الايرانية - انتهاك الحريات المدنية في العراق، وفرض رأيها البائس على الناصرية مدينة الفن والفكر والشعر والغناء والموسيقى.
 


21/9/2011
 


 

free web counter