| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

طارق حربي

Tarikharbi2@gmail.com
www.summereon.net

 

 

 

                                                                                  الثلاثاء 17/4/ 2012



كلمات -410-

مكرمة رئيس الوزراء لاهالي الناصرية والديوانية !

طارق حربي

لعل كلمة المكرمة هي الوجه الاكثر تهذيبا لكلمة الصدقة، فقد ابتدعها اعلام صدام المقبور، وروج لصيغتها الاستعمالية ففضحت الطاعم الكاسي، الذي لاينفق من ماله الخاص بل من ثروات الشعب الذي جرحت مشاعره بالمكرمات!، ولطالما سمعنا مكرمات لصدام بزيادة رواتب الموظفين والعسكريين وتوزيع الاراضي على المحتاجين أو توزيع كسوة العيد على المعدمين وغيرها كثير.. وأعيد استعمال كلمة المكرمة في العهد الجديد بدون فحصها ونفي دلالاتها عن ذائقة الشعب العراقي ومشاعره الانسانية َ!

صدمت قبل قليل بمشاهدة صورة سيارة رفع النفايات منشورة في موقع التواصل الاجتماعي (فيس بوك) ، كتب عليها : (هدية دولة رئيس الوزراء / لجنة اعمار محافظتي القادسية والناصرية/ إلى أهالي محافظتي القادسية والناصرية الكرام)!!، وحسبت أول الامر أن الصورة مفبركة للنيل من رئيس الوزراء نوري المالكي وحزبه الظلامي الحاكم وسياسته!، وقد اشتغلها أحد العراقيين - الصورة- على برنامج الكتروني شهير اسمه (فوتوشوب)، لكن احد المعلقين انقذ الموقف من الناصرية وكتب ساخرا (هذه - يقصد الآليات - موجودة في الناصرية ايضا، حيث ان الكثير من آليات البلدية والماء مكتوب عليها هدية السيد الرئيس القائد أقصد السيد رئيس الوزراء !!)، وعدت بذاكرتي إلى أول تلفزيون ملون أشاهده في السبعينيات من القرن الماضي في أحد المقاهي بالناصرية، وقد كتبت تحته لافتة بالخط الاحمر (هدية السيد الرئيس القائد صدام حسين حفظه الله لاهالي الناصرية الكرام!)، وقلت في نفسي ماالذي تغير منذ أربعين عاما في العراق ومنذ تسعة أعوام على سقوط صدام حسين ونظامه الفاشي!؟، فالعراقي الذي تنهب ثرواته أطراف في الحكومة والاحزاب، يرمى له بالفتات على شكل مكرمات وبكل صلف ووقاحة، مايعني أن الشعب العراقي لايحكم نفسه بنفسه ولاتوجد إرادة سياسية منذ أكثر من تسع سنوات على التغيير، ناهيك بانعدام أي سياسة اقتصادية أو تشغيلية أو بتنظيم انفاق الثروات، فقد كانت ثروة النفط زمن صدام تسرق في وضح النهار، ولم تنل الناصرية على سبيل المثال لاالحصر نصيبها منها، ففيما لم تحدث البنية التحتية منذ الستينيات في المدينة البائسة أهمل المواطنون في أوطأ درجات الفقر والفاقة، ليمن عليهم المقبور في نهاية المطاف بتلفزيون ملون 24 بوصة!، وكانت الحكومة حينذاك قادرة على وضع تلفزيون في كل بيت ومدرسة ومقهى من ثروات الشعب لاالمسؤول!، ثروات لم تشملها عدالة التوزيع لمنع المكرمات وتعويد الشعب العراقي على الاستجداء من أولياء نعمته السياسيين، ولما دخل العراق في عهد حزب الدعوة الظلامي وقائده الهمام أعيدت نفس القوانة من جديد، فلا الثروات وزعت بالتساوي على الشعب لكي لاينتظر العراقي منة مسؤول جديد، ولا عبارات المكرمات الرنانة التي ابتدعها نظام صدام واعاد انتاجها اعلام حزب الدعوة، أزيلت من أذهان الساسة الجدد، إنها عبارات مؤذية لاتدلل إلا على أن الشعب العراقي لن ينال من ثرواته الوطنية إلا بالقطارة والمكرمات، حتى وإن ذكرت مفصليا في دستور العراق بان النفط ملك للشعب!.

أوجه السؤال إلى رئيس الوزراء كيف تسمح لنفسك أن تهين أهالي الناصرية والديوانية بكتابة مكرمة رئيس الوزراء على آليات رفع النفايات!؟، أليس هذا من صميم عمل البلديات التي ترصد لها الحكومة أموالا لتنفيذ اعمالها الموكلة إليها، بدون لغة المكرمات والمنة على العراقيين!؟
وإذا كنت تعتبر ذلك مكرمة من جنابك، فمن أين لك هذه الاموال التي اشتريت بها الآليات والسيارات الموزعة بعبارات المكرمات إلى أهالي المحافظتين المذكورتين ولاأستبعد بقية محافظات العراق!؟.

باختصار ..
إن على المواطن العراقي أن ينتزع حقوقه من يد الحكومة انتزاعا، وأن لايقبل بأقل من رفع العبارات المهينة لكرامته والمؤذية لإنسانيته، وكأن لاترفع الاوساخ ولايتم التنظيف في العراق إلأ بمكرمة من رئيس الوزراء نفسه!، إن شوارع العراق تشكو من ثقل الاوحال والنفايات لاسيما في مواسم الامطار، وعلى الوزارات الخدمية القيام بواجبها بدون مكرمة من مسؤول أو منة على المواطنين!

 


17/4/2012
 

 

free web counter