| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

طارق حربي

TARIKHARBI@GMAIL.COM
WWW.SUMMEREON.NET

 

 

 

                                                                                  الأربعاء 17/8/ 2011



كلمات -388-

من أقوال وزير الدفاع وكالة !

طارق حربي

"عندما تسلمت مهام وزارة الثقافة قلت إني سأقود وزارة الثقافة بإرادة وزارة الدفاع، واليوم سأقود وزارة الدفاع بعقلية ومرونة وزارة الثقافة"، هذا ما صرح به وزير الدفاع وكالة الدكتور سعدون الدليمي، خلال تسنمه مهام عمله اليوم، بعد تكليفه من قبل رئيس الوزراء نوري المالكي يوم 16 من الشهر الجاري، وذلك بعد اتفاق قادة الكتل في منزل الرئيس جلال الطالباني يوم 2 آب، ضمن ما اصطلح عليه بالتوافقات السياسية، على أن تقدم كل من العراقية والتحالف الوطني مرشحيها للدفاع والداخلية خلال أسبوعين، ويتم التوزير بتوافق الكتلتين المذكورتين إضافة إلى التحالف الكردستاني!

تضاربت الأنباء : فالعراقية تقول إنها قدمت تسعة مرشحين للدفاع بينهم وزير الداخلية السابق جواد البولاني، لكن مصدرا في مجلس الوزراء كشف أول أمس الثلاثاء (16 آب 2011)، أن "رئيس الحكومة نوري المالكي كلف وزير الثقافة الحالي سعدون الدليمي بتولي وزارة الدفاع وكالة بسبب تأخر العراقية بتقديم مرشحيها!!"،
وبين حانه ومانه ضاعت لحانه!!

إنه توزير طال انتظاره في لجة الصراع بين أقوى قائمتين تتقاسمان حكم العراق في ما يسمى بحكومة الشراكة الوطنية، وهما العراقية والتحالف الوطني، بل إن أمر العراق يبدو أكثر عجائبية وكأن الكتل السياسية لا يهمها أمر الشعب لا من قريب ولا من بعيد!، فالعراق أصبح (بعضي يمزق بعضي) والدماء أنهارا تجري!، أما السياسيون فمنشغلون بالصراع فيما بينهم على المال والسلطة والنفوذ، تاركين للعدو الشرس (القاعدة والبعثيون وأطراف في العملية السياسية والمحتل الأمريكي وبعض الدول الإقليمية)، هامشا واسعا للقيام بالعمليات الإرهابية متى ما يشاؤون، العدو يملك عنصر المبادأة وأستطاع نظرا لعدم اتفاق السياسيين وتشرذمهم، على توسيع استراتيجيات عمله ومساحات إجرامه، بحيث أنه صار لا يكتفي بقتل عدد قليل من المواطنين في شارع أو مسجد أو الاغتيال بكاتم الصوت، بل يضرب عشر مدن في يوم واحد وتوقيت واحد، ويسقط نحو 307 من الأبرياء بين قتيل وجريح، كما وقع يوم الاثنين الماضي في بغداد ونينوى وكربلاء والنجف وديالى وصلاح الدين وبابل وواسط وكركوك، ويضرب المدنيين والقوى الأمنية، ليأتي إلينا الدليمي من وزارة الثقافة الفاشلة في العراق، و (يبشرنا) بأنه سيقود الدفاع بعقلية ومرونة وزارة الثقافة!! "المرونة التي قصدها ليست بمعنى التهاون مع القتلة والإرهابيين والعابثين بأمن البلد"، وأنه "سيكون أكثر حدة من السيف على الارهابيين" لغو ملأ أسماعنا منذ التغيير حتى اليوم بدون فائدة ترتجى للعراق وأهله، متناسيا الدليمي نفسه أن واحدة من أكبر مآسي العراقيين بعد التغيير، وقعت خلال فترة تسلمه مهام وزارة الدفاع سنة 2005 وكان صولاغ وزيرا للداخلية!، وهي فاجعة جسر الأئمة التي راح ضحيتها أكثر من 1000 عراقية وعراقي برئ، وآمل أن لا يسقط أضعاف هذا العدد من أبناء هذا الشعب المبتلي بحكامه الفاسدين، في فترة استلام الدليمي لمهام عمله الجديد!

كأن العراق خلا من الساسة والتكنوقراط والعسكر وهو الخارج من رحم الحروب والحصار والويلات والمآسي، حيث ما يزال السخام يتطاير في سموات العراق زادته أحزاب الإسلام السياسي قتامة وسموما، ليفاجئنا المالكي بعد 9 أشهر من الحمل الكاذب، وتلد العملية السياسية من رحم ومنطلق (كسر العظم!) مع العراقية، بوزير ثقافة فاشل لم يتقدم بالثقافة العراقية خطوة واحدة إلى الأمام، يأتي في ذروة الضربات الإرهابية بعد الأشهر الطويلة القاسية من تشكيل الحكومة بدون الوزراء الأمنيين !

لقد ظل العراقيون ينتظرون طوال الفترة الماضية وهم في لجة الصراع بين التحالف الوطني والعراقية، في اللقاءات والحوارات والتجاذبات والفضائيات، وبين أن يقوم المالكي بإرسال أسماء المرشحين إلى البرلمان، وتضارب الأنباء حول توزير البولاني، وكانت النتيجة هي الإتيان بوزير الثقافة ليشغل بالوكالة، وزارة سيادية تتوقف عليها حياة العراقيين وأمنهم ومصيرهم!

بين أن تكون الديمقراطية في العراق الجديد أكبر خدعة في العصر الحديث، وتشهد البلاد تراجعا مخيفا في الملفات الأمنية والسياسية والاقليمية والاقتصادية، ليس أمام العراقيين المحرومين والجياع والمقتولين يوميا في المدن والشوارع وغيرها، إلا الوقوف في ساحات التحرير والمطالبة لا برحيل الحكومة الفاشلة والفاسدة، بل ومحاكمتها على إهمالها لمن قدم التضحيات وانتخبها، لتتركه نهبا للعمليات الإرهابية الجبانة والجوع والضياع وتدهور الخدمات والتردي المريع في كل مجالات الحياة.
 


17/8/2011


 

free web counter