| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

طارق حربي

tarikharbi2@getmail.no
http://summereon.net/

http://summereon.net/tarikharbiweb.htm

 

 

 

الأربعاء 14/1/ 2009



كلمات -233-

حتى يعلو الدخان الأبيض من قبة البرلمان العراقي!؟

طارق حربي

ثمانية مرشحين (ربما أكثر!!) لحد الآن لخلافة رئيس البرلمان العراقي السابق، الدكتور محمود المشهداني، ألمجبر على الاستقالة في 22 ديسمبر الماضي : ميسون الدملوجي إياد السامرائي محمد تميم خلف العليان صالح المطلك طه اللهيبي عبد مطلك الجبوري أسامة النجيفي، ومايزال الجدل مستمرا بين الكتل النيابية الممثلة للعرب السنة في البرلمان، لتسمية الرئيس الجديد، فيما عقد التنسيقي اجتماعا - حسب مطلك الجبوري عن الكتلة العربية المستقلة- لاختيار اثنين من الخمسة الأخيرين، يتبوأ أحدهم المنصب في حال الخلاف على الثاني، وتبين أن كل كتل جبهة التوافق التي شهدت تفككا بعد استقالة المشهداني، مازالت متمسكة بمرشحها!
وفيما بدا أن الإئتلاف يريد حسم قضية الرئاسة بسرعة، على أن يكون لشخصية سنية من خارج الحزب الاسلامي، الذي لايجب أن يستحوذ على المناصب السيادية حسب عضو الإئتلاف علي الأديب، يلفت - كمال الساعدي- إلى أن كتلته (الإئتلاف أيضا) لن تخوض في أسماء المرشحين، وستلجأ إلى آلية التصويت في حال تقديم أكثر من مرشح، من جانبها رفضت القائمة الكردستانية مرشح القائمة العراقية أسامة النجيفي، بدعوى مخالفته للتوازنات السياسية بالاستناد إلى المادة 12 من النظام الداخلي، وصحته دستوريا، وفي المخاض رفض ترشيح الدكتور مهدي الحافظ عن العراقية،الذي انتقد بدوره أن يكون الرئيس الجديد من المكون السني حصرا، ولم يتم الاتفاق على القيادي في الحزب الاسلامي إياد السامرائي، بدعوى ازدواج الجنسية، كما لم يتوصل التجمع التنسيقي إلى اتفاق حول ترشيح أحد نواب المشهداني، ليتولى رئاسة البرلمان، والتنسيقي هي القوى التي صوتت على إقرار قانون الانتخابات في 22 تموز الماضي : التيار الصدري حزب الفضيلة القائمة العراقية التيار الإصلاحي الوطني الكتلة العربية المستقلة وبعض النواب المستقلين، وتنص الفقرة الثالثة من المادة 12 من النظام الداخلي للبرلمان، أنه إذا خلا منصب رئيس المجلس أو أي من نائبيه لأي سبب كان، ينتخب المجلس بالأغلبية المطلقة خلفاً له في أول جلسة يعقدها لسد الشاغر، وفقاً لضوابط التوازنات السياسية بين الكتل، وها هي الأيام تمر والبرلمان أخفق في اجتماعين عن حل أزمة انتخاب الرئيس الجديد!
صراع مرير على منصب له سوابق خطيرة في تشكيل الحكومات العراقية بعد التغيير، دونه مصالح الشعب العراقي وتطلعاته، ففيما ترى جبهة التوافق العراقية أن المنصب من حصتها حصرا، بالاستناد إلى الاستحقاقات الانتخابية والتوافقات التي تقوم عليها العملية السياسية الحالية، مايزال العراقيون يتذكرون تصريح طارق الهاشمي مؤخرا، بضرورة التخلص من المحاصصة الطائفية، وإعادة كتابة الدستور على أسس المواطنة لاالمحاصصة، التي أوصلت العملية السياسية إلى الكوارث، لكن