| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

طارق حربي

tarikharbi2@getmail.no
http://summereon.net/

http://summereon.net/tarikharbiweb.htm

 

 

 

الثلاثاء 17/2/ 2009



كلمات -241-

تصدير أزمة الأحزاب الكردية إلى بغداد!

طارق حربي

أثار تصريح رئيس وزراء حكومة كردستان نجيرفان بارزاني مؤخرا، لوكالة اسوشيتد برس : الحرب بين الاكراد والعرب قد تندلع اذا غادرت امريكا العراق!، جملة من التساؤلات، حول احتمال انسحاب القوات الأمريكية قبل سنة 2011، واستعداد الأجهزة الأمنية لاستلام الملف الأمني، وطبيعة الشراكة بين الفرقاء السياسيين أنفسهم، لإدارة شؤون البلد، بدلا من استمرار التجاذبات وإطلاق التصريحات، بين الحكومة الاتحادية وحكومة كردستان، على خلفية قضية كركوك والصراع الإثني فيها، ومطالبة الأحزاب بضم المدينة الغنية بالنفط (13% من احتياطي النفط العراقي).

لكن الذي زاد الطين بلة، هو إعلان النتائج الأولية لانتخابات مجالس المحافظات، بفوز ساحق لقائمة (إئتلاف دولة القانون)، بزعامة دولة رئيس الوزراء، ليفجر بوادر أزمة، لأن الفوز - حسبما تدعيه الأحزاب الكردية - سيضع المزيد من الأوراق الضاغطة بيد المالكي، لجهة التعاطي مع قضية كركوك، التي يرى المراقبون وجوب معالجتها دستوريا وقانونيا، لاسيما بعد تعديل المادة 24 من قانون انتخابات مجالس المحافظات، وثمة لجنة مشكلة تقوم بتطبيع الأوضاع في المدينة، برعاية ممثل الأمم المتحدة، على حكومة كردستان انتظار نتائجها، قبل الحديث عن حرب يدق طبولها نجيرفان، بين العرب والأكراد، فال الله ولا فالك!، والتبشير باقتتال أبناء الوطن الواحد، معيدا إلى الأذهان الماضي الدموي والخراب، الذي حل بالشعبين خلال العشرات من السنين!

لا أحد يستطيع إعادة الماضي لانجيرفان ولاغيره، بعدما وقع الشعب العراقي بإصبعه المخضب بالحناء البنفسجية، على مصالحه ومستقبل أجياله، في ظلال التنعم بالديمقراطية الوليدة، لكن على الطبقة السياسية العراقية في الوقت نفسه، أن لاتعطي الأذن الطرشاء وكأن الأمر لايعنيها، بل أن ترد بقوة على مثل هذه التصريحات المغرضة، حتى لاتبين هشاشة العملية السياسية في العراق، بعدما اكسبتها الانتخابات الأخيرة، قوة ورصيدا، وضعت الأسس الصحيحة لبيئة عراقية جديدة وتقليد، يحصنان العراق من أطماع كردية وإقليمية وغيرها.

أيضا حتى لا يطمع بعض الزعماء الأكراد بهذه الهشاشة، بمنحهم فرصة لعكس صراعات الحزبين الرئيسيين، أو الأزمة الحزبية الداخلية على الحكومة الاتحادية، يعلم الجميع أن الاتحاد الوطني الكردستاني يعيش أزمة، بعد استقالة عدد من أعضائه، على خلفية قضية كركوك أيضا، ويأتي تصريح بارزاني في ذروة الصراع الدائر في الشمال، لتصدير الأزمة إلى بغداد، وتحقيق مكاسب سريعة على حساب الشعبين العربي والكردي، زوبعة إعلامية لإرباك الحكومة، المنهمكة بترتيب البيت العراقي بعد الانتخابات، وحلول السنة الجديدة ومستحقاتها.

في تصريح بارزاني (“نحن نحب الولايات المتحدة، وهم لا يهتمون لامرنا”، متابعاً “عندما نقول شيئا ما عن حماية حقوق شعبنا، يرون ذلك مشكلة، واقلاق لسياستهم في العراق”.)، الكثير من المغالطات، ناهيك بقلة الحنكة السياسية، ففي السياسة الدولية لايوجد حب أوعشق أوسهر ليالي بين الأنظمة، لكن توجد صداقات تفرضها مصالح الشعوب، ومصلحة كردستان الاستراتيجية رسمت ضمن مصلحة العراق بعد التغيير، وكان سلم العقلاء من الأكراد أنفسهم بذلك، بعدما تأكد لهم صعوبة تحقيق دولة كردية، بالاستناد إلى الظروف الدولية الراهنة.

إن نسبة الـ 17% المقطوعة من ميزانية العراق السنوية لصالح كردستان، وهي من نفط البصرة وليس كركوك، يجب أن تعزز روح الاخوة والروابط المصيرية، بين الشعبين العربي والكردي، لاأن تعكرها بتصريحات غير مسؤولة، تصفي أجواءها مما علق به جراء سياسات العهد البائد وقبله، لاتشنجها بما يريد نجيرفان أن يعيده علينا بطبعة جديدة، نسبة الميزانية يجب أن تمتن العلاقة والمصلحة المشتركة بين العرب والأكراد، ليس لجهة التوزيع العادل للثروات حسب، لكنها ترسل رسائل مصالحة وعمق روابط أخوية بين الشعبين ومصيرهما المشترك، وبالتالي لاتثير الكثير من المزعجات لسياسة الشراكة مع الولايات المتحدة، التي اختطتها الحكومة العراقية، ووافق عليها الشركاء الأكراد في الحكومة.

إن على الحلفاء حل مجمل قضاياهم العالقة بهدي من الدستور والأجواء الديمقراطية والحوار، قبل أن يأتيهم التصريح من مقداد جبريل، المتحدث باسم الجيش الاميركي في العراق على سبيل المثال، من (أن إمكانية حدوث نزاع بعد انسحاب القوات الأميركية بين بغداد وأربيل تعد مسألة عراقية وطنية!)، أو من روبرت وود المتحدث باسم الخارجية الامريكية ( ان على المواطنين العراقيين ان يعتمدوا على نظام بلدهم الديمقراطي بالعمل على حل خلافاتهم، وليس على الولايات المتحدة).

أوجه الكلام إلى العقلاء والحكماء في السياسة الكردية، بضرورة الجلوس إلى طاولة المفاوضات مع الحكومة، لحل المشكلات العالقة، والابتعاد عن اطلاق التصريحات النارية المبشرة بالحروب لاسمح الله، ما يجعل الأجواء تتشنج على خلفية أزمة حزبية ضيقة، أرى أن المصلحة بين الشعبين العربي والكردي أوسع واكبر، في أفق الشراكة والمصير الواحد، الحكام زائلون لكن شعوبنا هي الباقية.
 


17.2.2009
 



 

free web counter