| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

طارق حربي

tarikharbi2@getmail.no
http://summereon.net/

http://summereon.net/tarikharbiweb.htm

 

 

 

                                                                                  الثلاثاء 12/4/ 2011



كلمات -374-

المالكي والدباغ : واحد يجر بالطول واحد يجر بالعرض!

طارق حربي

كلما اقتربت نهاية الحكام طلبوا السجود عن أقدام شعوبهم الغاضبة، التي طرقت أبوابهم وزلزلت كراسيهم، يطلبون مهلة يقدمون فيها إصلاحات عجزوا عنها سنوات، فبعد موجة تظاهرات عمت العراق في الفترة الماضية، طالبت فيها الجماهير النهوض بالخدمات، تحسين مفردات البطاقة التموينية ومكافحة الفساد والبطالة، وقتل فيها وأصيب العشرات من المواطنين الأبرياء، وردا على احتجاجات "جمعة رد الكرامة"، التي دعا اليها ناشطون عراقيون على موقع التواصل الاجتماعي "الفيس بوك"، طلب رئيس الوزراء نوري المالكي (الأحد 27 شباط / فبراير) مهلة 100 يوما، لتقويم عمل الوزارات والحكومات المحلية، فيما دعا رئيس مجلس النواب أسامة النجيفي، وتخفيفا لضغط الشارع العراقي، إلى إجراء انتخابات محلية مبكرة، وتعديل قانون انتخابات مجالس المحافظات، بالتزامن مع طرح مشروع تخفيض المنافع الاجتماعية للرئاسات الثلاث (المناهب الاجتماعية والسرقة المشرعنة!).

ولعل التظاهرات المطلبية والمهلة المالكية وظروف دولية وإقليمية، ماحفز التيار الصدري إلى أخذ زمام المبادرة بإشارة إيرانية، والاصطفاف وراء الجعفري والجلبي الساعي للفوز بحقيبة الداخلية!، والتهديد برفع التجميد عن جيش المهدي، لملىء الفراغ الذي سيتركه انسحاب القوات المحتلة في نهاية 2011 ، بحسب الاتفاقية الأمنية، وفي الوقت الضائع استنفرت الحكومة، كل جهودها الحزبية والادارية لمواجهة كل أنواع التحديات، أرسلت وزراء ونوابا ومسؤولين رفيعي المستوى إلى المحافظات للوقوف على احتياجاتها، استقال ثلاثة محافظين وأمين العاصمة (قدم استقالته ثلاث مرات لكن المالكي رفضها لأسباب حزبية وطائفية!)، لكن لم يُقدم إنجاز واحد بعد مرور نحو ثلث المهلة، بل تصاعدت حدة الخلافات الشخصية والحزبية إلى حد التخوين بين زعماء حزب الدعوة الحاكم من جهة، وبينهم وبين الإئتلاف الوطني والصدريين من جهة ثانية، وانعكس ذلك على أداء المالكي ووضعه في موقف محرج في مواجهة استحقاقات داخلية.

لو كان المالكي طلب المهلة في بداية شهر نيسان لقلنا إنها كذبة نيسان وانقضى الأمر!، انطمارا مع ملفات الفساد والوعود والعهود الكاذبة وأغلظ الأيمان، التي حلف بها المسؤولون العراقيون لتنفيذ المطاليب، وربما يطلب المالكي مهلة حتى نهاية العام بعد فشل المئة يوم (من يدري!؟)، مثلما طلبها الرئيس اليمني تحت ضغط التظاهرات المطالبة بتنحيته! لكنها كانت كذبة مجلجلة هدفها امتصاص غضب الشارع العراقي وزرع الانقسام في صفوفه، وتخفيف حدة التظاهرات ضد الحكومة الفاشلة ناقصة الوزراء!

في الواقع العراقي ذي العلل العصية على الحل نظرا لتراكمها واستفحالها، ربما لا تتمكن حتى 100 عصا سحرية بيد المالكي، لانجاز المشاريع الكبرى التي تنهض بالخدمات خلال الفترة المذكورة، إن الـ 100 يوم المالكية أشبه ماتكون (عطوه) عشائرية لالتقاط الأنفاس!، وتدبير حيلة من حيل 1000 ليلة وليلة ضد شعب أعزل، ماأن خرج من عهود التسلط والحرمان البعثية، حتى وقع في عهد فساد تديره الدولة ومؤسساتها، فالحكومة التي عجزت عن تأمين الطعام والكهرباء والوقود ومكافحة البطالة والفساد، خلال السنوات الست الماضية من ترؤس المالكي لها، لا يمكن لها أن تقدم المنجزات خلال 100 يوما لابل حتى 100 سنة!، مع وجود حكومة المحاصصة الطائفية والقومية والتجاذبات الأقليمية تحت ضربات العمليات الارهابية!

وجاء تصريح المتحدث باسم الحكومة العراقية علي الدباغ إن " مهلة المائة يوم التي منحت للوزارات والمؤسسات، هي جرعة منشطة قوية جداً لتقديمها خدمات فورية وعاجلة، إضافة إلى وضع خطط للفترة المقبلة من عمر الحكومة من أجل الإسراع في وضع خطط فاعلة". ، في سياق منظم من الأكاذيب التي يطلقها أركان الحكومة، اللعب بالكلام واللغو والضحك على الشعب العراقي، وإلا هل تنفع "الجرعات المنشطة" في جسد مشلول بالتحاصص والفساد، أثبتت السنوات والتجارب أن لاحلول جذرية لاستعصاء حالته إلا بموته، ومجيء حكومة صحيحة تنهض بمهامها الوطنية وتنقذ العراقيين مما أوصلتهم إليه حكومة فاسدة.

إن تصريح الدباغ وضع حدا للمهلة قبل انقضائها، مايعني الاستعداد لمواجهة الجماهير العراقية في جولات قادمة وتظاهرات عارمة في الساحات العامة، تبدأ مع الصيف اللاهب بغياب شبه كامل للكهرباء، وأرجح دخول التيار الصدري إلى حلبة المواجهة للحصول على مكاسب سياسية، تتعدى أربعة مقاعد وزارية وأربعين مقعدا برلمانيا، فالتيار يريد العراق كله بعد رحيل الاحتلال، ويبدو أن الهدف الثاني التكتيكي له هو الدعوة إلى طرد السفارة الأمريكية، استعدادا لمرحلة مابعد خروج الاحتلال بغرض ترسيخ النفوذ الايراني بدل التركي الأمريكي، مع الغرق البطىء لسفينة الحكومة، التي بدأ التطافر منها منذ فترة لتشكيل اصطفافات جديدة استعدادا لمرحلة مابعد المالكي!

لكن تبقى الكلمة الأخيرة للشعب العراقي بمواجهة حكومة كاذبة، أركانها "واحد يجر بالطول واحد يجر بالعرض!" كما يقول المثل العراقي، والمطلوب زيادة الضغط عبر توسيع نطاق التظاهرات والاحتجاجات السلمية المطلبية في عموم العراق، حتى ترحل الحكومة الفاسدة الكاذبة التي راهنت على الزمن لمزيد من الإذلال للشعب، وتدمير حاضر الوطن ورهن مستقبله بيد المجهول!


12/4/2011

 

free web counter