| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

طارق حربي

tarikharbi2@getmail.no
http://summereon.net/

http://summereon.net/tarikharbiweb.htm

 

 

 

                                                                                    الأربعاء 16/2/ 2011



كلمات -356-

اجراءات ترقيعية للحكومة المالكية!

طارق حربي

تحاول حكومة نوري المالكي منذ فترة، تهدئة الشارع العراقي بحزمة قرارات، بدأت باعلان رئيس الوزراء تخفيض راتبه إلى النصف!، ولاأفهم كيف يريد المالكي ايهامنا بمكافحة الفساد المالي والإداري المستشري في مفاصل الدولة العراقية بنصف راتب لاغير!!؟، ودغدغ قبل أيام مشاعر فقراء العراق ومعوزيه باطلاق مشروع تخفيض رواتب الرئاسات، الأمر الذي طرحته بعض الكتل من قبل على مجلس الوزراء ولم يجد أذنا صاغية، وبالمناسبة : هذه أعجب سرقة شرعنتها الرئاسات في تأريخ العراق!، وإذا كان كل شخص في الرئاسات يتقاضى ملايين الدولارات سنويا، بين رواتب وامتيازات ومنافع اجتماعية، فقد قررت الحكومة (عينك عينك!) رمي الفتات لمواطنيها، فمنحت 15 الف دينارا لكل مواطن، بدلا عن نقص مفردات البطاقة التموينية (بدل ضايع!)، وترقيع آخر : أعفي نحو مليون مواطن عن دفع فاتورة الكهرباء بأثر رجعي، وأعلن وزير الكهرباء وكالة حسين الشهرستاني عن امكانية تحسن الكهرباء في الصيف القادم، فيما أعلن القضاء العراقي المسيس أن "من حق اعضاء مجلس النواب العراقي ان يطالبوا بمحاسبة وزير التجارة السابق عبد الفلاح السوداني باي قضية كانت ان توفرت الادلة الكافية لتقديمها الى المحكمة الخاصة المعنية بالامر". ليجعلوا من الوزير المتهم بقضايا فساد كبش فداء للحكومة الفاسدة أصلا، كما أوعز المالكي يوم أمس الأول إلى وزرائه، استقبال التظاهرات والاستماع إلى مطاليب المتظاهرين وتنفيذها، التظاهرات التي اتفق على اطلاقها يوم 25 من الشهر الجاري، مجاميع الشباب العراقي المقهور، اكثر المحذوفين من صورة العراق الجديد هم والمرأة والطفل والمثقف والثقافة.

قلق حكومي مما يجري على ايقاع قوة الشارع العربي وتسارع سقوط الأنظمة العربية، ففي زمن قياسي أسقطت ثورتان في تونس ومصر، النظامين السياسيين فيهما، وكانت الغلبة للشارع في البلدين الذين قاد التغيير فيهما الشباب، طليعة أي حركة تحررية جماهيرية، الأمر الذي جعل الأنظمة العربية تعد أيامها الأخيرة وتقدم لشعوبها المغريات، من تقديم مؤن ومعونات عاجلة كما في سوريا واليمن والبحرين والكويت وليبيا، وكان نظام مبارك قدم في أواخر أيامه مثل تلك المغريات، التي تريد أن تلهي بمثلها حكومة المالكي شعب العراق، لكي تستمر في فسادها وسرقاتها!

لقد غيب وعي الشباب العراقي وزيف خلال الحقبة البعثية وعزل عما يجري في العالم، وأقصي عن معرفة العلوم والابتكارات والتعرف إلى مجمل التطورات، ومن أهمها استخدام وسائل الاتصال الانترنت والفيس بوك وتويتر والياهو وغيرها، ولما حدث التغيير بعد 2003 نشرت الأحزاب الدينية ونظام الحكم في العراق ثقافة الموت، زادها التدخل الاقليمي والانفلات الأمني تعقيدات كبيرة، فيما انهمك الشباب المستقل البعيد عن الأحزاب الدينية وتنظيماتها، بتدبير لقمة العيش مع تصاعد معدلات البطالة وازدياد حالات الفقر والجوع، ونتيجة للأوضاع المزرية التي يعانيها الشعب وشبابه، أخذت تطوف شوارع المدن العراقية منذ فترة تظاهرات مطلبية، تلقت الشرطة بعضا منها ووجهت بنادقها إلى صدور المتظاهرين، وسقط عدد منهم بين شهيد وجريج!

