| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

طارق حربي

tarikharbi2@getmail.no
http://summereon.net/

http://summereon.net/tarikharbiweb.htm

 

 

 

الأثنين 19/1/ 2009



كلمات -235-

التطبير والتعشير والانتخابات!

طارق حربي

تتصاعد حدة التصريحات والمناوشات الاعلامية بين المجلس الأعلى وحزب الدعوة، بمناسبة موسم انتخابات مجالس المحافظات، لحيازة رأي الأغلبية الشيعية الحائرة بين الفريقين، إنتخابات كان فيها الصراع سنة 2005 شيعيا سنيا، وأصبح اليوم شيعيا شيعيا،.يحتدم الصراع بين الخصمين، آمل أن لايكون دمويا مع اقتراب يوم التصويت 31/1، ولايتخلله حرق مقرات أحزاب وعمليات خطف وقتل وغيرها، حتى لايفتح الباب على مصراعيه للمزيد من أعمال العنف، فتطيح بكل الإنجازات التي حققتها حكومة السيد المالكي.
معلوم أن الصراع الشرس بين الحزبين اللدودين، الذين لايستحقان - ومعهما الأحزاب الكردية الإنفصالية- حكم العراق، بل ولايستحقان مجتمعين حتى إدارة وزارة خدمية!، لم ينطلق هذا الصراع بعد تصريح مستشار رئيس الوزراء وأحد قياديي حزب الدعوة حسين الشامي، بان التطبير بمناسبة اليوم العاشر من محرم وضرب الأجساد "بدعة" إيرانية وتركية، تلك البدعة التي اختلفت عليها المرجعيات الدينية منذ عشرات السنين وظهرت فيها الفتاوى، ويرد عليه جلال الصغير بمنطق بعثي قمعي على طريقة (ليش تسب الريس!؟) بأن " وصف هذه الشعائر بالضلال والبدع، وهذه كلمة كبيرة ليس بعدها أي كلام، وتترتب عليها استحقاقات شرعية"، والاستحقاق الشرعي يتمحور على نظام العقوبة كما لدى الأخصائيين الدينيين (المطاوعة) في السعودية، حيث يجلد المواطن أو يعزر وغيرها من الأحكام الجائرة، وهكذا أصبح العراق الجديد على يد الصغير والكبير في المجلس الأعلى، مسرحا للصراع الطائفي والديني، لا بناء دولة المؤسسات والقانون!
ومن التطبير إلى النائب سامي العسكري (دعوتي)، حيث وجه اتهاما بوقوف عادل عبد المهدي نائب الرئيس (مجلسي) وراء الجهود الحثيثة، بل واعتبره عراب مؤتمر (دوكان) الذي ضمَّ الأحزاب الكردية، لإسقاط حكوة المالكي، فرد مكتب عبد المهدي بأن قوى دوكان هي التي دعمت حكومة المالكي!، وفي تفاصيل الصراع الشيعي الشيعي، يأتي استغراب محافظ ذي قار عزيز العكيلي (مجلسي) يوم أمس الأول، من عدم قيام القناة العراقية الفضائية، الموجهة من قبل رئيس الوزراء ومكتبه بواجبها، باعتبارها قناة حكومية وليس حزبية وتخدم العراقيين كافة، بتغطية خبر إحتفالية حضرها عبد المهدي لافتتاح مشروع جسر النبي إبراهيم في الناصرية يوم الجمعة 16/1/2009 !؟
صراع (مجلسي دعوتي) لايشبه صراع فريقي (الأهلي والزمالك) في حدود الرياضة كما في مصر، لينتهي بنهاية (الماتش) وانفضاض المتفرجين!، لكنه صراع طويل ومرير غذاه العهد الجديد بكل الامتيازات التي كان يحلم بها الفريقان في مخيمات سوريا وإيران وغيرها، ولن يتوقف عند آلية تشكيل مجالس الإسناد العشائرية من قبل حزب الدعوة بغطاء حكومي!؟، وإذا كان الاسناد أثار مخاوف الأكراد في الشمال، إلى حد (التخوين!) لمن يلتحق به على حد وصف الرئيس البارزاني، فإن لحزب الدعوة في الجنوب سياسة حزب إقطاعي، سعيا إلى كسب ولاء العشائر لترسيخ وجوده وتنفيذ أجنداته، سواء في مرحلة الانتخابات الحالية، أو في مواجهة تنامي نفوذ المجلس الأعلى في تلك المناطق!؟
