| الناس | الثقافية |  وثائق |  ذكريات | صحف | مواقع | للاتصال بنا |

موقع الناس .. ملتقى لكل العراقيين /  ديمقراطي .. تقدمي .. علماني

 

 

طارق حربي

TARIKHARBI@GMAIL.COM
WWW.SUMMEREON.NET

 

 

 

                                                                                  الأثنين 12/9/ 2011



كلمات -393-

الصدر (يشكر) ، المالكي (يرحب) .. والتيار يتذبذب!

طارق حربي

وضع زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر يوم الاثنين الماضي، ثلاثة شروط مضحكة لتأجيل التظاهرات، وكان مؤملا اندلاعها بوجه حكومة المحاصصة والفساد وزعماء الطوائف، في يوم الجمعة الماضية، والشروط بحسب بيان لمكتب الصدر :
1- اعطاء حصة من النفط العراقي لكل مواطن!
2- تشغيل ما لا يقل عن 50 ألف عاطل عن العمل في جميع المحافظات!
3- توزيع الوقود على المولدات في جميع المحافظات مجانا!
***
الشرط الأول لم يُعمل به في كل دول العالم المصدرة للنفط، سواء في أوبك أو خارجها!، وتوزيع الثروة بهذا الطريقة، دون تشريعات برلمانية وتوافقات انبنت عليها العملية السياسية، تعد ضربا من العبث، لكن تدغدغ مشاعر الفقراء والمسحوقين في الشعب العراقي، ممن أهملتهم الحكومة وسرق منهم المسؤولون الفاسدون، حصتهم من ثروات البلد بما فيها النفط.

ولعل الشرط الأول يحمل رسالة إلى المسؤولين الفاسدين، بضرورة التقليل من فسادهم وسرقة للمال العام، والالتفات إلى تحسين حياة الفقراء بأسرع طريقة مضحكة!، لكسب الشارع العراقي لصالح الزخم الصدري لاحقا!، لكن حتى هذه النقطة - توزيع عائدات النفط - أحبط بها الصدر المحكوم بمرجعية الحائري المقيم في إيران، لتنفيذ أوامر الولي الفقيه، بما يتلاءم ومصالح طهران لا مصالح الشعب العراقي، وفي مقدمتها تقديم كل انواع الدعم والاسناد لحكومة المالكي الكرتونية، ليظل ملف العراق مفتوحا على طاولة أي صفقات أو احتمالات أو مفاوضات بين واشنطن وطهران، وبدلا من وضع الشروط الهزيلة، كان على الصدر وتياره الضال، المشاركة الواسعة في تظاهرات جمعة البقاء 9/9 ، والضغط على الحكومة للاستجابة إلى مطاليب الشعب العراقي العادلة، في مقدمتها استتباب الأمن وتحسين ظروف الحياة المعيشية وتوفير الخدمات الضرورية للمواطنين، والكف عن اطلاق القطعان لقتل المعارضين بكواتم الصوت الرهيبة!

ويبدو الشرط الثاني أكثر اضحاكا، فنسبة الـ 50 الف عاطلا لا تتناسب مع ملايين العاطلين العراقيين ومعاناتهم، بمن فيهم خريجو الجامعات والمعاهد خلال السنوات الماضية، ذلك أن الأحزاب الطائفية والقومية المشاركة في نهب العراق وإفقار مواطنيه، لا في إعماره والعمل على رفاهية شعبه، تكاد تكون معدومة الحس الوطني إلا ما ندر في هذه الشخصية أو تلك، ولم تكلف نفسها عناء وضع برامج وطنية، لتشغيل العاطلين ضمن خطط خمسية أو عشرية أو طويلة الأمد، ولم تبدي حماسا أو مسؤولية لتدوير عجلتي الزراعة والصناعة، عماد أي تقدم وازدهار في البلدان، فيما بقيت الوظائف رهنا بنظام المحاصصة الحزبية، والمحسوبية والمنسوبية، وصلت إلى حد استيلاء المسؤولين، على نسب منها لتوظيف الأقرباء والأصدقاء وغيرهم!

أما الشرط الثالث فيبدو أنه شراء سكوت المواطنين، على عدم قدرة الحكومة الفاسدة على بناء محطات كهربائية، مثل الحكومات التي استعادت بناء المحطات بعد اشهر على انتهاء الحرب أو الغزو، كلبنان والكويت!