كلام السياسيين لايوجد له دائما تطبيقات على أرض الواقع السياسي، فنرى حزبه (الحزب الاسلامي) متمسكا بمنصب رئاسة البرلمان، مايلقي مزيدا من الشكوك ليس حول مصداقية الأجندات السياسية للأحزاب، سواء كانت في داخل السلطة أو خارجها، وهي تناولت كعكة العراق والتهتها التهاما، لكن لأن سياقات المحاصصة ماتزال سارية في جسد العملية السياسية، لاسقف زمنيا محددا لنهايتها ولاأمل للشفاء منها، بعدما رحّلت الأحزاب والتيارات معها إلى العهد الجديد كل أمراضها التي أنهكت بنيتها حينما كانت معارضة للنظام البائد.
هذه هي خلفية المشهد السياسي بعد استقالة المشهداني، جلية وواضحة تنقلها وسائل الاعلام بشفافية، في حراك السياسة العراقية بعد التغيير، فالجميع يرفض مبدأ المحاصصة ويلعنها، لكن في نفس الوقت الجميع يطلبها للدفاع عن مصالحهم ضد خصومهم، ذروة المحاصصة الطائفية والقومية وصراع بين الكتل، تصريحات نارية للاستئثار بالمنصب ووراثته، مشاكل الإرث الذي يصل إلى سابع جد وتجيش من أجله كل الامكانات، انتقل من النسق القبلي إلى النسق السياسي، وهي نفس الذروة التي رفعت المشهداني إلى رئاسة البرلمان وأجبرته فيما بعد على الاستقالة، لكن الجديد هذه المرة هو تفكك جبهة التوافق بعدما كتب لها خلف العليان شهادة وفاة بقوله إنها أصبحت (منحلة)، جاء ذلك في أعقاب التصريحات النارية التي اتهم فيها حلفاءه السنة بالتحالف مع غرمائه في الكتل الأخرى للاطاحة بالمشهداني الذي ينتمي إلى كتلته!، وبدأ التفكك حينما انسحبت كتلة مجلس الحوار الوطني في اليوم الثاني على استقالة رئيس البرلمان، تبعها الحزب الاسلامي ومؤتمر أهل العراق، وبهذا انخفض مقاعد التوافق في البرلمان من 38 إلى 29 من أصل 275 مقعدا.
وبعد ذلك لا أحد يعتب على أحد في لجة الفوضى : ففي منظور البناء السياسي المشوه للتوافقات التي قامت عليها فلسفة الحكم في العراق، بدا أن المشكلة الأكبر تنحصر في أن لاأحد يعرف لحد الآن، عائدية منصب رئيس البرلمان : هل هي من حصة التوافق أم المكون السني!؟
وحتى يعلو الدخان الأبيض من قبة البرلمان العراقي، على طريقة التوافق على تنصيب بابا الفاتيكان، نقول كان المشهداني مشكلة للعديد من الكتل والتيارات السياسية، حينما كان يوزع شتائمه ويطلق عبارات مهينة ضد النواب ولم يوفر أحدا، وها هو يصبح مشكلة بعد استقالته، بين نفس الكتل المتصارعة على خلافته ووراثة كرسيه، لكن في نهاية الصراع سيكون خليفته من نفس المكون، وكان المشهداني أوصى بذلك ضمن شروط الامتيازات للموافقة على استقالته، وسيكون هنالك صراع جديد ومزيد من التفكك في المكون نفسه، فيما ينتظر البرلمان عمل واجتهاد لمصالح الشعب العراقي العليا، بينها إقرار قوانين حساسة ومصيرية لاتهم طائفة لوحدها بل العراقيين بلا استثناء، في مقدمتها قانون النفط والغاز وغيره، وفي النهاية لن يخسر في حلبة صراع الكتل السياسية إلا الشعب العراقي، لأن تأخر الاتفاق على ترشيح رئيس جديد سيؤثر سلبا على أداء البرلمان والعملية السياسية برمتها.


14.1.2009
 









 

free web counter