| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

طارق حربي

tarikharbi2@getmail.no
http://summereon.net/

http://summereon.net/tarikharbiweb.htm

 

 

 

الأحد 21/2/ 2010



كلمات -297-

ماذا وراء زيارة علاوي للرياض والقاهرة!؟

طارق حربي

باعلان "جبهة الحوار الوطني" بزعامة صالح المطلك انسحابها من تحالف العراقية، بسبب "عدم وجود ما يضمن نزاهتها".حسبما صرحت به ندى الجبوري النائبة عن الجبهة، واعلانها - الجبهة - مقاطعة الانتخابات البرلمانية في 7 آذار القادم، يكون تحالف العراقية خسر شريكا مهما له امتدادات طائفية مع الدول الاقليمية والعربية لاسيما المملكة العربية السعودية، اللاعب القوي في الساحة العراقية بماتقدمه من أنواع الدعم المالي والسياسي والاعلامي، ولم ينفع زعيم تحالف العراقية الدكتور إياد علاوي اتهام الولايات المتحدة، بأنها هي من جاءت بقانون "اجتثاث البعث" ، الذي تحول فيما بعد إلى هيئة المساءلة والعدالة، ولا اطلاقه التحذيرات من اندلاع حرب أهلية، في حال اصرار الهيئة على استبعاد الزعيمين السياسيين المطلك والعاني، الذي كان سببا مباشرا في تعليق "العراقية" حملتها الانتخابية في 13/2، وكانت سبقته تحذيرات مشابهة أطلقها نائب رئيس الجمهورية طارق الهاشمي خلال زيارته الاخيرة إلى واشنطن.
وفيما أعلن المتحدث باسم السفارة الأميركية في بغداد فيليب فرين، عن عدم تدخل السفارة بقرار الهيئة التمييزية السابق بتأجيل النظر في قضايا المستبعدين عن الانتخابات، وتأكيد السفارة "لا نريد أي بعثيين كمرشحين في الانتخابات"، وضع السفير الأمريكي هيل النقاط على الحروف ، في كلمة له امام المعهد الأمريكي للسلام في واشنطن يوم أمس الأول، حول ما يعتقده بعض العراقيين من " أن الامريكيين يؤيدون عودة البعث للعملية السياسية" ، فلقد "ضحينا بأكثر من 4 آلاف عسكريا من أبناء وبنات بلدنا في هذا الكفاح ضد البعثية. وواجهنا صدام وألحقنا الهزيمة به. وتخلصنا من البعثيين في جميع أنحاء البلاد، وببساطة قد يصعب على الأمريكيين أن يحاولوا أن يفهموا أن بعض العراقيين يعتقدون فعلاً أننا نؤيد البعثية بطريقة أو بأخرى"
ولاشك أن مثل هذا الخطاب الذي تمثله المصلحة العراقية الامريكية المشتركة، لايسعد الانظمة الاقليمية المناهضة للتجربة العراقية الوليدة، وفي مقدمتها السعودية وسوريا وإيران، ولن تقف مكتوفة الايدي بل ستسعى إلى تحريك أدواتها وربما - لاسمح الله- نشهد عودة العمليات الارهابية والاغتيالات، وإشاعة الخوف والذعر في صفوف المواطنين، بل وحتى تفجير عدد من المراكز الانتخابية كما حدث في المواسم السابقة.
على أبواب الانتخابات البرلمانية وخلفية هذا الحراك السياسي المحتدم، قام علاوي بزيارة مفاجئة اليوم إلى الرياض، أمضى فيها ساعات وصل بعدها بطائرة خاصة إلى القاهرة، وجاءت الزيارة بعد ساعات من اعلان " تحالف العراقية" ، استئناف حملتها الانتخابية بعد تعليقها لمدة اسبوع، اللافت أن خبر زيارة علاوي للسعودية ولقائه بعاهلها، حمل كذلك لقاءا بمسؤولي الاستخبارات ومستشاري الملك ونائب الحرس الوطني، ولايحتاج المراقب إلى تفكير معمق ليحلل ماهية الدعوة الموجهة إلى زعيم العراقية من السعودية وتوقيتها، واللقاء بمسؤولين فيها على أعلى المستويات (العائلة الحاكمة)، إنها إشارة صريحة إلى التدخل السافر لهذا النظام وإصراره على كسر الارادة العراقية، لتغيير مسار الانتخابات لصالح أدواتها المختفية تحت عناوين بينها : ضرورة أن يكون للعراق عمقه العروبي والاسلامي، وعودة العراق الى الحاضنة العربية، وغيرها من الشعارات التي شخصها الناخب العراقي، المتجه بعزم أكيد إلى صناديق الاقتراع للمرة الثالثة، ليوقع باصبعه المخضب بحناء البنفسج، في انتخابات مصيرية لرسم مستقبل العراق ومسار العملية الديمقراطية والدستورية.