إن حكومة المالكي التي أقنعت الصدر، بعدم خروج تياره بتظاهرة جمعة البقاء بتأريخ 9/9، وكانت تخشى عواقبها على حكمها المهزوز وتحسب لها الف حساب، انتهت بقتل البطل الأسطورة العراقية هادي المهدي، بكاتم صوت قبل أقل من يوم واحد، لانطلاق تظاهرة عارمة أسماها الشهيد "جمعة البقاء" ، وأسماها العراقيون جمعة هادي المهدي!
ماذا نقرأ في هذه الحادثة !؟، نقرأ تمهيد الطريق أمام التيار الصدري لتسيد الشارع المغلق أصلا، لأجندات الأحزاب الايرانية الفاعلة في المشهد السياسي، وكأني بالصدر يقدم شكره إلى المالكي عرفانا لمقتل المهدي لا أكثر ولا أقل! وإزاحته من المشهد العاصف، تعقبه تظاهرة شكر مشبوهة سرعان ما رحب بها المالكي!، وتجيير أي تظاهرة مطلبية لاحقة لصالح التيار الصدري، ولا تخرج إلا من جبته!، على الطريقة الايرانية في قمع التظاهرات المطلبية الشعبية، والسماح لتظاهرات المؤسسة الدينية لا غير!، في اتفاق ضمني بين دولة القانون والتيار الصدري بمباركة ايرانية، على عدم منح الشرعية والفرصة لتظاهرة الشباب العراقي، التي مثلها المهدي أصدق تمثيل بكل عنفوان العراقي، وقادها بشجاعة منذ 25 شباط الماضي، وأطالب بإدراج ما أعلنه الشهيد من مواقف صادقة وشجاعة ضد حكومة الفساد والمحاصصة، على طريق الحرية والديمقراطية الوليدة وحقوق الإنسان، في المناهج الدراسية وتدريسها للاجيال العراقية القادمة.

وهكذا هو التيار بلا رأي راجح لانعدام وجود منظرين في زعامته أو عقلاء، وهو تيار عائم في البلاد العائمة ذات الدهاليز المظلمة الطويلة!، فهنالك تراكم من الأخطاء في التعاطي الواقعي مع القضية العراقية، عبر مسيرة التيار التي لم يصبح فيها مقتدى صدرا ثالثا!، فمرة يقف ضد ترشيح المالكي للوزارة ويضع عليه خطوطا حمرا، بحسب تصريحات نارية لبهاء الأعرجي أحد زعماء التيار، ممن ابتلى بهم عراق ما بعد صدام حسين، وأخرى يؤيده!، وثالثة يقول بأن عادل عبد المهدي هو من يمثله، ورابعة يرى بأن جعفر الصدر الأقرب إلى فكره، وخامسة يقول بأن الجعفري هو الأقرب إلى خطه السياسي .. وغير ذلك كثير!

ولا نريد العودة إلى أبعد من ذلك أي إلى تحالفات التيار المشبوهة مع هيئة علماء السنة بعد سنة 2003، المتهمة أصلا بالتعاون مع المخابرات الصدامية والارهابي الزرقاوي، أو المطالبة بتشكيل حكومة ظل!، أو دعوة الصدر في شهر شباط الماضي إلى اجراء استفتاء عام يشمل حتى كردستان!، وطرح أسئلة على المواطنين حول الخدمات المقدمة إليهم، ثم امهال الحكومة فترة ستة أشهر لتحسين أدائها، وقد انتهت المهلة، ثم اعطاء وعود بتظاهرة مليونية إن لم تنفذ الحكومة مطاليب التيار الصدري!

ما معنى تذبذب التيار مؤخرا من التصريحات النارية ضد حكومة المالكي، وتهديدها بتظاهرات مليونية، إلى التخاطب بنعومة معها وتسيير تظاهرة شكر وامتنان لمواقفها!؟

لم افهم من موقف الشكر الصدري بموافقة الحكومة على مطالبه!، وتسيير تظاهرة شكر يوم الجمعة القادمة، إلا من باب ضحك الحكومة على الصدر، وضحك الحكومة والصدر معا على الشعب العراقي!، حيث لا مطاليب حققتها الحكومة للصدر بهذه السرعة القياسية!، وهذا هو عضو الائتلاف سعد المطلبي الذي وصف مواقف التيار الصدري بـ "الوطنية" يقول " ان معظم المطالب التي تقدم بها التيار الصدري تحتاج إلى وقت كي تتحقق"

وتصريح القائمة العراقية "إن أي من المطالب التي تقدم بها التيار الصدري لم تتحقق لغاية الآن وبعضها غير ممكنة التحقيق"

وتصريح آخر للناطق باسم حركة الوفاق الوطني عادي الظالمي "إن المطالب التي تقدم بها التيار الصدري صعبة التطبيق ولم يتحقق منها أي شيء لغاية الآن"، و... أن "بعضها لا يمكن تحقيقه".
***
تيار متذبذب بلا عقيدة عراقية، وحكومة لا أمل في اصلاحها بدأت تقتل معارضيها بكل قسوة، لأنهم طالبوا بالكهرباء والماء الصالح للشرب والوظائف والأمان، وهدنة جديدة تشبه هدنة المئة يوم المالكية، وهذا هو العراق يغلي نظرا لما يعانيه من انتشار الفساد على نطاق واسع، وتصفية المعارضين بكواتم الصوت، وارتفاع نسب البطالة والركود الاقتصادي وتدهور الأحوال الخدمية والمعيشية، وعلى شباب العراق أمله ورجاؤه عدم التعويل على مشاركة التيار الصدري في التظاهرات المطلبية القادمة، وهو المشارك في السلطتين التشريعية والتنفيذية، والموجه من الخارج بأجندات إيرانية، عليهم التصدي لحكومة المالكي الفاسدة المستبدة بكل الوسائل السلمية المتاحة، لتصحيح المسيرة الديمقراطية التي دفع العراقيون من أجلها ثمنا غاليا.


12/9/2011
 


 

free web counter