إن هذا وغيره جعل أجراس الخطر تدق لتأتي الاجراءات الترقيعية للحكومة المالكية متأخرة، لشعب طالما نادى بحقوقه المشروعة فأذلته الحكومة لابعدم اهتمامها بالكهرباء وغيرها من الخدمات الضروررية، بعد (8) سنوات من الاطاحة بنظام صدام، بل امتدت يدها إلى قوته اليومي عبر تقليص مفردات البطاقة التموينية، في حين قضى السياسيون والمسؤولون سنوات طويلة يناقشون رواتبهم وامتيازانهم ومواسم حجهم واستيلائهم على قطع أراضي في مناطق منتخبة في محافظاتهم!

لوحظ أن الاجراءات الترقيعية جاءت متسرعة وارتجالية للوقوف بوجه التظاهرات المطلبية، قرارات كان يمكن لحكومة فاشلة وناقصة بعدد من الوزراء أن تتخذها وغيرها منذ زمن بعيد، وقبل ذلك كان حريا بالحكومات الثلاث السابقة لو لم تكن طائفية وفاسدة، أن تمهد لها بقرارات تنظر بعين المسؤولية للمطاليب العادلة، إنها قرارات أزمة بحاجة إلى تشريعات قانونية يوافق عليها البرلمان العراقي.

لقد عملت الأحزاب الدينية الممثلة في الحكومات العراقية المتعاقبة، على تسيير تظاهرات يقودها العشائر والعجائز في المناسبات الدينية والزحف المليوني نحو الأضرحة المقدسة، وهذه التظاهرات والمسيرات تؤدي شعيرة دينية لامطلبية، وبالتالي لاتؤثر على الحكومة وقراراتها ولاتقضي على فسادها، فيما غاب الشباب والنساء والمثقفون عن تظاهرات تمثل قوة الشارع العراقي المقموع ومطاليبه العادلة في الحياة الكريمة.

إن رئيس الوزراء حين يبدي عدم خشيته على النظام السياسي في البلاد، لأنه (ديمقراطي تعددي انتخابي) ، كلام حق يراد به باطل وفيه الكثير من خلط الأوراق، فالعراقيون لم يعودوا يصبرون على حكومة ناقصة بلا وزراء أمنيين، ومايزال الارهابيون يشبعون العراقيين قتلا ذريعا، في الوقت الذي انشغلت فيه الحكومة بامتيازاتها وصفحت عن سماع شكاوى المواطنين ومطاليبهم، فيما أصبح رئيس الوزراء نفسه خيمة للفاسدين، وتداخل الدين والطائفية مع مفاصل الدولة، وتعددت مصادر القرار وشلت المحاصصة الطائفية والقومية كيان الدولة العراقية، فقصرت الحكومة عن أداء دورها الذي إئتمنها الشعب وخضب أصابعه بلون البنفسج وانتخبها لكن تنكرت لناخبيها، إن الظروف مواتية اليوم لأن تقوم ثورة بنفسجية مثل ثورة اللوتس المصرية والياسمين التونسية وتطيح بالحكومة الناقصة الفاسدة حتى لو جاءت من خلال صندوق الاقتراع وآلية الانتخابات، وأن يتم حل البرلمان وإقالة الحكومة والمرور بفترة انتفالية يتم فيها تعديل الدستور وتجري في ضوئه اصلاحات سياسية واقتصادية تخرج العراق من مآسيه ونفقه المظلم الطويل.

 

16/2/2011
 

 

free web counter