في الواقع مايزال التدخل الاقليمي في الشأن العراقي قائما : فإيران أعلنت موقفها برفض عودة البعث "حصان طروادة الأمريكي" ضد طموحاتها وتوسعها ونفوذها في المنطقة، فقد أعلن الرئيس نجاد في كلمة له خلال الاحتفال بعيد الثورة الايرانية قبل أيام، تأييده لقرارات هيئة المساءلة والعدالة وشجبه لقرارات الهيئة التمييزية!، بل وصل تدخله السافر في الشأن العراقي الداخلي، إلى حد القسم أمام جماهيره بعدم السماح بعودة البعث، الأمر الذي تعمل السعودية نهارا جهارا بالضد منه منذ سنة 2003 حتى اليوم.
السجال السياسي في اطار الحملة الانتخابية وماشكله من انقسام الفرقاء وشرذمتهم، فتح الباب واسعا للتدخل الاقليمي عبر تقديم الدعم للطائفية السياسية بكلا الفريقين، ليس في هذا الموسم الانتخابي حسب بل في كل المواسم، وعلى الدوام هنالك دول اقليمية ساعدت وتساعد على تشكيل كيانات وائتلافات وشخصيات تنفذ لها أجنداتها وتحقق مصالحها، وعلى رأسها إيران التي تناولناها في مقالات سابقة، والسعودية الساعية إلى تكرار تجربتها في الانتخابات اللبنانية، واستقطاب أحزاب قومية أو قريبة من حزب البعث، لاعادة العملية السياسية إلى المربع الاول : إعادة موجة العنف التي شهدت تراجعا ملحوظا، ونسف مكاسب الحكومة في الملف الأمني، وإشاعة أجواء من عدم الثقة بين الفرقاء السياسيين، لابقاء الأوضاع غير مستقرة في العراق، وتحقيق مكاسب سياسية على حساب العراق أهمها التخفيف من الضغط، أو تصدير المشاكل الداخلية التي تعاني منها هذه الدول، والعالقة مع المجتمع الدولي : إيران/الملف النووي، سوريا ملف مفاوضاتها مع اسرائيل والجولان، والنووي الذي تدعي مثل حليفتها إيران أنه للأغراض السلمية، زائدا ايواءها لارهابيين تدربهم مخابراتها وترسلهم للقيام بالعمليات الارهابية في العراق.
ومهما قيل عن نهوض تيار علماني يتزعمه علاوي، باعتبار أن خطاب تحالفه يشكل نقيضا لخطاب الاسلام السياسي أو المد الطائفي وغير العربي في العراق، وتقديم وجها خالصا للعراق متعدد القوميات والاقليات والثقافات، فإن حظوظ العراقية لايبدو كبيرا في صورة الانتخابات القادمة، مع بقاء الاقطاع السياسي الشيعي/الكردي، إذ لا مؤشرات على الأرض تفيد بتراجع دور الاحزاب الدينية - وتأثيرها على إرادة الناخب العراقي - مقابل المشروع الوطني العراقي الذي لايمثله علاوي بالمطلق لمرجعيته البعثية المعروفة، على الرغم من اخفاقات الحكومة وأحزابها الممثلة في البرلمان لجهة النهوض بالواقع الاقتصادي والخدمات المتردية وتقديم رؤية سياسية وطنية مستقبلية، من هنا لاتخلو زيارة علاوي للسعودية من صبغة تآمرية، عبر تجييش الرأي العام العربي بدعم وإسناد من اجهزة مخابرات اقليمية، بهدف تأمين وضع الكيانات المعارضة، وهذا شيء غريب يحدث في الساحة السياسية إذ لم نسمع عن مرشح للانتخابات في إيران على سبيل المثال، يهرع إلى تركيا طلبا للمساعدة أو مرشحا أردنيا يزور سوريا او الخليج!
على من يسعى إلى الفوز في انتخابات ديمقراطية وشفافة، وقيادة عملية التغيير حسب الخطابات والبيانات المعلنة وخدمة شعبه ووطنه، أن لايطلب حلولا خارجية بحلحلة قرارات المساءلة والعدالة، أو تجييش الأنظمة المعادية ضد إرادة الشعب العراقي وغير ذلك، بل التعاطي مع رصيده في الداخل، وتقديم خطاب مقنع للناخب وبرنامج عمل يرسم فيه ملامح مرحلة مابعد الانتخابات، بعيدا عن تدخل القوى الاقليمية والعربية والدولية.
أصبحت الصورة واضحة : صراعَ محتدم بين القوى التي تعمل على توحيد الصف العراقي تجاه المؤامرات الخارجية، والقوى التي تسعى إلى تشتيت شمل الدولةِ العراقية والمسيرة الديمقراطية، وتأتي زيارة علاوي للسعودية ومصر في تقاطع الطرق، ولن تساعد على تعديل ِمساراتِ العملية ِالسياسية وإكمالِ عمليةِ المصالحة الوطنية، بقدر ماتزيد الشقة بين العراقية والناخب العراقي، وتبعد حظوظ تحالفها في الفوز، بعد صدود مؤكد من الناخب الذي أكسبته تجارب العرب المساندة لنظام صدام والعدائية معه، قوة وإصرارا على امتلاك إرادته الوطنية، في الطريق إلى صناديق الاقتراع لقول كلمته الفصل واختيار ممثليه الحقيقيين لقيادة المرحلة المقبلة.


21/2/2010
 

 

free web counter