| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

طارق حربي

tarikharbi2@getmail.no
http://summereon.net/

http://summereon.net/tarikharbiweb.htm

 

 

 

الخميس 13/8/ 2009



كلمات -266-

مقال أحمد ومسلخ براثا الطائفي!

طارق حربي

سرق مصرف الزوية بتدبير من إحدى الجهات السياسية النافذة وقتل ثمانية من الحراس الأبرياء لم يطالب أحد بدمائهم وعلى خلفية الاستعدادات للانتخابات البرلمانية القادمة بعد خمسة أشهر انبرت الأحزاب إلى دفع التهمة عن ساحتها لا أكثر أما الجريمة فلا قانون رادع لها ولا تحقيق شفاف يعلن على الشعب العراقي أما الأرواح البريئة فما من مطالب بأخذ حقها من القتلة المجرمين وصرح أحد المسؤولين (إن أفراد هذه العصابة المنتمية إلى جهة سياسية كبيرة ارتكبوا جريمتهم الشنعاء دون الرجوع إلى الجهة التي ينتمون إليها!!) ضوء أخضر لبقية العصابات التي تسرح وتمرح في العراق المفتوح من كل أطرافه أن تكون لها خارطة طريق تستند فيها إلى مرجعية سياسية يباركها رجال الدين (الأفاضل) لتنفيذ جرائم مماثلة ما أعاد إلى الأذهان أخبار الجرائم المروعة التي كان يرتكبها أبو طبر في الستينيات من القرن الماضي في إطار التصفيات السياسية وارتد العراق الجديد بالاسلام الظلامي إلى القرون الوسطى وكتب الشاعر أحمد عبدالحسين مقالا في جريدة الصباح ساخطا على ما آلت إليه الأوضاع في جمهورية الأربعين حرامي وعرى اللصوص والقتلة وسراق المال العام وهو ما يكتبه العشرات بل المئات من الكتاب في داخل العراق وخارجه يوميا ومن حق أي كاتب ومواطن (حسبما منصوص عليه في الدستور الذي شارك ممثلون عن الأحزاب الطائفية ومنهم شيخ التكفير إمام جمعة براثا في كتابته) أن يقول رأيه بصراحة ويفضح الإرهابيين والمفسدين فالعراق ليس ضيعة لحزب أو ميليشيا أو إمام جامع وكان حريا بالحكومة والأحزاب أن تستهدي بما جاء بالمقال من يقظة ضمير شاعر وكاتب عراقي مخلص لشعبه ووطنه وتضرب على أيدي اللصوص والفاسدين لكن لم تعجب بلاغة المقال الوطنية شيخ التكفير فاعتلى المنبر ورفع عقيرته بالجعير وأطلق أنواعا من التهديد والوعيد مثبتا التهمة على الجهة السياسية التي ينتمي إليها وحرّض على قتل أحمد بقوله ("سنقاضيهم بطريقتنا الخاصة") وليس خافيا على العراقيين منطق "طريقتهم الخاصة" فقد وضعت هذه الجهة السياسية من قبل لوائح الاغتيالات تضمنت أسماء المئات من الكتاب والمفكرين والفنانين الأبرياء وهددوا وقتلوا منذ التغيير حتى اليوم آلاف المثقفين وأساتذة الجامعات والأطباء والمتنورين والتكنوقراط بغرض تفريغ العراق من عقوله التنويرية وإبقائه على ذمة اللطم و(شك الزيج) في إطار التخريف المستمر للشعب العراقي ليخلو لهم الجو في الحكم ونهب ثروات العراق اتصالا بما تفرضه العرابة إيران من أجندات ونفوذ . إن تهديد شاعر وكاتب أعزل بكل هذه الصلافة يضع الثقافة والمثقفين العراقيين على مفترق طرق في العراق الجديد الذي همش فيه دور الثقافة وشرد المثقفون وأصحاب الضمائر الحية ولن يكون أحمد آخر المقموعين والمختفين من هنا فإننا أحوج ما نكون إلى وقفة الشعب العراقي بكل أطيافه والإنتلجنسيا العراقية ومنظمات المجتمع المدني والقوى السياسية وكل الجهات المؤمنة بالديمقراطية وحرية الرأي والإعلام الحر وحتما ستنتصر الثقافة العراقية