| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

طارق حربي

tarikharbi2@getmail.no
http://summereon.net/

http://summereon.net/tarikharbiweb.htm

 

 

 

الأربعاء 20/5/ 2009



كلمات -256-

جلال الصغير يطلق حملة إيمانية!

طارق حربي

لعل جلال الصغير المتنطع بالدين (قيادي في المجلس الأعلى/نائب في البرلمان العراقي)، أراد من وراء اتهامه منظمات المجتمع المدني (في جلسة برلمانية تداولية) ، بتلقي أموالا من جهات دولية لفتح محال بيع الخمور، أراد أن يطلق حملة إيمانية جديدة، يحرم فيها حريات حللها الدستور، وأباحتها الدولة العراقية منذ تأسيسها سنة 1921.
حملة إيمانية ودعوة إلى محاربة المنظمات، التي لاتنهض الشعوب من كبواتها وكوارثها السياسية والاجتماعية، وإرجاع حقوق المواطنين المسلوبة فيها إلا من خلالها، المنظمات - رغم بعض تحفظ على فسادها أحيانا لكن ليس لجهة الترويج لبيع الخمور- أصبحت تؤرق إيران ولاية الفقيه، بعدما وجدت فيها تقاطعا مع أجنداتها في العراق، التي تمثلها أحزابها وميليشياتها وأذرعها الخفية العاملة فيه بعد التغيير.

لاشك أن نهوض الشعب العراقي وامتلاكه لإرادته الوطنية، لايصب في مصلحة إيران ومخططاتها الشريرة، وفي نفس السياق قد يكون الاتهام دعوة للتمهيد لبيع الكبسول والترياق والحشيشة والمخدرات الايرانية، وهي تجارة لاتحتاج إلا إلى عمامة وميكرفون، والصغير أصبح ملك الأضواء والفضائيات، ولا أسهل من شرعنة بيع المخدرات والترويج لها بآيات قرآنية، أو أحاديث نبوية وفقهية حسب الطلب، مثلما شرعنتها وماتزال حركت طالبان، واعتبرتها حربا ضد الغرب الكافر، وبما تدره تجارتها من أموال يشترى به سلاح لمقاتلة الغرب الكافر أيضا.

وكل شيء متاح للفقيه القادم من عصور الظلام والتخويف، وجائز في شرعته، لم يتحدث الصغير في جامع براثا باعتباره إمام جمعة، لكن في البرلمان العراقي ليسنّ تشريعات ضد الحريات الشخصية، لم يجرؤ أن يتحدث بمثلها عن مكاتب المتعة المنتشرة في النجف وكربلاء مثلا، ولا عن الفساد المالي والاداري برعاية الأحزاب الدينية فهذا خط أحمر لايتجاوزه لعلعة صوته في المكرفونات والفضائيات!

لنسمع هذر الصغير " تلك الجهات الدولية تدفع مبالغ تتراوح بين 20 ألف إلى 30 ألف دولار إلى منظمات المجتمع المدني لفتح هذه المحلات" و " هذه الجهات تمارس غزوا ثقافيا جديدا ضد العراق" ، وليتها تمارس هذا الغزو وتهب رياح التغيير وتطير عمائمكم ذات اليمين وذات الشمال، إي والله، ويتخلص العراقيون منكم ومن زمانكم وتنظيراتكم القروسطية، ليقف الغزو حائلا ضد نقل تقاليد الجمهورية الاسلامية، التي كفرت نفسها بثلاثة أرباعها، بعدما تحولت من الثورة إلى الدولة، لكن خلفت - من أجل مصالحها وأجنداتها - مرجعية سياسية لأحزابها، وأذرعها الميليشياوية العاملة في الساحة العراقية بعد التغيير، والصغير مثالها الصارخ الطائفي!
كلما أطلق فقيه تعاليم جديدة أدركت أن الشعب العراقي مايزال راضيا بقدره، منذ عهد المقبور لحد اليوم، ومايزال يتلقى التعليمات الطالبانية والأوامر والنواهي من العمائم، ولايرد ولايقوم بمظاهرات مطالبا بحقوقه المشروعة التي كفلها الدستور، حيث لم يرد فيه نص يحرم تناول المشروبات الروحية.

إن الفساد المنتشر في الوزارات والتلاعب بقوت الشعب العراقي، ناهيك بالبطالة المتفشية أكثر من تفشي ظاهرة شرب الخمور، أو فتح محالها التي يحرض عليها الصغير ومن والاه، الفقر والجريمة وهروب العراقيين المستمر إلى الخارج، انسداد ابواب الأمل بأحزاب الاسلام السياسي الظلامية، والكثير الكثير يحتاج إلى وقفة من الشعب العراقي ليرى إلى نفسه، ويتطلع إلى حياته ومستقبل أجياله، ولايسلم مصيره ليد الفقهاء وخطباء الجمعة، ويرفض رفضا قاطعا آليات الأحزاب الدينية، المحرضة على منع ممارسة الحريات الشخصية التي كفلها الدستور، والمتقاطعة مع الخطاب الديني لتغطي على دولة الفساد الشامل في العراق، والصغير أحد ابرز قيادييه !!

إن الذين يتعاطون الخمرة أشرف بكثير من بعض المتسترين بعباءة الدين، الفاسدين الكذابين بائغي حرمات العراق لإيران، مهدين ثرواته إليها دون وازع من ضمير، أما هذه الشريحة من العراقيين الذين يشربون الخمر، فهم الأكثر انفتاحا وحبا للعراق وأهله، يرفضون رفضا قاطعا كل أشكال التدخل الأجنبي في العراق الجديد، من أية جهة كانت، لذلك نرى الصغير يزايد عليهم ويريد أن يحرمهم من لذة التعاطي مع العراق الحر المستقل، الذي يجمع أبناءه ويحنو عليهم ويشعرهم بروح المواطنة، حيثما تتقاطع مع دين الصغير وطائفته.

وإذا كان الدين والشريعة بما يلقيان من تعاليم وتحريمات، على شعب مايزال يتنفس من خلال تلال النفايات، التي لم تحرك ضمير الصغير، لإزالة منظرها الكريه الضار بالبيئة وقبلها نفوس البشر، لكن تحرك ضميره بإزالة قبر العلامة الراحل علي الوردي قبل فترة، في هجمة ثأرية بربرية بالاستناد إلى ما أشاع الراحل في كتبه وموسوعاته، بضرورة محاربة الفكر الظلامي الذي ينتمي إليه الصغير نفسه، وإذا كان الصغير شهر سلاحه الطائفي بوجه العراقيين، متمسكا بطائفته لاوطنه وقياديا في هذا الزمان العراقي الأغبر، وهو مالايطلبه الشعب العراقي بتلويناته التي لايحيط بها الدين والطائفة لكن الهوية الوطنية، فإن على الصغير أن يرحل إلى إيران ويجد له مكانا مناسبا للوعظ الديني فيها، فلدينا الكثير من الملفات والقضايا العالقة التي تهم تحرر الشعب، من عقد الدين والآيديولوجيا والجنس وغيرها، ليترك العراق للعراقيين على مختلف قومياتهم وأديانهم وأمزجتهم وحريتهم الشخصية، ويوم الصغير وأمثاله والأحزاب الدينية وفسادها وأجنداتها وماعاثت به من فساد في أرض العراق وشعبه وثرواته، قريب مرتهن بالوعي الوطني المتنامي حاليا بين جماهير الشعب العراقي وقواه الوطنية والديمقراطية.
 


20/5/2009
 



 

free web counter