لقد منحت العشائر صوتها للمجلس الأعلى في انتخابات 2005، وعجز قياديو المجلس الذين صاروا محافظين ومسؤولين رفيعي المستوى في الإدارات المحلية في المحافظات، عن توفير الخدمات الضرورية لهؤلاء العشائر، ناهيك ببقية شرائح المجتمع العراقي، وهاهو السيد نوري المالكي (لن يغفر له التأريخ) يسعى جاهدا إلى تعشير المجتمع العراقي، إلى حد المطالبة بتأسيس مجلس وطني عراقي للعشائر، بدلا من تنمية الروح الحية للشعب (الطفل والمرأة والمثقف وغير ذلك من الفعاليات)، ولن تهدأ ثائرة المجلس على حزب الدعوة لاستمالة العشائر، التي جربها العهد الملكي بالأمس، واحتمى بها صدام بعدما منحها صلاحيات كانت تحلم بها خلال سنوات ضعفه الأخيرة، لتكون له عونا فيضرب العراقيون بعضهم ببعض للمزيد من تمزق النسيج الوطني لصالح إدامة النظام الفاشي حينذاك.
وبين قوسي التطبير والتعشير في الحالة الطائفية السائدة بعد التغيير، غالبا مايصرح قياديو الحزبين بان لاخلاف بينهما فوق الطاولة، لكن العراقيين يدركون جيدا أن ماتحتها كان أعظم، والدليل أن كلا الفريقين لايستطيع إخفاء المشاعر المحتدمة في التنافس على السلطة والجاه والثروة، بعدما انفتحت شهيتهم خلال أربع سنوات على ثروات العراق وتقاسم النفوذ فيه، إنه صراع قديم نشا بالاستناد إلى إختلاف النمط الفكري والعقائدي، عدم اعتراف حزب الدعوة بعقيدة ولاية الفقيه، التي يتبناها المجلس الأعلى، كذلك بالاستناد إلى اختلاف المرجعيات العراقية والإيرانية في سلوك المعارضة للنظام البائد، ثم المرحلة الانتقالية لاستلام الحكم، وما تلا ذلك من دعوة المالكي إلى حكومة مركزية قوية، تواجهها مطالبة المجلس الأعلى بإعلان إقليم الجنوب، وكل ذلك انعكس على العهد الجديد سلبا، وأوجد نوعا من الانفصام في العملية السياسية، حيث بدا أن كل فريق يخطط للايقاع بالفريق الأخر، وبينهما الشعب العراقي الذي اصبح ضحية طائفية بعدما كان ضحية للاستبداد والدكتاتورية.
أتساءل مع انتوني كوردسمان من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية " التساؤل الهام هو الى اي مدى سيصبح هذا الصراع الشيعي على السلطة عنيفا، وإلى أي حد سينتهي الى عناصر يمكن ان تعمل معها الولايات المتحدة".
لاجواب شافيا ولن تأتي الانتخابات القادمة بالجديد، حيث ستلجا الأحزاب الخارجة من كتلة الإئتلاف بقوائم مستقلة إلى التزوير، كما فعلت في الانتخابات الماضية، لتبقى في مراكز السلطة، وربما سيطرأ بعض التحسن على أدائها، نتيجة الخبرة المتراكمة في إدارة البلاد، خلال السنوات الأربع الماضية، وسيبقى الحال كما هو عليه من صراع شرس بين حزب الدعوة والمجلس الأعلى، إلى أن يعي الشعب العراقي مايدور حوله من مؤامرات، فيمسك بزمام المبادرة ويقول كلمته الفصل في أحزاب الاسلام السياسي، وينتصر لحاضره وحياته ويمسك ثرواته بيده وينشد مستقبل أجياله.


18.1.2009
 









 

free web counter