المنطلقة في تظاهرة كبرى يوم غد الجمعة من شارع المتنبي ردا على تهديدات مسلخ براثا الطائفي وقمعه لصوت الثقافة العراقية الحي إن جملة ("سنقاضيهم بطريقتنا الخاصة") وحدها لو كان هنالك قانون في العراق الجديد لا يحمي المجرمين كما حمى المالكي وغطى على جرائم "وزير التجارة" الاقتصادية بحق الشعب العراق والعشرات غيره لو كان هنالك قانون لوضع الصغير في قفص الاتهام فورا حيث لا يجوز مطلقا استخدام بيوت العبادة في التحريض أو حسم الصراع ليس مع أحزاب وقوى سياسية لكن ضد الثقافة العراقية عبر التحريض ضد رموزها لتحطيم جرأة مثقف عراقي ولجم صوته ليس المثقف المستلب لكن المتماهي مع قضايا شعبه المصيرية هو الذي يخشاه الإسلام السياسي وكان حريا بالصغير بدلا من هذا التحريض كتابة مقال في صحيفة الصباح ردا على مقال أحمد وانتهى الأمر وهو ما معمول به في الصحافة العربية والعالمية ومواقع الإنترنت العراقية . لقد كان التهديد سابقا يتم في مقهى أو في الشارع وأصبح الآن يتداول في الفضائيات وخطبة الجمعة وكل خطبة لا تعبىء الشعب العراقي لخدمة البلد ومستقبله تعد باطلة برأي المواطن البسيط ومن بين أقوال الصغير ضد أحمد وصفه ("إن الشخص الذي كتب المقال لا أصل له ولا فصل") ونحن نعرف الصديق العزيز أحمد عبد الحسين ابن العراق الأبي الذي كانت له مواقف مشرفة ضد النظام البائد وهرب إلى إيران ثم إلى سوريا وحصل على فرصة لجوء في كندا ليعود بعد التغيير ويضع قلمه وفكره في خدمة قضايا بلاده المصيرية وهو أفضل بكثير من البعض الذي أتى من وراء الحدود واستلم (المايكرفون) الطائفي وحرّض على القتل في مسلخ براثا الطائفي . لاشك ستكون لقضية أحمد عبد الحسين تداعياتها على المدى البعيد في الثقافة العراقية لجهة الصراع المرير مع الاسلام السياسي باعتبار ان الثقافة في هذا البلد بدأت علمانية ، بلورتها الجامعات والمنظمات والصحافة في مطلع القرن العشرين وأن الأمثولة التي رسمها ضمير أحمد الأبيض في دخان العراق الأسود فجرت صاعق ما كان يعتمل في صدور الكثيرين من أبناء العراق وستأخذ مداها لاحقا خلال فاعلية الثقافة العراقية التي ستثبت استحالة تبعية المثقف للسياسي أو إحتواء الديني للثقافي وعلى الساحة السياسية بالفصل المحتوم بين الزمني والديني ليذهبوا إلى حسينياتهم وجوامعهم وكنائسهم وأي مكان آخر ويتركوا لنا العراق العزيز نعمره ونسهر على راحة مواطنيه بالكلمة الحرة المخلصة لوجه الشعب وجاء موقف الحكومة في جهة الحياد مخزيا لحد الآن فلم تقم بواجبها (مثل الكثير من الجرائم السابقة المعلقة) بالتحقيق العلني والشفاف حول ملابسات جريمة الزوية وسحب البساط من تحت أرجل رجال الدين ويكون أمر الشعب العراقي بيدها لا بيد خطباء الجمعة وشيوخ التكفير مستفيدة من الزخم الهائل الذي أحدثه وقوف مئات المثقفين العراقيين بكتابة المقالات وحملات الدعم المستمر وتستثمر مظاهرة المثقفين والاعلاميين يوم غد الجمعة لصالح الاعلام الحر الذي يعضد جهود الحكومة وواجب عليها أن تأمر بعودة الصديق أحمد إلى عمله بعد إلغاء قرار فصله من رئاسة القسم الثقافي في الصباح وعدم قطع رزقه وعائلته والاعتذار له فينعدل الميزان المائل الآن لصالح الحقيقة غدا ويكون النقد البناء في صالح مسيرة بناء العراق الجديد.
 


13/8/2009
 



 

free web counter